Al Jazirah NewsPaper Thursday  26/03/2009 G Issue 13328
الخميس 29 ربيع الأول 1430   العدد  13328
الاستراتيجية الوطنية لحماية النزاهة مكافحة الفساد أبرز ملفات المرحلة القادمة
د. عبدالمجيد محمد الجلاَّل

 

في الأول من شهر صفر من العام الهجري 1428 أقرَّ مجلس الوزراء حيثيات وبنود الاستراتيجية الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد، والتي كانت ترجمة لتوجيه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله، في إطار برنامجه الإصلاحي والتطويري الشامل.

لقد جاءت أهداف هذه الاستراتيجية لتعكس رغبة الدولة في إضفاء عنصر الشمولية في الطرح والمعالجة، من خلال التأكيد على الآتي:

1. حماية النزاهة ومكافحة الفساد بشتى صوره ومظاهره.

2. تحصين المجتمع السعودي ضد الفساد، بالقيم الدينية، والأخلاقية، والتربوية.

3. توجيه المواطن والمقيم نحو التَّحلي بالسلوك السليم واحترام النصوص الشرعية والنظامية.

4. توفير المناخ الملائم لنجاح خطط التنمية، ولا سيما الاقتصادية والاجتماعية منها.

5. الإسهام في الجهود المبذولة لتعزيز وتطوير وتوثيق التعاون الإقليمي، والعربي، والدولي، في مجال حماية النزاهة ومكافحة الفساد.

6. تحقيق العدالة بين أفراد المجتمع.

وكان من أبرز آليات هذه الاستراتيجية إنشاء هيئة وطنية لمكافحة الفساد، أُطلق عليها اسم: (الهيئة الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد) وتمَّ حصر مهامها في الوظائف التالية:

أ?. متابعة تنفيذ الاستراتيجية، ورصد نتائجها، وتقويمها، ومراجعتها، ووضع برامج عملها، وآليات تطبيقها.

ب?. تنسيق جهود القطاعين العام والخاص في تخطيط ومراقبة برامج مكافحة الفساد وتقويمها.

ج?. تلقي التقارير والإحصاءات الدورية للأجهزة المختصة، ودراستها، وإعداد البيانات التحليلية في شأنها.

د. جمع المعلومات والبيانات والإحصاءات، وتصنيفها، وتحديد أنواعها، وتحليلها، وتبادلها مع الجهات المختصة ذات العلاقة.

في مرحلة التطوير والإصلاح المؤسسي والهيكلي للدولة السعودية، تبدو أهمية تطبيق بنود هذه الاستراتيجية بكل منطلقاتها، وأهدافها، ووسائلها، وآلياتها، وتفعيل العمل بها داخل مؤسسات القطاعين العام والخاص، وبما يساعد على تحسين مستويات الأداء والإنتاجية، وتبسيط الإجراءات، وسرعة البتِّ في المعاملات وإنجازها، إضافة إلى وقف الهدر والتبديد النسبي للمال العام والموارد المتاحة، سواء عبر الوسائط غير المشروعة (إساءة استخدام الوظيفة العامة لتحقيق مكاسب خاصة)، أو عبر آليات الإنفاق غير الرشيد، وبما يُعد في الأدب الإنمائي أحد أبرز معوقات التنمية المستدامة.

إذن من المؤمل في المرحلة القادمة أن يزداد نشاط الهيئة الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد، فتتخذ خطوات عملية محسوسة، على صعيد تنفيذ بنود هذه الاستراتيجية، من خلال استكمال إنجاز قاعدة بيانات عمومية لرصد حجم المشكلة، وتداعياتها، وإعداد البرامج والخطط والدراسات المساندة، والتنسيق مع كل الجهات ذات الصلة، بما يخص متابعة ومراجعة وتطوير الإجراءات، والأنظمة الرقابية والمالية والإدارية، ومعالجة أوجه القصور والخلل، والتأكد من سلامة إجراءات العمل، ومطابقتها للأنظمة.

في هذا المقام، وتعزيزاً للتحولات الإصلاحية الجارية في المملكة، أضع بين يدي الهيئة أبرز البنود الواردة في الاستراتيجية، والتي تحتاج إلى العناية والرعاية، والمعالجة بأسرع وقتٍ ممكن، وباستخدام كل الأساليب والأدوات الممكنة:

أولاً: المادة رقم (2) من (ثالثاً - الوسائل)، وتحديداً الفقرات التالية:

- (ز):(اختيار المسؤولين في الإدارات التنفيذية التي لها علاقة بالجمهور من ذوي الكفايات، والتعامل الحميد مع المراجعين، والتأكيد على مديري الإدارات بإنهاء إجراءات معاملات المواطنين، ومراقبة الموظفين حتى لا يضعوا العقبات أمام تلك المعاملات).

- (ح):(التأكيد على عدم التمييز في التعامل، وعدم النظر إلى المركز الوظيفي أو الاجتماعي للشخص).

- (ط):(العمل بمبدأ المساءلة لكل مسؤول مهما كان موقعه، وفقاً للأنظمة).

ثانياً: المادة رقم (3) من (ثالثاً - الوسائل): (إقرار مبدأ الوضوح (الشفافية) وتعزيزه داخل مؤسسات الدولة). وتحديداً الفقرة (أ): ونصها: (التأكيد على مسؤولي الدولة بأن الوضوح وسيلة فاعلة للوقاية من الفساد، وإنَّ اعتماده كممارسة وتوجه أخلاقي يضفي على العمل الحكومي المصداقية والاحترام).

ثالثاً: المادة رقم (6) من (ثالثاً - الوسائل): تحسين أوضاع المواطنين الأُسرية والوظيفية والمعيشية، وتحديداً الفقرات التالية:

- (أ) التأكيد على مبدأ تحسين أوضاع المواطنين الأُسرية والوظيفية والمعيشية، وبخاصة ذوي الدخل المحدود، وتوفير الخدمات الأساسية لهم.

- (ب) إيجاد الفرص الوظيفية في القطاعين العام والخاص، بما يتناسب مع الزيادة المطردة لعدد السكان والخريجين، والاهتمام بتأهيلهم طبقاً لاحتياجات سوق العمل.

- (ج) الحد من استقدام العنصر الأجنبي.

- (د) تحسين مستوى رواتب الموظفين والعاملين، وبخاصة المراتب الدنيا

ومن ثمَّ فأمام الهيئة جدول حافل بالأعمال والمهمات الصّعبة، ولن يتأتى إنجازه إلا من خلال تطبيق آلية عمل لا تخضع لمثالب الروتين والبيروقراطية، بحيث تكون على درجة عالية من المهنية والجرأة والشفافية، تسمح بتحقيق مؤشرات إنجاز مستهدفة، في مجال حماية النزاهة ومكافحة الفساد، بما يعيد الثقة والمصداقية نسبياً إلى إيقاع العمل العام بإجراءاته وتنظيماته، ويحفظ الحقوق من الضياع في دهاليز الإجراءات البالية، والسلوكيات الفاسدة (المحسوبية والفؤوية والمتاجرة بالنفوذ) ويحفظ المال العام والموارد المتاحة من أدواء الخيانة والتزوير، والاختلاس.

قد يرى المتشائمون أنَّ الشَّق أكبر من الرقعة، وأنَّ الفساد بشقيه المالي والإداري قد استوطن جهات بعينها، ولكن كما يقال: (في الحركة بركة) والأمل معقود بإذن الله تعالى على الهيئة الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد، للعمل بكل أمانة وإخلاص على سد الثغرات، ومعالجة العثرات، وترجمة دعم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله لهذا التوجه النبيل والخلاَّق، بما ينعكس إيجاباً على مجمل النشاط الاقتصادي والمجتمعي،

وفي الانتظار!

من مأثور الحِكم:

الحَزْمُ قَبْلَ العَزْمِ فاحْزِمْ واعْزِمِ

وإذا اسْتَبانَ لَكَ الصَّوَابُ فَصَمِّمِ




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد