Al Jazirah NewsPaper Thursday  26/03/2009 G Issue 13328
الخميس 29 ربيع الأول 1430   العدد  13328
التغيير الإداري بين القبول والرفض 2-2
د. عبدالله بن سليمان العمار

 

استكمالاً لما تم طرحه سابقاً عن قضية التغيير الإداري في المنظمات وما ينتج عنه من معارضة وعزوف ورفض لمبدأ التغيير وظهور العداوات والمشاحنات بين الأفراد في العديد من المجالات الاجتماعية والإنسانية والإدارية وغيرها، وهذه المقاومة إن استمرت وغلبت ولم يعد بالإمكان التصدي لها ومقاومتها فإنها سوف تبقي المنظمات والأفراد خلف أسوار العزلة والتخلف،

وخاصة أننا نعيش في عصر يشهد تغييرات متسارعة، وتطورات في مختلف المجالات، حيث لا تبقى فرصة أو مجال لعدم التغيير لأجل مواكبة عصر العولمة وليظل من يعمل غير ذلك خارج المعادلة، ومتخلفاً عن الركب الذي ينطلق بوتيرة متسارعة نحو الأفضل.

إن التغيير سنّة من سنن الحياة، والمنظمات المعاصرة عبارة عن نظم اجتماعية يجري عليها ما يجري على الكائنات البشرية فهي تنمو وتتطور وتتقدم وتواجه التحديات، وتصارع وتتكيف من أجل البقاء، ومن ثم فإن التغيير يصبح ظاهرة طبيعية تعيشها كل منظمة صغيرة أو كبيرة. والمنظمات لا تتغير من أجل التغيير نفسه، بل تتغير لأنها جزء من عملية تطوير واسعة، ولأنه يجب عليها أن تتفاعل مع التغييرات والمتطلبات والضرورات والفرص في البيئة التي تعمل بها وتؤثر وتتأثر بها.

وحتى تستطيع المنظمات إحداث التغيير في أنظمتها لتحسين العمل وتجويده، وقد تختلف كل طريقة عن غيرها في بعض الإجراءات، إلا أن منهجية التغيير المطلوبة يجب أن تقوم على مشاركة العاملين في التغيير، وذلك من خلال إيجاد شعور جماعي بالرغبة في التغيير بتوفير وتبادل المعلومات اللازمة والدقيقة وتقدير مشاركات الأفراد وتحقيق النتائج المرغوبة.

وهناك مصادر أخرى مرتبطة بالنظام الاجتماعي مثل الانسجام مع المبادئ (القناعات) وتماسك النظام والفوائد والحقوق والطبيعة الخاصة لأشياء معينة ورفض غير المألوف، وللتغلب على أسباب مقاومة التغيير فلا بد من تحليل المعلومات المتعلقة بأسباب مقاومة التغيير، واعتراف الإدارة العليا بالمشكلة وبناء الثقة بين العاملين والإدارة العليا وتوسيع قاعدة المشاركة لإحداث التغيير وعدم طلب المستحيل (التأكد أن التغييرات المستهدفة معقولة وممكنة على أرض الواقع) وتقديم الحوافز من أجل التغيير واستخدام الدوافع الإنسانية، مثل دوافع الإنجاز والتفوق والانتماء من أجل التغيير واختيار الوقت المناسب لتطبيق خطة التغيير وغير ذلك.

وتتأثر عملية التغيير بمستوى الموارد البشرية ومهاراتها وقناعاتها واستعدادها لعملية التغيير، وهي في ذات الوقت تؤثر في تنمية وتطوير مهارات هذه الموارد البشرية كجزء من عملية التغيير نفسها. إن عملية التغيير تنجح إذا اعتمدت على المشاركة الفعالة من قبل الفريق القادر على إدارة العملية بفعالية ومقدرة، وقيام هذا الفريق بعملية التقويم الذاتي، وإشراكه للعاملين، وشرح الرؤية المتوقعة من عملية التغيير، لذا فإن تحديد الرؤية الواضحة والمفهومة للجميع توضح الهدف النهائي الذي تود المنظمة الوصول إليه وتصبح هذه الرؤية هي الدليل الذي يهتدي به الجميع لتحقيق أهداف المنظمة، كما تعتبر القيم التي تؤمن بها المنظمة للوصول إلى أهدافها بنجاح مهمة جداً لأن القيم تمثل الرغبة الداخلية في التطوير وتحقيق الأهداف والسلاح القوي للتنفيذ.

وهناك العديد من العناصر التي يجب أخذها في الاعتبار لضمان نجاح الجهود المبذولة في التطبيق والتي تهدف إلى النجاح في التغيير، مثل خلق رؤية عامة مشتركة في كل منظمة (دور الإدارة العليا) وإدارة عملية التغيير (دور المسئول عن إحداث التغيير) وتحديد العلاقة بين المخططين والمنفذين وبناء وتوطيد العلاقات القوية الفعالة بين الفنيين والإداريين والتطبيق على مراحل والتدريب وتشجيع الأفكار الابتكارية والمحافظة على استمرارية جهود التغيير وتشجيع ودعم النتائج والتحفيز والمكافأة للوصول إلى التغيير المطلوب وتحقيق النتائج المرجوة منه.



aammar@saudiedi.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد