Al Jazirah NewsPaper Tuesday  17/03/2009 G Issue 13319
الثلاثاء 20 ربيع الأول 1430   العدد  13319
مبدأ حسن الجوار

 

حسن الجوار من أهم المبادئ الأساسية التي تنظم العلاقات السياسية بين الدول المتجاورة. وأي إخلال بهذا المبدأ ينعكس سلباً على استقرار المنطقة كلها، وليس على علاقات الدولتين المتجاورتين. وكثير من الحروب التي تندلع بين الدول ترجع إلى عدم احترام هذا المبدأ الذي أقرته وأكدت عليه الديانات السماوية والقوانين الدولية.

ويستلزم هذا المبدأ أموراً عدة، أولها عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول المتجاورة، أو استغلال ظروفها السياسية والأمنية والاقتصادية على نحو سيئ؛ فعلى سبيل مثال اشتكت منطقتنا العربية كثيراً من هذه المسألة. وبعض الدول تستغل ظروف جيرانها أو تركيبتها الاجتماعية والطائفية من أجل كسب مزيد من النفوذ أو تحقيق مصالح على حساب جارتها! كما حدث - على سبيل المثال لا الحصر - مع العراق الذي عانى من التدخل الإيراني الذي لعب بورقة الطائفية بعد احتلال أمريكا وسقوط نظام صدام!

كذلك فإن حسن الجوار يستلزم احترام الحدود وعدم التلاعب بها، أو خرق الاتفاقيات الدولية حولها. ولا شك أن الاستعمار في منطقتنا ترك وراءه قضايا حدودية شائكة، والدولة التي تسعى لتحقيق الاستقرار لديها وفي المنطقة هي التي ترسم حدودها الدولية بالاتفاق مع جاراتها، ووفقاً للوثائق التاريخية. ولعلنا نضرب مثلاً جميلاً في هذا الصدد، وهو الخلاف السابق بين دولتي قطر والبحرين الشقيقتين حيال جزيرة حوار؛ فالدولتان تعاملتا مع القضية بشكل حضاري رفيع، ورفعتا القضية إلى محكمة العدل الدولية التي حكمت لصالح البحرين في 2001م، منهيةً بذلك خلافاً استمر عقوداً!

كذلك من حسن الجوار عدم توريط المنطقة في أزمة أو حرب بسبب بعض السياسات المتهورة أو المتعجلة، والأمثلة على ذلك كثيرة، كالأزمة الإيرانية مع دول العالم بخصوص برنامجها النووي وهو الذي يقلق المنطقة كلها!

ومما يستلزمه هذا المبدأ أيضاً احترام سيادة الدول عامة والمجاورة خاصة وعدم انتهاكها، ولعل أسوأ أنواع الانتهاكات هو الاحتلال العسكري؛ فاحتلال العراق للكويت في مطلع تسعينيات القرن الماضي، وهو ما يتناقض تماماً مع المبدأ الذي نناقشه، بل إنه أدخل المنطقة منذ ذلك الوقت حتى اللحظة في دوامة من الأزمات، وما زالت المنطقة تعاني منها أمنياً واقتصادياً وبيئياً! وكان من الممكن تجنب كل ذلك لو تم احترام هذا المبدأ ونُوقشت القضايا الخلافية انطلاقاً من هذا المبدأ.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد