Al Jazirah NewsPaper Monday  06/04/2009 G Issue 13339
الأثنين 10 ربيع الثاني 1430   العدد  13339
ربيع الكلمة
د.العثمان.. سيد الموقف!
لبنى الخميس

 

كنت قد كتبت مقالاً سابقاً انتقدت فيه الإجراءات الروتينية المعقدة والمرهقة في عمادة القبول والتسجيل في جامعة الملك سعود، وتسآلت بمرارة وألم عن مصير هؤلاء الطلاب الذين لم تساعدهم نسبهم لدخول الجامعة وما لذلك من عواقب وتداعيات خطيرة على الفرد والمجتمع.

فيعيش من حلم بدخول الجامعة وخذلته نسبته، بطالة سابقة لأوانها، ويحقد على المجتمع والناس، وقد ينضم لجماعات متطرفة ومتشددة تروج وتدعو إلى فكر إقصائي وتكفيري يرفض الآخر ويحقد عليه كما هو حاصل اليوم.

وقد لاقى المقال و- لله الحمد - استحسان شريحة عريضة من القراء وكوّن صدى لدى المسؤولين وصنّاع القرار.

فقد فوجئت باتصال من مكتب معالي مدير الجامعة يطلب مني مقابلة مدير الجامعة الدكتور العثمان.

فوافقت وسرحت بتفكيري بعد هذا الاتصال ولم أعرف ماذا سيكون موقف معاليه من المقال.. هل سيكون محاوراً أم مدافعاً ومهاجماً ولائماً!.

حدد الموعد في صباح اليوم التالي فذهبت وفي جعبتي مجموعة من القضايا التي تشغل الطلاب اليوم.

فالتقيته وكانت الأريحية والبساطة تغطي على الجلسة.. فقد لمست الرغبة الحقيقية لدى معاليه للتغيير والإصلاح، فأوضح لي بعض ما خفي علي من النقاط الجوهرية، كما حدثني بإسهاب عن مشروع بناء المدينة الجامعية للبنات التي تقوم بتشييدها إحدى الشركات الضخمة التي تعمل ليل نهار لإنجاز هذا الصرح بوقت قياسي.

ولن أقول إن الوقت لم يسعفنا لمناقشة كل القضايا، بل ناقشنا كل المسائل والمشكلات التي نقلتها له من الطالبات.

حيث خصص وقتاً طويلاً للحوار والاستماع لي ولهمومي الجامعية وشاركني تطلعاتي وطموحاتي لتطوير وتغيير الجامعة التي أمامها طريق طويل للتغيير يقوده مفكر ومصمم رحلة الجامعة نحو الريادة العالمية الدكتور عبدلله العثمان.

أعتقد أن لهذا الحدث المهم بالنسبة لي شخصياً، مضاميناً وأبعاداً أخرى، فما أجمل أن يتفاعل المسؤولون ويستجيبون ويفتحون آذانهم لهموم ومشاكل الشعب والمواطن وما أروع أن يسمعوا صوتاً غير صوتهم.

لم تكن استجابة معالي مدير الجامعة عرضية أو ناشزة، فقد لاحظت في الآونة الأخيرة تفاعلاً بناء ًبين الكاتب صاحب القلم وبين المسؤول صاحب القرار في حضرة صاحبة الجلالة.

وهذه ظاهرة صحية جداً، فيجب على كل المسؤولين تقبل النقد وشجب الأخطاء وإيضاح المشكلات والقضايا العالقة ومس مواقع العطب، فالمسؤول وصاحب القرار ليس معصوماً عن الخطأ وقرارته وتصريحاته ليست آيات منزلة حتى تكون أعلى وأكرم من كل نقد وانتقاد.

فصناع القرار مهما علت مناصبهم يحتاجون إلى من ينتقدهم إذا قصروا ويفتح أعينهم إذا أعمتهم كراسيهم عن رؤية الأخطاء والعيوب التي يتأثر بها المواطن بالدرجة الأولى.

فكيف يمكن أن يتطور أداء المسؤول إذا كانت الأنا متورمة ومسيطرة على ذهنيته؟

وكيف لمجتمع وشعب أن ينمو إذا فُرض مبدأ لا أرى لا أسمع لا أتكلم؟!

ففكرة أن المسؤول منزه عن كل خطأ وذنب قد سقطت في ظل ارتفاع سقف الحرية والتعبير عن الرأي في صحافتنا السعودية.

(فلا صوت أعلى من صوت الحق) لم يعد شعاراً زائفاً.. فزمن تكميم الأفواه وإغلاق الأبواب والأسوار العالية ومقص الرقيب قد ولى بلا عودة.

وإذا نقد الكاتب بعض أداء المسؤولين وتأخر وتواطؤ بعض الوزارات والمؤسسات مع احتياجات المواطنين، فذلك لا يعني أن المؤسسات الحكومية فقدت هيبتها وأضحت جداراً ًقصيراً من السهل تسلقه كما يعتقد بعض المسؤولين، وبالتالي يحرصون على إحاطة مؤسستهم بستار حديدي يصعب بل يستحيل اختراقه لتكوين هيبة وهالة فارغة ومصطنعة حول دوائرهم.

ختاماً أقول.. أصبح للقلم في صحافتنا السعودية تأثيراً وامتداداً واسعاً، ولم تعد الكلمات التي تعبأ الصحف مجرد (كلام جرايد) لا يسمن ولا يغني من جوع، بل أصبح القلم الصادق البعيد عن المحاباة أو التجريج الشخصي أحد أهم المشاركين والمساهمين في النهضة والإصلاح والارتقاء.

فتحية للدكتور العثمان وكل المسؤولين الذين تقبلوا النقد وعملوا به وكانوا رواد الإصلاح وأسياد الموقف.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد