Al Jazirah NewsPaper Saturday  04/04/2009 G Issue 13337
السبت 08 ربيع الثاني 1430   العدد  13337
بين الكلمات
عمة أوباما
عبدالعزيز السماري

 

وأخيراً تم ترتيب آخر الإجراءات لترحيل عمة الرئيس باراك أوباما، وهي الآن تستعد لحضور جلسة لترحيلها هذا الأسبوع بسبب دخولها البلاد وبقائها فيها بصورة غير شرعية، والجدير الذكر أن الأخت غير الشقيقة لوالد أوباما الكيني زيتونة أونيانغو فرت إلى كليفلاند في الخريف الماضي بعد بث تقارير في وسائل الإعلام تفيد بأنها تقيم في البلاد بصورة غير قانونية، مشيراً إلى أن أوباما لم يتدخل لحل قضيتها، لأنه ينبغي أن تأخذ الأمور سياقها القانوني المعتاد، وأن لا يستغل الرئيس الأمريكي نفوذه السياسي من أجل خدمة مصالحه الشخصية.

اعتادت الحضارة الغربية إرسال إشارات وعلامات تدل على اتساع هوة الفارق الحضاري بين الشرق والغرب، فقبل أكثر من عقد من الزمان تم التحقيق من خلال محاكمة علنية مع القاضي كلارانس توماس المرشح لاعتلاء أعلى منصب قضائي في الولايات المتحدة بتهمة التحرش الجنسي لسكرتيرته، ومن خلال هذه الحادثة ظهرت قوانين جديدة لمكافحة التحرش الجنسي، وبعدها بسنوات تم استجواب الرئيس الأمريكي بيل كلينتون بتهمة علاقة غير شرعية مع متدربة في البيت الأبيض، وقبل ذلك بعشرين عاماً، استقال الرئيس الأمريكي نيكسون بسبب تغطيته لعملية التجسس على الحزب الديمقراطي.. وغيرها من المحاكمات العلنية لأولئك الذين يرتكبون الجرائم في حق الأمة الأمريكية.

ومهما اختلفنا مع العم سام في سياساته وإستراتيجياته التي تتعارض مع مصالح الدول العربية في كثير من الأحيان، ومنها دعمه المطلق لإسرائيل، وسياسة الاقتصاد الاستهلاكي ضد دول العالم الثالث، وأيضاً تدخله العسكري الإجرامي في العراق وأفغانستان، إلا أنه يقدم من جهة أخرى نموذجاً يتصف بدرجة عالية من الشفافية في قضاياه الداخلية، والتي من فوائدها تعميم قناعة ومصداقية شعار سواسية الجميع أمام القانون..، وحسب وجهة نظري لا يلام صاحب القرار الأمريكي في البحث عن مصالحه السياسية والاقتصادية، ولن يضع أحد اللوم على العرب لو أنهم بحثوا عن مصالحهم بعيداً عن عين الرضا الأمريكية.

نشرت جريدة يوم الثلاثاء 4-4-1430هـ الموافق 31-3-2009م العدد 13073 السنة الأربعين خبراً مطالبة أعضاء مجلس الشورى بحضور رئيس ديوان المراقبة العامة لمجلس الشورى لمساءلته عن 109 مليارات ريال تم هدرها من المال العام والتي تم الكشف عنها خلال التقرير السنوي لديوان المراقبة العامة للعام المالي 26- 1427 هجرية بين الأجهزة الحكومية ما بين تضخمات وزيادة في حساب الأمانات وأرصدة عهد.، وهي بالفعل بادرة جيدة في تحقيق مستوى أعلى من الشفافية، ويقتضي الأمر أن تتم التحقيقات في أسباب هذا الهدر، والتي من شأنها أن تكون بمثابة دخول حقبة جديدة، هدفها عدم التساهل مع إهدار المال العام..، وتقديم من يتساهل في هذا الشأن الوطني الهام إلى القضاء العام ثم العمل على استرجاع أموال الدولة المهدورة.

يخطئ البعض كثيراً عندما يضعون الستر غطاءً لإخفاء أوجه الفساد ومخالفة أنظمة الدولة، فالجهر بمن يلحق الضرر بالوطن ومصالح الناس، لا يجب التساهل معه، أو تغطية فساده تحت ذريعة الستر عند الابتلاء، ولو كان الأمر صحيحاً ما تواترت أخبار أولئك الذين تم تطبيق الشريعة عليهم في قضايا أخلاقية وغيرها في عصر النبوة والخلافة الراشدة، والحث على الستر موجه للفرد، وليس للمجتمع، فالإنسان له حق أن يستر على نفسه حين يكون متورطاً في فساد يعود بضرره عليه فقط، لكن إذا حدث وتمت الإطاحة به من قبل حماة الحق العام، فليس له حق الستر.. والسبب أنه اقترف جريمة في حق المجتمع والناس، ويجب محاكمته ، وإذا ثبت جرمه، يقدم للقضاء لكي ينال عقوبته على ضرره العام.

وختاماً لا يمكن لأي أمة أن تتجاوز المراحل العمرية التي تواجهها إلا من خلال القدرة على النظر إلى الداخل بعيون الرقابة الذاتية غير المنحازة، والجرأة على مواجهة تلك العقبات التي من الممكن أن تؤثر عقبة جسيمة في مسيرتها الزمنية، وأن تمنح للقضاء الاستقلال من تأثيرات القوى الاجتماعية، فالتاريخ علمنا أن لا سبيل آخر غير هذا الطريق لرفع مستويات الثقة بين فئات المجتمع وبين سلطاته المتعددة، وذلك لمنح الاستقرار الأمني والاجتماعي والنفسي صفة الإقامة الشرعية الدائمة على أرض الوطن.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد