Al Jazirah NewsPaper Tuesday  17/03/2009 G Issue 13319
الثلاثاء 20 ربيع الأول 1430   العدد  13319
لما هو آت
ما تلبس؟!
د. خيرية إبراهيم السقاف

 

أي الأثواب تنتقي حين تؤم السوق والبضاعة كثر؟

قال الرجل وهو يتجه لعربته ومعه من أبنائه ثلاثة، فأجاب الكبير بعد أن استقر فوق مقعده، وسحب حزام الأمان وطوق به صدره: سأتخير ما يناسبني، فقال الأب وهو يتوجه للأوسط: وأنت ؟ فأجاب: سأنتقي ما يشابه المعروض في قناة العرض لأحدث الأزياء، فأعاد الأب السؤال للصغير: فكانت إجابته: كما يلبس فريقي الكروي، فقد شاهدت موديلا يرتديه حارس المرمى في لقاء تلفازي وأعجبني،.. أعاد الأب كرة الأسئلة بادئا بالأصغر هذه المرة: وإن لم تجد ؟ قال، لا، فقد عرفت أين يعرض ويباع، إنهم يوزعون في حاملات الإعلانات في الشوارع عروضا فيها دليلنا ففريقنا كبير، وهو يعلي من قيمة المنتجات التي يرتديها، أما الأوسط، فقال مجيبا عن سؤال أبيه: كيف لا أجد والقناة التي عرضت الأزياء ذيلت على الشاشة أسماء المخازن التي يباع فيها الحديث والجديد في بيوت الأزياء، وحين جاء دور الكبير ليجيب بادر بقوله: ما يناسبني يا أبي متوافر لكنه مرتفع الثمن لأنه يمثل آخر التصاميم، يناسبني أن أظهر بشكل عصري، وبمظهر يعبر عن جيلي وزمني،..أعاد الأب كرة سؤال جديد: ماذا يعني لك أن تلبس ثوبا ؟ وقبل أن يجيب أحدهم أو يلفت الأب رأسه لأحدهم، نطق ثلاثتهم معا: (لا لا أريده ثوبا)..، دُهش الأب وهو يقول: أقصد لباسا ؟ فأعادوا إجاباتهم في صيغة سؤال: أتقصد لباس السُّنَّة ؟.. هز رأسه ضاحكا في حسرة وهو يقول: يبدو أن الشاشات العارضة، وثقافة الدعايات، ومتغيرات النمطية في الملبس، وعروض التجار، ورفقة الصحبة قد نشبت أظافرها في جلودكم الخفية عن بصيرتي، أنا أقصد ما الذي يعني لكم ما تلبسونه تسترون به أجسادكم الظاهرة..؟ ضحك الثلاثة وهم يتغامزون،.. توقف الأب بعربته بجوار محل كبير على مدخله بخط عريض كتب: (حديقتي للحيوانات).

قال: انزلوا، فسأله الصغير إن كان سيبتاع لهم ما يحبونه من الطيور والقطط، فتقدمهم بصمت، وفي داخل المكان جمعهم بجوار الأقفاص وهو يقول: هل غيرت هذه الحيوانات مظهرها ؟ إنها لم تبدل ريشها ولا ألوانها، ولا أصواتها، وإن سجنت أو أطلقت.

أخذ الكبير يتفكر في دهشة، والأوسط يسأل عن المعنى، والصغير يقول لأبيه: انظر أبي لهذا الديك إنه كما ديك الجيران، قال الأب: فإن صدح الآن فلن يتغير صوته، وإن لم تره هناك فستعرف أنه تماما كما هذا الديك..

وحين عاد الثلاثة مع أبيهم كانوا يحملون ثيابا جديدة نظيفة ناصعة، من أقرب محل لبيع الثياب بجوار بيتهم.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد