Al Jazirah NewsPaper Wednesday  18/03/2009 G Issue 13320
الاربعاء 21 ربيع الأول 1430   العدد  13320
أثر الحبر أو وثيقة حب لمبدعين أحياء
د. فوزية عبدالله أبو خالد

 

أودّ هنا أن أُثني على اقتراح د. غازي القصيبي على جريدة الجزيرة في رسالته الشجية الثلاثاء ما قبل الماضي على الصفحة الأخيرة من الصحيفة بتحويل عدد المجلة الثقافية بتاريخ 8-3-1430هـ الموافق 5 - مارس 2009م إلى كتاب. وإن اختلفت أسبابي في التثنية على الاقتراح عن أسباب القصيبي.

فإذا كان لغازي أسبابه الذاتية التي لا تخلو مثل الكثير من أعماله من أبعاد وجودية وفلسفية تذهب أبعد مما يمنحه النص للقراءة الأولى، حيث اكتفى في إشارته بتحويل عدد المجلة الثقافية الخاص به إلى كتاب ليكون بمثابة (أثر من حبر) يشهد على عبوره نهر الحياة في هذه الأرض، فإن أسبابي سوى ذلك كثير، وأهمها ما يتعلق بمهنتي كهاوية من هواة القيافة البحثية والحفر المعرفي إن صح التعبير.

فالعدد في رأيي يشكّل (وثيقة حب عربية نادرة) في تاريخ الوثائق المجففة المتعارف عليها في سجل التوثيق العربي. وبإمكانكم إن شئتم أن تحبروا كلمة (وثيقة حب) باللون الأحمر من باب الجرأة على تسمية الأشياء بأسمائها ولو لمرات قليلة في حياتنا. فالكتابة التي حملها العدد المشار إليه من المجلة الثقافية لم تكن في معظمها تعبيرا عن المنظومة الجاهزة لكتابة (المناسبات) عن شخصيات عامة؛ فهي وإن لم تشتمل على كتابة نقدية بالمعنى الأكاديمي أو الأدبي فإنها لم تكن كتابة (مديح) بالمعنى الموروث للغة الخطاب الشعري؛ لأنها على الأقل على مستوى الوصفي لذلك الموروث قد خلت من غائية أغراض التقريظ ولغته المتكلفة المتعارف عليهما. كما أنها - وهذا مهم جدا لسياق تناولي - كانت كتابة غير ملتبسة بتلك الروح (التأبينية) التي كثيرا ما يكتب بها الأدباء عن الزملاء حتى في حالة أنهم يكتبون عنهم وهم لا يزالون أحياء؛ حيث ربما لم يتعود الكثير منا شجاعة الاحتفاء ببعضنا البعض إلا بعد الوداع الأخير. لقد كان جمال تلك الكتابة عن التجربة الروائية والشعرية والثقافية لغازي القصيبي أنها جاءت بأقلام شهود أحياء عن تجربة حية لا يزال صاحبها مكللا بعرق الإبداع وبشهوات التجريب في كل كتاب جديد من كتبه. وهذا برأيي ما جعلها (وثيقة حب) وهو أحد دوافعي القيافية لتحويلها إلى كتاب؛ لأنني أرى في هذه التجربة (وهي مثل مبادرة موقع جهات الشعر الإلكتروني لقاسم حداد) التي يجتمع فيها مجموعة من الكتاب من المحيط إلى الخليج على قلب واحد ومن ينابيع متعددة ليكتبوا خارج عقد العلاقات (الصراعية) في الميول والاتجاهات والانتماءات عن تجارب بعضهم البعض بشفافية وشغف، ظاهرة حب تستحق القراءة والفَهْم والتكريس خارج الفَهْم التقليدي لعلاقة أصحاب المهن بعضهم البعض، بأعمق من مجرد الطرح السيسيولجي للتضامن الآلي وأبعد من المعنى السياسي والمهني للترابط النقابي. وهذا الاقتراح يمكن تعميمه أيضاً على أعداد أخرى من المجلة الثقافية خصصت لقامات ثقافية وإبداعية أخرى.

تعديل على اقتراح تحويل العدد إلى كتاب:

نحو سلسلة كتب (وثيقة حب لمبدعين أحياء)

أقدر ل(الجزيرة) وللزملاء بالمجلة الثقافية مبادرتهم لتأصيل ظاهرة الاحتفاء (الموضوعي) بالإبداع وبالمبدعين في إنتاج (وثيقة حب) عن باقة من المبدعين العرب كمصطفى محمود وغسان تويني ومن المبدعين السعوديين كتجربة خيرية السقاف وعبد الجبار ومنصور الحازمي وغازي وآخرين ممن أطعموا ضوء عيونهم طواعية وبسخاء لبحور الحبر وغابات الأوراق، إلا أنه قد أدهشني وحز في نفسي ما يشبه الغياب التام لمشاركة أقلام أدباء وكُتّاب سعوديين سواء للكتابة عن مواطنيهم أو عن كُتّاب عرب من الذين جرى تخصيص أعداد خاصة بتجاربهم الإبداعية باستثناء مشاركات قليلة من الكُتّاب السعوديين. ومع أنني أتفهّم إلى حد ما التركيز على دعوة مشاهير الكُتّاب العرب للكتابة عن تلك الشخصيات الثقافية العربية أو السعودية المعنية بالتكريم وذلك ربما لإعطاء بُعد عربي للمجلة الثقافية ولمد جسور التواصل مع الرموز الإبداعية العربية، إلا أنه لهذا الهدف بالذات يفترض توجيه الدعوة أيضا لكُتّاب سعوديين للكتابة عن الرموز العربية بما فيها السعودية. وقد سبق وسقت هذه الملاحظة بشيء من العتب الحاد كعادتي في الحدة عندما خرج عدد المجلة الثقافية الخاص بمحمود درويش قبل عدة سنوات ولم تكن مشاركات وآراء الكتاب والشعراء السعوديين فيه تتجاوز أصابع اليد الواحدة على الرغم من وجود أسماء ورموز ثقافية لدينا كان لديها ما تقوله وما يستحق الذكر في تقاطعها الإبداعي والإنساني مع محمود درويش وتجربته الشعرية؛ ما كان سيفسح مكانا لنا إلى جانب الكُتّاب العرب ممن استضيفوا في العدد الخاص بدرويش للكتابة عن معرفة إبداعية وشخصية بالشاعر، فيكشف عن تواشج لم يكن معروفا ربما.

وقد كان الزميل د. إبراهيم التركي من سعة الصدر أن استعد لنشر لاحق لما أريد إلا أن الدعوة في رأيي وصلت متأخرة، كما أنني كنت أريدها لغيري وليس لي وحسب.

غير أنني لن أقول نفس الشيء عن العدد الخاص بتجربة غازي القصيبي لأن العدد في رأيي يكون ناقصا خاصة في اقتراح تحويله إلى كتاب إذا لم يُضف عليه جزء يخصص للوقوف على تجربة غازي القصيبي في عيون رموز وكتاب الإبداع السعوديين. فلقد رأيت كباحثة أن عمل أ. عبدالله القشعمي (عبدالرحمن منيف في عيون مواطنيه) أثر أستنطق رأيا كان مبعثراً أو مقنعاً لتجربة المنيف الروائية. وبالنسبة لغازي القصيبي روائياً وشاعراً ورمزاً ثقافياً مستنيراً فإن هناك الكثير مما كتبه كُتّاب سعوديون عن التجربة في نفس سياق الكتاب المقترح بما لها أو عليها، ومنها ما جاء بمجلة النص الجديد بالتسعينيات الميلادية، ولن يكون آخرها تلك الكتابة الحميمة والنفاذة التي كتبها مؤخراً الشاعر علي الدميني بمجلة دارين عن قصيدة الشتاء للقصيبي وفيها استبطان لمشوار غازي إبداعيا وإنسانيا وسياسيا.

الخلاصة أنه مع أهمية قراءة تجربة القصيبي بأقلام عربية فإنه مكمل لها قراءتها من الداخل أيضا. وهذا هو التعديل الطفيف لمقترح تحويل تلك الأعداد الخاصة للمجلة الثقافية إلى سلسلة كتب لتكون حقا وثيقة حب لمبدعين عرب وسعوديين أحياء بأقلام الكُتّاب والمبدعين من الماء إلى الماء.

* * *

الثبيتي موعد مع الصبح:

للثبيتي دعاء إلى الله من قلوب تتهجى النهار من فلوات قصائده بأن يخرج من تجربة الوجع كعادته شامخ القامة شفيف الرؤى، مكللا بشهد الشفاء وحرير الصحة.

* * *

فوزية البكر نقطة الانطلاق:

تهنئة للصديقة د. فوزية البكر لاحتفاء المركز الثقافي المشترك بالكتاب الذي أشرفت على ترجمته بالعنوان أعلاه، وفيه إضاءة على أمثلة من المجتمع السعودي توجت نقطة الانطلاق الأولى بالتميز والنجاح بالعمل والكفاح.

* * *

فهم إنساني للإسلام

تمتعت فترة معرض الكتاب بذلك الكتاب الذي أهدتنيه الصديقة د. لطيفة الشعلان بطباعته الأنيقة الموثقة ومضمونه الغني ومقدمة موضوعية وضعتها عن الأعمال الإذاعية التي قدم فيها والدها رحمه الله في حقبة مبكرة من التسعينيات الهجرية رؤية مؤصلة وجديدة في فهم إنساني للإسلام.



* Fowziyah@maktoob.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد