Al Jazirah NewsPaper Saturday  18/04/2009 G Issue 13351
السبت 22 ربيع الثاني 1430   العدد  13351
 
اليمين الأمريكي المتطرف يعود من النافذة اللندنية
د. علي بن شويل القرني

 

الموقف الذي جمع الملك عبدالله بن عبدالعزيز مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما في لندن هو موقف تاريخي ومهم، وبخاصة أنه أول لقاء مع الرئيس الأمريكي الجديد، ويأتي في قمة العشرين، التي تحضرها المملكة مع عدد من الدول العظمى،

ودول النفوذ الدولي.. ولكن على خلفية هذا اللقاء جاء التقدير الذي لقيه الملك عبدالله من باراك أوباما بانحناءة تنم عن تقديره الشخصي لشخصية الملك عبدالله بن عبدالعزيز باعتباره ممثلاً لمجموعة كبيرة من الدول والشعوب، العالم العربي والإسلامي باعتبار المملكة تحتضن قبلة المسلمين في كل مكان، وكذلك منظمة دول الأوبك النفطية باعتبار المملكة دولة رئيسة في التصدير والاحتياط النفطي في العالم.. ويظل هناك عنصر آخر مهم في شخصية الملك عبدالله هو السمة القيادية التي يتمتع بها، وتضفي عليه هابة من الاحترام الذي يجده من كل الشخصيات التي يلتقيها سواء الرسمية أو الشعبية.. وهذا - ربما - ما جعل الرئيس الأمريكي ينحني تقديراً له، وبطبيعة الحال فإن هذا الموقف جاء بشكل طبيعي وعفوي من السيد أوباما، ولم يكن مخططاً له ضمن بروتكولات اللقاء بين الشخصيتين.

وقد أثار هذا الموقف حفيظة اليمين المتطرف داخل أروقة مؤسسات القرار الرسمي والإعلامي في الولايات المتحدة، حيث وصفه البعض بأنه يحدث لأول مرة في تاريخ الرئاسات الأمريكية، ولم يحدث إطلاقاً أن قدَّم أي رئيس أمريكي على مرّ تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية أي انحناءة لأي شخصيات دولية أو داخلية، عدا انحناءة خفيفة كان قد مرَّ بها الرئيس الأمريكي السابق بيل كلنتون مع إمبراطور اليابان، لكنها لم تكن ملاحظة ولم تثر حفيظة أي قوة سياسية داخل الولايات المتحدة.

وقد اشتعلت صحف يمينية كثيرة داخل الإعلام الأمريكي، مع مؤسسات ضغط صهيونية، ومراكز بحوث إستراتيجية في التنديد والتشهير بالرئيس الأمريكي على مثل هذا الموقف غير المسبوق في تاريخ الرئاسات الأمريكية.. وقد حاول متحدثو البيت الأبيض توضيح ملابسات هذا الموقف، ولكن لم تكن مقنعة للرأي العام هناك، وبالذات للرأي العام اليميني داخل الولايات المتحدة.. وقد تناولت بعض الشخصيات هناك هذا الموضوع على أنه ركوع للإسلام، وهذا عكس مبادئ السياسة الأمريكية الخارجية.. وفي المقابل، نجد كثيراً من المنتديات العربية قد بالغت في تفسير هذا الموقف، ووضعت له تفسيرات كثيرة، تبتعد عن مغزى وأبعاد هذا الموقف التقديري لشخصية الملك عبدالله.

ويجب أن أعود إلى موضوع قمة العشرين، وهي قمة ومجموعة تاريخية مهمة، انضمت لها المملكة لما يحمله الملك عبدالله من اهتمام ودور عالمي، لأنه يقود دولة لها مكانتها في العالم العربي، والعالم الإسلامي، وتُشكِّل قوة اقتصادية مهمة في الساحة الدولية، والمملكة هي مفتاح أساس في حل مشكلة الشرق الأوسط.. ومجموعة العشرين تأتي بعد أن انحلت مجموعة الثلاث والثلاثين، وكانت المملكة موجودة في تلك المجموعة ممثِّلة للعالم العربي مع كل من مصر والمغرب.. كما أن مجموعة الثلاث والثلاثين قد خلفت مجموعة الاثنتين والعشرين، ولم تكن من العالم العربي أي دولة ممثلة في تلك المجموعة.. ومن الواضح أن تمثيل المملكة في قمة العشرين يعني أن المجموعات قد صغرت واقتصرت على الدول النافذة في العالم، والمملكة هي إحدى هذه الدول.. وستجتمع قمة العشرين مجدداً في سبتمبر من هذا العام في نيويورك، خلال اجتماعات الأمم المتحدة الدورية في مطلع كل خريف من كل عام.

وعلى الرغم من أن المملكة العربية السعودية هي الدولة العربية الوحيدة في هذه القمة التي انطلقت من عام 2008م على خلفية الأوضاع المالية المتأزمة في العالم، إلى جانب دولتين إسلاميتين هما تركيا وإندونيسيا، إلا أن الإعلام السعودي والعربي لم يعط المملكة الاستحقاق الذي تستحقه من جراء حضورها هذه القمة التاريخية.. ونحتاج فعلاً إلى استثمار هذا الحضور العالمي للملك عبدالله في أعلى قمة عالمية من أجل أن نسلط الضوء على تقدير واحترام العالم للملك عبدالله بن عبدالعزيز - قائداً لهذه البلاد التي رسمت لها سياسة عاقلة وحكيمة تجاه قضايا العالم، وحددت لها خطاً متوازناً يحفظ حقوقها ويوثق مصالحها، وفي نفس الوقت يعترف بحقوق ومصالح التعاون المشترك بين الدول، كما تدرك المملكة أهمية التعاون الدولي بما يحقق الاستقرار والأمن في العالم.. كثير من هذه الأمور تحتاج إلى تناولات إعلامية محلية وعربية ودولية عميقة تعكس دور المملكة على المستوى العالمي.. وأحسب أن التقدير الذي وجده الملك عبدالله من جميع قيادات العالم هو انعكاس واضح لهذا الدور العالمي للمملكة العربية السعودية.



alkarni@ksu.edu.sa
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 6008 ثم إلى الكود 82244
التعليق

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد