Al Jazirah NewsPaper Saturday  04/04/2009 G Issue 13337
السبت 08 ربيع الثاني 1430   العدد  13337
ما أسباب كره الطلاب للمدرسة..؟!
جوهرة بنت حمد العثيمين

 

متى الإجازة؟ كم مدتها.؟ كم باقي عليها من يوم؟ والاسبوعان كم يوم؟ من منا لم يسمع هذه الأسئلة من الأبناء والبنات بل ما سبب تلك الإشاعات التي تتحدث عن الإجازة ومدتها والامتحانات وتأجيلها أو تقديمها؟!.

ما سبب شعور البعض من أبنائنا بالملل بل الكره تجاه الدراسة والمدرسة والمعلمات والمعلمين بل ما سبب عدم إقبالهم على العلم والقراءة والاطلاع والتزود من معين الثقافة؟!.. بل ما سبب ازدياد ظاهرة التفحيط أثناء وبعد الامتحانات والظواهر العدائية الأخرى مثل تمزيق الكتب والدفاتر أو الاعتداء على المعلمين وسياراتهم حتى وإن كانت هذه الحالات قليلة حيث لا توجد إحصائيات دقيقة بهذا الشأن. ولكن يحتم علينا كمربيين أن نولي أي مؤشر يتناول قضايا التربية ومستقبل أبنائنا جل اهتمامنا وبالغ جهودنا وأن ننصت لهذه المؤشرات السلبية بكامل حواسنا.

ومن المزعج حقاً أن تبادر بعض الأمهات لابداء ضيقها تجاه أنظمة المدرسة التي قد لا تعجبها وتصرح برأيها تجاه القرارات التعليمية المتأخرة أمام أبنائها مبدية رفضها لهذه القرارات المرتجلة متجاهلة أن ذلك يؤثر في مدى إحساس الأبناء بالثقة في أنفسهم وفي من حولهم وبتحقيق الأمن النفسي لهم، وحتى نكون منصفين فأسباب كره المدرسة تتداخل فيها مسببات متعددة، منها ما يتعلق بالطالب، ومنها ما يتعلق بالأسرة ومنها ما يتعلق بالمعلم، بالمنهج، بالمدرسة بل قد يكون من المجتمع ومن مصادر التنظيم الإدارية المتعددة.

إذن نحن أمام ظاهرة قد لا تكون جديدة ولكنها جديرة بالاهتمام وهي (كره المدرسة) من قبل بعض فئات المجتمع بمختلف ثقافاته.. يجدر بنا أن نتناولها ونعالجها للتخفيف من آثارها السلبية، لنبدأ أولاً بالطالب بحكم مسؤوليتنا الاجتماعية تجاهه أمام الله سبحانه وتعالى قبل كل شيء ثم أمام مسؤوليتنا الوطنية.. قمت بالبحث والتقصي فوجدت أن أغلب الأسباب تتمثل في الآتي:

1- مدارسنا غير مهيأة لقضاء وقت ممتع ولو لجزء يسير من الوقت في ثنايا اليوم الدراسي، فالطالب مثقل بالدروس والامتحانات والواجبات والحفظ والتلقي، أين الترفيه، أين الفرصة لتبادل المشاعر والأحاسيس وقضاء الأوقات الجميلة في اللعب والمرح والاستمتاع بفترة الطفولة والشباب، أتمنى أن يأتي ذلك اليوم الذي يقول فيه الطالب والطالبة أن الدراسة (متعة) والمدرسة (مكاني المفضل).

2- المعلمون والمعلمات يقع على كواهلهم رسالة عظيمة سيحاسبون عليها أمام الله سبحانه وتعالى، وقد يكون المعلم سبباً في كره الطالب للمدرس، بل قد نسمع عن سوء العلاقة بينهما ويفترض أن المعلم قد تلقى التأهيل التربوي المناسب للتعامل مع الطالب، وبعض المعلمين لا يطبق ذلك بين جدران الفصل إلا أمام المشرف في أغلب الأحوال وهذا يدفع الطالب إلى النفور من معلمه ومن المدرسة عندما تنفى أمامه المصداقية والقدوة صحيح أن بعض الطلاب متعبون ومزعجون وقد لا يحترمون المعلم ولا يقدرونه فيبادلهم ذلك ويكره المدرسة هو أيضاً، ولكن عليه أن يتصرف كما تملي عيله رسالته التربوية.

3- المناهج: مناهجنا شاملة ومناسبة مهما قال القائلون فقد خرجت الكثير مما يشار إليهم بالبنان في بلادنا بل لو أن أحدكم حاور طالباً من المتفوقين للمس علماً غزيراً بالنسبة لسنه بل قد يجد أنه قد أخذ من كل علم طرفاً وتلقى حصيلة علمية راقية شملت الكثير من العلوم، بل إن مناهجنا قد تفوق غيرها بالنسبة للعناية بالمتعلم كإنسان له حقوقه وواجباته أياً كان دوره وصفته في هذا العالم (طفل - بالغ - شيخ) بل حتى قبل أن يرى النور في أحشاء أمه أو ظهر أبيه وفر له الأمن الاجتماعي من خلال الحقوق والواجبات لكل فرد في المجتمع وأوضحت الحدود والجزاءات والإثابة والعقوبة وذلك لأنها مستمدة من الشريعة الغراء ولسنا هنا في مجال إيضاح ذلك.

والخلل الذي قد يسبب كره المدرسة ويتعلق بالمناهج هو في الوسيلة التعليمية والقدرة على إيصال المعلومة إذ إنها قد تفتقد إلى التشويق وإثارة الانتباه ولا تساير تطورات العصر أو التقنية الحديثة المعلم لابد أن يطور نفسه ويرتقي بأسلوبه وتعامله ويأخذ بأسباب الجذب والتشويق ويغري الطالب بالانتباه والبقاء فترة أطول في طلب العلم والمعرفة.

4- المجتمع: ومما يساهم في كره المدرسة لدى المجتمع إلصاق التهمة لكثير من الملاحظات السلبية التي تؤثر بمصالح المجتمع على المدارس والدراسة مثل مشكلة الزحام والكثافة المرورية وارتفاع الأسعار، وللحد من الكثافة المرورية تم إلزام الطالب بالتواجد في المدرسة قبل الموظف مع شروق الشمس دون أن يأخذ لحظات للتمتع بأشعتها وحتى تناول الإفطار أو تلقي الدعم النفسي من والديه بدلاً من عبارات الاستعجال والتسريع التي قد تتعبه بالعبارات المحبطة الجافة التي تفتقر إلى المحبة والحنان مما يضاعف مشكلة الفراغ العاطفي لدى فلذات الأكباد.

ولوسائل الإعلام دور كبير في جذب أو كره المتعلمين للدراسة من خلال تناولهم لقضايا التعليم بالنقد والتجريح فمكان النقد السلبي ليس صفحات الجرائد وإنما مكاتب المسؤولين حفاظاً على مشاعر وأحاسيس المتعلمين، أو حتى مواعيد عرض البرامج المشوقة والترفيهية في أوقات غير مناسبة تربوياً مثل أوقات الامتحانات أو إغفال الاهتمام بالبرامج التي تساهم في بناء الشخصية البناءة في المجتمع.

5- الأسرة: للأسرة دور في كره الطالب للمدرسة أو العكس فالدور السلبي للوالدين تجاه المدرسة والمعلمين والتحدث عنهم باحتقار مما يوجد سوء العلاقة بين البيت والمدرسة أيضاً عدم إدراك أهمية التعليم وغايته وأهدافه من قبل الوالدين وإدراك أن أبناءهم هم أمل الأمة ومستقبلها الواعد، وتلمس العذر للمعلم في المواقف التربوية المختلفة باعتبار أن المعلم هو صانع الأجيال، والمدرسة هي المحضن الثاني لأبنائهم بعد الأسرة وأن المعلم مؤتمن تسبح له الملائكة حتى الحوت في البحر إذا علم الناس بالخير.

بالإضافة إلى ذلك قد يجد الطالب ضغطاً من الأهل ليس من أجل النجاح فقط وإنما من أجل الحصول على العلامات العالية والتقدير المتفوق والذي قد يفوق قدراته وإمكاناته خصوصاً وأن الجامعات أصبحت حلماً عزيزاً على الكثير من الطلبة والطالبات في ظل الاختبارات المتعددة التي لا تثق أياً منها بالأخرى لذا فإن كثيراً من الأهل يعتبر الشهادة هي الغاية، حيث المركز الاجتماعي والمستقبل الآمن ويدرك القليل منهم أن أهداف التعليم والتربية هو السمو بالنفس الإنسانية وتحقيق مصالحها الشخصية الفردية والاجتماعية.

6- الأنظمة والقوانين التي تنظم العميلة التربوية في غالبها لا تلتفت إلى مصلحة المعلم والمتعلم بصفة رئيسية بدليل أنها لا تأخذ بآرائهم واقتراحاتهم أو بعقد حوار بناء معهم لا قبل صدور التعاميم ولا بعدها، والمدرس دائماً مدان ومقصر وملاحق ومحاسب يفتقر إلى الدافعية والتحفيز في ظل كادر المدسين الذي ساوى بين جميع فئات المدرسين من حيث الأداء المهني والعطاء التربوي الذي هو غاية العملية التعليمية.

أيضاً التعاميم التي تصدر متأخرة مذيلة بإلزامية التنفيذ الفوري دون مراعاة ظروف المعلم والمتعلم وقد يتسبب ذلك في إرباك للأسرة فيساهم ذلك في رفع مستوى الكره للمدرسة وتذبذب التنفيذ، بل قد يقابل بالاستهجان والاستخفاف إن لم يكن الرفض، مثل (قرار إلزامية تلاميذ المرحلة الابتدائية بالدوام أثناء الامتحانات) ألم يخطط لهذه الفترة أثناء وضع خطة إلغاء الامتحانات وإحلال نظام التقييم للمهارات التربوية بدلاً منها.

وإنني هنا استعرض بعض المشاكل التي تتناول قضايانا التعليمية لست ألقي المسؤولية على أحد وإنما كتربوية أدعو نفسي وذوي العلاقة إلى تدارك التقصير وإبداء مزيد من العناية بفلذات الأكباد، ونتعاون جميعاً آباء وأمهات ومعلمين ومعلمات في العمل البناء للرفع من مستوى العملية التربوية لجيل المستقبل الذي سيستلم زمام هذه الأمة لينهض بها ويضعها في مصاف الأمم المتقدمة، فلكل منا له دوره المناط به وراع مسؤول عن رعيته، هذا وأرجو من الله أن أكون قد وفقت في تضمين العلاج ثنايا الأسباب.. وفق الله الجميع لما يحبه ويرعاه.

مشرفة توجيه وإرشاد الطالبات بمنطقة الرياض



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد