Al Jazirah NewsPaper Friday  20/03/2009 G Issue 13322
الجمعة 23 ربيع الأول 1430   العدد  13322
انظر إلى من هو أسفل منك
د. أحمد بن صالح بن إبراهيم الطويان*

 

مع وصية المصطفى - صلى الله عليه وسلم - لنا حيث قال: (انظروا إلى من هو أسفل منكم ولا تنظروا إلى من هو فوقكم فإنه أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم).

وصية جامعة فيها راحة القلب وطمأنينة النفس تبعث في القلب والشكر والرضا بما قسم الله وأعطى وتطهر النفس من التعلق بالدنيا.

وإن المتأمل أحوال الناس اليوم يجد أن الداء الذي يعانون منه هو النظر للآخرين ممن هم أكثر مالاً ونعماً، فحينئذ يحقرون نعمة الله عليهم ويزدرونها ولا يلهمون شكرها، بل يتسخطون على قضاء الله وقدره، ويعيشون في الهم والحزن لماذا لم يحصل لهم مثل ما حصل لغيرهم.

وإن الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - أوصى في هذه الوصية الجامعة بالنظر إلى من هو دوننا في الدنيا لتشكر النعمة التي يعيشها.

فمن أنعم الله عليه بصحة وعافية يذكر من هو دونه من المرضى ومن أصيب بمرض ينظر إلى من هو أعظم مرضاً وضرراً فيحمد الله على كل حال.

ومن كان رزقه كفافاً ينظر إلى من لا يجد نعمة العيش إلى من لا يجد لباساً ولا كساء ولا دواء فيحمد الله. من له بيت يؤويه يتذكر من ليس له ما يكنه من المطر والشتاء والصيف. هكذا أمرنا لكي نعيش ونحن حامدون شاكرون لله سبحانه وتعالى. وإن هذه الوصية هي الزهد في الدنيا.

جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله دلني على عمل إذا عملته أحبني الله وأحبني الناس فقال: (ازهد في الدنيا يحبك الله وازهد فيما في أيدي الناس يحبك الناس) رواه ابن ماجه.

وعن أبي هريرة قال، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة أن يقال له: ألم أصح لك جسمك وأروك من الماء البارد) رواه ابن حبان وهو صحيح.

وفي الحديث ما طلعت شمس قط إلا بعث بجنبيها ملكان يناديان يسمعان أهل الأرض إلا الثقلين: (يا أيها الناس هلموا إلى ربكم فإن ما قل كفى خيراً مما كثر وألهى) رواه أحمد وهو صحيح. (قد أفلح من سلم ورزق كفافاً وقنعه الله بما أتاه) رواه مسلم.

أما من تعلق بالدنيا ونسي الآخرة، فقال - صلى الله عليه وسلم - (من أحب دنياه أضر بآخرته ومن أحب آخرته أضر بدنياه فآثروا ما يبقى على ما يفنى) رواه أحمد وهو صحيح.

وقال - صلى الله عليه وسلم - من تكن الدنيا نيته يجعل الله فقره بين عينه ويشتت عليه ضيعته ولا يأتيه منها إلا ما كتب له، ومن تكن الآخرة نيته يجعل الله غناه في قلبه ويكفيه ضيعته وتأتيه الدنيا وهي راغمة) رواه ابن ماجه وهو صحيح.

وقال - صلى الله عليه وسلم -: (هلك الكثرون إلا من قال هكذا وهكذا وهكذا ثلاث مرات حث بكفيه عن يمينه وعن يساره وبين يديه وقليل ما هم).

وإن في التطلع إلى ما أعطي الآخرون من النعم فيه تسخط على الله في قدرته وعطائه وقد يكون المنع خير لك كما في الحديث: (إن الله يحمي أحدكم من الدنيا كما يحمي أحدكم الطعام عن مريضه).

بالقناعة تنال السعادة والراحة والطمأنينة وبالاستشراف بما عند الناس والتطلع بما يملكه الآخرين تكون التعاسة والشقاوة والنكد والكمد والحسد والحقد.

وما هي هذه الأمراض التي فتكت بالمجتمعات إلا نتيجة حتمية بترك وصية المصطفى - صلى الله عليه وسلم -.

* الرياض


twoian@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد