Al Jazirah NewsPaper Monday  06/04/2009 G Issue 13339
الأثنين 10 ربيع الثاني 1430   العدد  13339
(الجزيرة) تفتح مبادرة خادم الحرمين الشريفين للاستثمار الزراعي في الخارج (الجزء الثاني)
إنشاء شركة قابضة لتوفير الموارد المالية للمستثمرين في مراحلها الأخيرة

 

إعداد: عبدالله الحصان

مبادرة خادم الحرمين الشريفين للاستثمار الزراعي في الخارج حدث الساعة الذي تتمحور حوله أحاديث أوساط المستثمرين في القطاع والذين رأوا في المبادرة طاقة نور كبيرة أتيحت لهم في أفق استثمار لقيت فيه أكثر من تجربة حتفها في غياب الحصانة والحضانة اللازمة للاستثمار الزراعي عالي المخاطر، تلك الحصانة التي يتحسسون الآن دروعها القوية بعد مبادرة المليك التي منحت هؤلاء الأمان اللازم لبقاء استثماراتهم في الخارج على قيد الحياة، كما فتحت الميدان على مصراعيه لمن هم خارج الدائرة لاغتنام فرصة المبادرة وخوض التجربة والذي يساهم في ترسيخ دعائم الأمن الغذائي للمملكة بمفهومه الواسع.

ندوة (الجزيرة) تمحورت حول: آفاق المبادرة كرؤية إستراتيجية للقطاع الزراعي، وآليات تنفيذها، ثم كيفية تجنب المعوقات التي قد تعترض طريقها فإلى تفاصيل الجزء الثاني من الندوة.

آليات التنسيق بين القطاعين العام والخاص

حول المحور الثاني المعني بالآليات التي يتم التنسيق من خلالها بين القطاعين العام والخاص بتفعيل العلاقة بين القطاعين العام والخاص لتنفيذ المبادرة، وجه الزميل العجلان سؤاله الثاني الرئيس مبتدئاً به الدكتور عبدالله العبيد وكيل وزارة الزراعة.

العبيد: أتمنى حقيقة لو يضاف لحديثي السابق فيما يتعلق بمبادئ المبادرة تَحَمُّل الدولة بعض مشاريع البنية الأساسية المرتبطة بهذه الاستثمارات. فالدولة -حفظها الله- تدرك صعوبة الاستثمارات الخارجية خاصة في دول قد لا تتوفر فيها البيئة المناسبة وخدمات البنية الأساسية من طاقة كهربائية وطرق حديدية وموانئ، والدولة متفاعلة جدا مع هذا الجانب من خلال أذرعها الاستثمارية.

النقطة الأخرى هي إنشاء شركة قابضة، وهو أحد الإجراءات التي ذكرت في حزمة القرارات التي صدر بها الأمر السامي الكريم رقم (125) وتاريخ 25-4-1429هـ هذه الشركة حتى توفر الموارد المالية للمستثمرين وتدخل معهم في شراكات. والشركة رفعت للمقام السامي بعد إعداد نظامها الأساسي، وهيكلها التنظيمي وهي في المراحل الأخيرة للإصدار.

فيما يتعلق بنقطة مهمة أشار إليها الإخوان، وأتمنى أن تكون رسالة موجهة للمجتمع من خلال هذه الندوة، وهي أن هذه المبادرة هي مكملة للجهود التي تقوم بها الدولة في دعم القطاع الزراعي المحلي وليست بديلاً له على الإطلاق؛ لأنها تدخل ضمن ما نسميه بالأمن الغذائي وحرص الدولة على توفير الغذاء بالتعاريف التي ذكرها سعادة الدكتور منصور، وللتدليل على أن المبادرة مكملة لتلك الجهود وليست بديلاً لها، أن الدولة لا تزال مهتمة بالقطاع الزراعي وأنها أصدرت قراراً بتغيير اسم البنك الزراعي إلى صندوق التنمية الزراعية وزادت رأس ماله من 12 مليار ريال إلى 20 ملياراً، دلالة على استمراره في تنمية القطاع الزراعي في المملكة، وللدلالة على ذلك أيضاً أن التركيز على سلع إستراتيجية معظمها لا ينتج محليا فلن تؤثر الاستثمارات فيها على واقع القطاع الزراعي.

فالمبادرة معنية بتوفير السلع الأساسية مثل الأرز والشعير والذرة وفول الصويا والأعلاف والقمح والسكر والزيوت النباتية والثروة الحيوانية، ومعظم هذه المنتجات لا تنتج محلياً.

والمبادرة أيضاً في خدمة القطاع الزراعي لأن المستثمرين في القطاع الزراعي قد يكونون تأثروا بالقرارات الأخيرة، فجاءت المبادرة مخرجاً لهم للاستمرار في إبداعاتهم ونجاحاتهم في القطاع الزراعي.

والدولة عندما تتحدث مع الدول الأخرى عن الاستثمارات الزراعية من قبل القطاع الخاص السعودي حقيقة تتكلم بافتخار لأنها تعلم أنها تجربة ناجحة وأن الخبرة المتراكمة كبيرة والدولة تراهن على نجاح هذه الاستثمارات في الخارج لوجود المقومات من رأس المال والخبرة المتوفرين.

فيما يتعلق بسؤالك عن التعاون بين القطاعين العام والخاص، فهو تعاون أزلي وقديم، والقطاع الزراعي في المملكة معظمه قطاع خاص، الدولة تشرف عليه من حيث الأنظمة والسياسات والبرامج، والقطاع الزراعي الخاص من القطاعات الرائدة في التفاعل مع توجهات القطاع العام. وجميع السياسات في القطاع الزراعي لقيت قبولا وتفاعلا من القطاع الخاص، رغم أن القطاع الزراعي مرتفع المخاطر، وهذا يجير للقطاع الخاص.

والقطاع الزراعي لدينا نما وتطور وأصبح مفخرة، حتى أن منظمة الأغذية والزراعة العالمية، في التسعينيات الميلادية أرسلت وفدا من 21 دولة للاطلاع على التجربة السعودية في مجال التنمية الزراعية. وفي عام 1997م قدمت المنظمة لخادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز -رحمه الله- الميدالية التقديرية (الأجريكولا) تقديرا من هذه المنظمة الرائدة المعنية بالتنمية الزراعية في العالم لتجربة المملكة.

وأنا أتحدث بافتخار دائما عن هذا القطاع لأنه خلال العقود الثلاثة الماضية استطاع أن يوفر سلعاً زراعية رخيصة ومستقرة، ما جعل المواطنين يحافظون على دخولهم الحقيقية.

المحرك الأساسي للمطالبة برفع الأجور والمرتبات غالباً ارتفاع أسعار السلع الغذائية، ومن فضل الله عز وجل أن جميع السلع الغذائية الزراعية حتى الآن في وقتنا الحاضر ما تزال بأسعار في متناول الجميع وهذا من فضل الله عز وجل أولاً ثم من الدعم الحكومي الذي مكّن القطاع الخاص أن يدخل في الأنشطة المختلفة له ويستثمر فيها، وأصبح لدينا قطاعات نعتبرها مفخرة، فلدينا قطاع الألبان مفخرة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وقطاع الدواجن أيضاً بشقيه اللاحم والبياض، حتى أصبح لدينا مشاريع متخصصة في الأمهات وفي الجدات لكلا النوعين اللاحم والبياض، والمسالخ، فقد لا يعلم الناس أن لدينا الآن في المملكة أكبر مسلخ في العالم تقريباً، طاقته الإنتاجية 25 ألف طائر في الساعة، وهناك أيضاً نماذج مضيئة للقطاع الزراعي في مجال البيوت المحمية، في مجال زراعات لم يتعود عليها المجتمع مثل الفاكهة شبه الاستوائية في منطقة جيزان والحمضيات في منطقة نجران، والزيتون في المنطقة الشمالية، وأصبح لدينا مجتمعات هي مجتمعات زراعية. والزراعة استطاعت أن تؤدي دوراً مهماً في التنمية الشاملة في المملكة متمثلاً في الاستقرار السكاني وتوطين أبناء البادية. لم يكن أي قطاع من قطاعات التنمية المحلية إلا القطاع الزراعي وأصبحنا نرى كثيراً من الهجر يمارس أبناؤها النشاط الزراعي. فالحديث بين القطاعين يطول، وهما مكملان كلاهما للآخر، الدولة ممثلة بالوزارة والأجهزة المعنية الأخرى تقدم التشريعات والأنظمة، وأيضاً تضع البرامج والسياسات، ويتفاعل معها القطاع الخاص. بمثل هذا النمط الجيد من التعاون والتنسيق، ستكون مبادرة خادم الحرمين الشريفين للاستثمار الزراعي في الخارج؛ القطاع الحكومي يؤمن الغطاء الرسمي من الحوافز الجيدة التي سوف تشجع القطاع الخاص على الاستثمار، فالقطاع الخاص هو المستثمر الحقيقي في هذه الدول، والرسالة التي يتم باستمرار إيصالها إلى المسؤولين في الدول المستهدفة بالاستثمار هي أن القطاع الخاص الزراعي مدعوم بتأييد وتشجيع الدولة. وليس هذا بمستغرب، فالاستثمارات الزراعية مرتفعة المخاطر، تختلف اختلافاً جذرياً عن الاستثمارات في القطاع الصناعي وغيره، والدور الذي تقوم به هذه الاستثمارات دور سامٍ لأنها توفر احتياجات أساسية لهذا البلد، وأيضاً القطاع الخاص هو صاحب التجربة، وسوف يشارك بماله وجهده وخبراته في هذه البادرة.

عندنا شركات كثيرة أبدت الأسبقية للتفاعل، بل بعضها سبق المبادرة؛ لأن هؤلاء المستثمرين الذين لديهم خبرة طويلة في مجال الإنتاج الزراعي بشقيه النباتي والحيواني يدركون صعوبة الاستمرار في بعض الاستثمارات المحلية ويريدون نقل تجربتهم إلى الخارج، ولدينا حقيقة نماذج مضيئة في كثير من الدول لمستثمرين سعوديين، ونحن على يقين أنه بالمبادرة سوف ترتفع نسبة هذه الاستثمارات.

كثير من الدول لديها صناديق سيادية ولديها استثمارات وتتعرض للمخاطرة وتتعرض لدعم الدولة فما الذي يصير أن يكون هناك للمملكة صناديق سيادية في المجال الزراعي، حتى ولو أنفق عليها مبالغ؛ لأنها حقيقة ستؤمن سلعاً إستراتيجية للسوق المحلية. كثير من الأنشطة المحلية تحتاج إلى مدخلات، وهذه المدخلات تُستورد الآن، فجميل جداً أن تكون منتجة من خلال استثمارات سعودية، بالإضافة إلى السلع المهمة والرئيسة للمواطنين.

الدول المرشحة للاستثمار لم تحدد بعد

ثم وجه العجلان السؤال حول المحور نفسه إلى الدكتور منصور الكريديس عضو مجلس الشورى حول آليات تفعيل العلاقة بين القطاعين العام والخاص من وجهة نظره؟

الكريديس: كما ذكرنا في السابق أن مبادرة خادم الحرمين الشريفين وحزمة القرارات التي أصدرها مجلس الوزراء كانت قرارات عمومية، وحقيقة لم تكن تفصيلية، حيث تترك الأمور التنفيذية للجهات المعنية. وحتى نستطيع أن نحقق هذه المبادرة كما رغب خادم الحرمين الشريفين ففي رأيي كمراقب لهذه المبادرة أن الرؤية لا تزال غير واضحة، والأمور تحتاج إلى وقت حتى تتضح أكثر، وحتى يبادر القطاع الخاص بالتوجه إلى الاستثمار، فحتى الآن لا نشعر أن القطاع الخاص بدأ يتحرك فعلياً لتحقيق هذه المبادرة.

وبالنسبة إلى موضوع الدول التي ستتوجه إليها المملكة بالمبادرة فهو حتى الآن لم يحسم، وأنا أعرف أن هناك زيارات كثيرة للجهات المعنية وبالتحديد وزارة الزراعة ووزارة التجارة والصناعة، ذهبوا إلى مصر، والسودان، وتركيا، وأوكرانيا، والفلبين، وإثيوبيا.

ومن وجهة نظري أن هناك نقطة مهمة هي تحديد السلع المراد الاستثمار فيها، حتى لا يكون ذلك على حساب الإنتاج الزراعي المحلي كما ذكرت من قبل، فهذا ضد تحقيق مفهوم التنمية الزراعية، والخوف عندما يصبح هناك دعم للمبادرة وتمويل وشراء منتج أن يتحول المستثمر للمكان الذي فيه مصلحة وجدوى اقتصادية بالنسبة له، وهنا مكمن الخطورة، فيجب أن نكون واعين حتى لا يصبح هناك تأثير على ما أنفقنا عليه البلايين في إنشاء بنية تحتية زراعية. وليس من المنطق أن نستثمر في سلع نستطيع أن ننتجها محلياً ثم ندعم المستثمر بالمال فيذهب لإنتاجها في السودان مثلاً.

ذكر الزميل توفير الضمانات اللازمة لحماية الاستثمارات السعودية وهذا من خلال الشركة القابضة التي ستتولى شراء المنتج وهذا جارٍ التمهيد له، إضافة إلى الاستفادة من تجارب الدول التي لها استثمارات مماثلة، وأنا لا أدري حقيقة ومن الممكن للدكتور عبدالله بحكم خبرته وذهابه إلى تلك الدول إن كان هناك استثمارات لدول أخرى مماثلة لنفس المبادرة التي نحن بصددها وما السلبيات، وما الإيجابيات. ولنكن واقعيين، قضية الاستثمار الزراعي الخارجي ليست شيئاً تحرص الدول عليه، لأن لها محاذير كثيرة، ويجب أن نتأكد أن الأموال التي تنفق في محلها. ويجب ألا تذهب أموال الدولة في استثمارات غير محسوبة، وأكرر غير محسوبة؛ لأنها لها معان كثيرة. ومن الأمور التي يجب الاهتمام بها توفير التسهيلات الائتمانية اللازمة. وكان بودي قبل الانطلاقة للاستثمار الخارجي أن يكون هناك تجمع أو ندوة، ولكن للآن لم يحدث تجمع بين القطاع العام والخاص كل يبدي رأيه. وحسب علمي أن المبادرات الموجودة هي مبادرات فردية من بعض الوزارات فيما يتعلق بهذا الجانب.

فيما يتعلق بالنظرة غير المطمئنة للاستثمارات الزراعية بالدول فأنا على خلاف ذلك حقيقة، فالآن كثير من الدول لديها قناعة بالاستثمار الأجنبي المباشر وهناك تجاوب كبير، بل إن المملكة تأتيها دعوات من الدول، فقبل شهر أو أكثر كانت رئيسة الفلبين في زيارة غير رسمية للمملكة وكان هدفها الأساسي تقديم دعوة للمملكة للاستثمار في الفلبين، وكانت تقترح مساحات كبيرة للمستثمرين السعوديين. وباستمرار يأتينا كدولة مثل هذه الدعوات من دول إفريقية ودول أخرى مثل تركيا على سبيل المثال لدعوة المملكة للاستثمار في هذه الدول فالاستثمار الأجنبي المباشر يحقق مصالح ومنافع لهذه الدول، فهي تفتقد إلى رأس المال وهناك دول كثيرة غيرنا تستثمر في تلك الدول، فالسودان بها دول غيرنا مستثمرة كالإمارات والجيش الأردني، والحكومة الليبية والحكومة المصرية، وأوكرانيا، والدول الأوروبية تستثمر في شمال إفريقيا، وكوريا الجنوبية تستثمر في مدغشقر، والصين الآن تستثمر بكثرة في الدول الإفريقية. نحن الآن في عصر العولمة، وفي عصر الشركات العابرة للقارات، وفي عصر التكتلات، وجذب الاستثمار الأجنبي أصبح إحدى الأدوات المستحدثة لدعم الاقتصاد المحلي ونحن لسنا بمعزل عن ذلك، فلدينا أيضا نظام استثماري جديد يرغب المستثمرين في الاستثمار في المملكة.

حتى تستمر المبادرة

وصلت الندوة إلى محورها الثالث والأخير الذي ألقى من خلاله الزميل فهد العجلان سؤاله حول المعوقات التي يمكن أن تعترض سبل المبادرة أو تعطلها؟

الكريديس: بالنسبة إلى مجلس الشورى، لم يطرح هذا الموضوع في المجلس على الأقل منذ دخولي المجلس وهي فترة وجيزة، وقد يحال الموضوع من خادم الحرمين الشريفين إلى المجلس لدراسته لكن هذا الموضوع حسب علمي لم يعرض على مجلس الشورى. أنا مهتم بالاستثمار الزراعي المحلي، لكن أيضا الاستثمار الزراعي الخارجي مهم جداً لتوفير الأمن الغذائي.

وحزمة القرارات التي صدرت من مجلس الوزراء وهي سبعة قرارات، ليست قرارات وإنما سميت ترتيبات على المديين المتوسط والطويل، وهناك البند رقم 4 الذي ينص على أنه على وزارة المالية ووزارة الزراعة ووزارة التجارة والصناعة إعداد الدراسات اللازمة المتعلقة بإنشاء شركة سعودية قابضة، ولكنني أتساءل: هل هناك شيء تم بخصوص إعداد الدراسات اللازمة؛ حتى نرى المحاذير والإيجابيات، فلابد من دراسة مستفيضة للموضوع وليس فقط اجتماعات؛ فالقرارات يجب ألا تبنى على اجتماعات فهذه بلايين ستنفقها الدولة، وستنشئ بنية تحتية في دول، وهذا استثمار طويل المدى يتجاوز 20 و 25 سنة، في رأيي يجب أن يكون الموضوع أكثر جدية فيما يتعلق بالتعمق في الدراسات، ولا تقتصر على الزيارات التي يقوم بها المسؤولون، ثم يقولون للمستثمرين اذهبوا وضعوا أموالكم في هذه الاستثمارات، وهذا أمن غذائي أيضاً.

وحقيقة قد نواجه مشاكل على المديين المتوسط والطويل، وحبذا لو تعرض علينا الموضوعات في مجلس الشورى وندلي فيها بالرأي. فعلى وزارتي الزراعة والتجارة والصناعة تحديد احتياجات المملكة المستقبلية من السلع التموينية الغذائية من خلال تكليف متخصصين في القطاع العام والخاص.

هذا كلام دقيق وليس سهلاً إنهاؤه في شهر أو شهرين أو ثلاثة.

دون مشاريع استثمارية لا يتحقق الأمن الغذائي

العجلان: (موجهاً السؤال للأستاذ محمد الراجحي مستثمر زراعي): أنتم تستثمرون في القطاع الخاص منذ سنوات، وأنتم ممن سبقوا المبادرة، فما الذي أضافته لكم المبادرة؟

الراجحي: من دون مشاريع استثمارية لا يتحقق الأمن الغذائي، ولا يمكننا الاعتماد على أن عندنا أموالا تشتري، فيوما ما سيكون عندنا المال ولكننا لا نجد المنتج الذي نشتريه، لذا فالمشاريع الاستثمارية هي السبيل إلى تلبية هدف خادم الحرمين الشريفين برفع المخزون الإستراتيجي من الغذاء والحفاظ عليه.

ولقد ذكرت لك أن معظم المشروعات التي زرناها ومنها مشروعات لجهات حكومية، كانت شبه فاشلة، لذا استفدنا من هذه المشاريع الفاشلة، حيث أخذنا المحاذير بالنسبة لتوقيع العقود مع هذه الجهات، وأخذنا بالاعتبار فرض بعض الشروط التي تساعد على تحقيق الهامش الربحي. والمبادرة بالنسبة إلي كمستثمر أجنبي غطاء حكومي يحميني لما قد يواجهني في المستقبل، كما أن وجود الشركة القابضة السعودية سيسهل علي عملية البيع والتسويق من السوق المحلية، بالإضافة إلى تبادل الخبرات الذي بدأ بيننا وبين المستثمرين السعوديين الذين بدؤوا التحرك بالفعل ليخوضوا التجربة، كما استطعنا تحت مظلة المبادرة الحصول على كثير من التسهيلات الجمركية لهذه البلدان فكثير من المعدات الزراعية دخلت شبه معفاة جمركيا.

ثم وجه الزميل العجلان السؤال إلى الدكتور عبدالله العبيد حول ما طرحه الدكتور الكريديس من ضرورة وجود دراسات معمقة من شأنها أن تحمي المبادرة من التعثر فيما بعد، وأيضا عن إمكانية إتاحة بعض هذه الشركات للمساهمة؟

العبيد: اتفقنا على أن مستثمري القطاع الخاص ناجحون وعندهم خبرة وعندهم رأس المال ويصعب أن نتصور أنهم سيعتمدون على ترتيبات هذه المبادرة فقط.

وهذا النوع من الاستثمار تخصصي والمستثمر فيه لا شك لديه الخبرة، والمبادرة لا تغني المستثمر عن عمل دراساته وهو ليس مجبرا على الدخول في المبادرة، وإنما هي موجودة لدعمه وتحفيزه والتسويق له إذا أراد. وسبق أن تحدثنا عن سبق البعض للمبادرة، والمبادرة ستعطيه أمانا وضمانا أكبر، ولا مانع أن تدخل الشركة القابضة شريكا للمستثمر إن أراد هو. الشركة القابضة أنشئت من خلال دراسة. هناك بعض الدراسات يتم الاتفاق مع جهات متخصصة لإجرائها مثل بناء المخزون الإستراتيجي، هذه الدراسات تقدم لنا خبرات الدول مع مثل هذه المشروعات، ونحن مع وزارة الزراعة كلفنا بعمل دراسة لتغطية المخزون الإستراتيجي من السلع الرئيسة التي تحتاج إليها المملكة للفترة القادمة، وقد أجريناها وقدمناها للجنة الوزارية.

جانب إنساني للمبادرة

وفي ختام اللقاء فتح الزميل فهد العجلان الباب لمداخلات أخيرة من قبل ضيوف الندوة، فكانت البداية مع الدكتور عبدالله العبيد الذي قال: أركز على أن هذه المبادرة لها جانب إنساني مهم جداً فالمملكة تقبل أن يكون هناك جزء من المحصول للدول المستهدف فيها الاستثمار، كما أركز على أن المبادرة ليس لها أهداف سياسية، والمملكة في جميع مبادراتها الخيرية والاستثمارية بمنأى عن التوجهات السياسية.

أيضا المستثمر السعودي مواطن صالح، ويؤمل فيه أن يكون سفيراً جيداً لبلده والتجربة أكبر برهان؛ فحتى الآن لم يصل للمملكة أي استياء من الدول التي بها مستثمر سعودي، وأنا متفائل بنجاح المبادرة وهي التي تؤثر على التنمية المحلية.

الكريديس: أضم صوتي للدكتور فيما يتعلق بمكتسبات القطاع الزراعي في العقود الماضية، وأريد أن أقول إن مبادرة خادم الحرمين الشريفين للاستثمار الزراعي في الخارج يجب أن تكون في أضيق الحدود وألا نندفع بطرق غير محسوبة في الاستثمار الزراعي الخارجي. يجب أن نعرف أن لدينا بلدا يمكن أن نفخر بأنها مكان للمنتجات الزراعية. قد يفهم مني أني متحيز والتحيز حقيقة ليس فيه مشكلة، ومن الخبرة التي تكونت لدي في هذا المجال ينظر إلى القطاع الزراعي أنه خاسر وأن الدولة بددت الأموال، وهذا غير صحيح؛ فنحن دولة زراعية بما تعنيه الكلمة.

المملكة من الممكن أن تؤمن كثيرا من سلعها بإنتاج محلي دون الاستثمار في الخارج، وأموالنا في بلادنا أفضل من الخارج مهما قيل، وليس مُقنعا أن أستثمر في الخارج وبلادي في حاجة، فأموالي لبلدي وليس للآخرين.

دول مجلس التعاون تفكر في إنشاء صندوق مشترك لتحقق الأمن الغذائي للخليج والمملكة يمكنها أن تقوم بهذا الدور. ولست مع المبالغة في قصة الاستثمار.

(ويبدو أن من مداخلة الكريديس أثارت الدكتور العبيد ما دعاه لقطع نظام الندوة والاعتراض عليها).

الراجحي: أعتقد أننا كقطاع خاص سنستفيد من المبادرة استفادة كبيرة ومن دون دعم الدولة لن نستطيع أن نحقق أهدافنا. نحن في حاجة إلى هذا الدعم، وهو من الأشياء الأساسية التي نطمح إليها كقطاع خاص ونحن متفائلون لمستقبل التعاون.

وعندنا مشروع سد مروي وهو من المشاريع الذي تتربع الدولة على هرم المشاركين فيه وهو من المشاريع التي يجب أن تستغل لصالح المستثمر السعودي سواء كان جهة خاصة أو كانت الدولة هي المستثمر.

جانب من الندوة

المشاركون: من الممكن للمملكة أن تؤمن كثيراً من سلعها بإنتاج محلي

افتقار بعض الدول للبنى التحتية عقبة في طريق الاستثمار خارجياً

الماء أحد أفقر الموارد للمملكة مما يشجع على الاستثمار زراعياً في الخارج

* * *

المشاركون في الندوة

الدكتور عبدالله بن عبدالله العبيد وكيل وزارة الزراعة للدراسات والأبحاث

الدكتور منصور بن سعد الكريديس عضو مجلس الشورى

الأستاذ محمد بن سليمان الراجحي رئيس مجلس إدارة شركة الراجحي الدولية للاستثمار




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد