Al Jazirah NewsPaper Saturday  18/04/2009 G Issue 13351
السبت 22 ربيع الثاني 1430   العدد  13351
 
أدوات استثمارية أم إفلاسية؟!

 

أعلنت هيئة سوق المال عن نيتها دراسة إضافة أدوات استثمارية لتعاملات السوق وتسمى المشتقات المالية تتمحور حول البيع على المكشوف وعقود الخيارات وبذلك تضاف هذه الأدوات إلى المتبع حالياً من بيع وشراء الأوراق المالية من السوق الثانوية بالإضافة إلى السوق الأولية وهي الاكتتابات. وكانت تداول قد أعلنت عن جاهزيتها لتداول الصكوك والسندات خلال هذا العام وبذلك نجد أن السوق المالية اقتربت كثيراً مع الأنظمة واللوائح الأخرى التي صدرت لتعزيز الشفافية وزيادة الرقابة على التعاملات وفك احتكار عمل الوسطاء والمؤسسات المالية عبر الترخيص للعشرات من المؤسسات لبدء مرحلة جديدة بالسوق المالية الأكبر عربياً وتقود اقتصاد المملكة كواحدة من دول مجموعة العشرين حيث تتركز الأنظار على الاقتصاد السعودي وسوقه المالي بشكل أكبر من ذي قبل مما يعني مضاعفة الجهود على كافة المحاور التي تنطلق بالسوق إلى مصاف الأسواق المتطورة والجاذبة للاستثمار وإذا كنا نثمن هذه الجهود إلا أنه لابد من إبراز دور هذه الأدوات المنوي العمل بها مستقبلاً ولن يكون بالمدى القريب طبعاً وذلك حسب إعلان الهيئة نفسه فهي بقدر ما تحمل من إيجابيات إلا أنها تكتنفها مخاطر عالية بخلاف الجانب الشرعي الذي سيحد من فعاليتها ودورها بشكل عام، وإذا كانت تمثل مرحلة مهمة من مراحل استكمال أدوات الأسواق المالية حتى تنطبق التسمية عليها ولا تبقى الصورة النمطية المسماة سوق أسهم لأنها تعبير عن جانب بسيط من أهمية السوق المالية عموماً وتساعد هذه الأدوات من الناحية الإيجابية بتنظيم تدفق النقد وتوزيعه بشكل تتوازن فيه المخاطر بأي محفظة ويزيد من حركة النقد المتداول ويعطي خيارات إضافية للمتداولين وخصوصاً المضاربين لأن هذه الأدوات تتركز بتبادل المخاطر وتوزيعها، كما تسهم ببناء عمل مؤسسي أكثر نضجاً حيث تقوي من دورها بتعاملات السوق، كما أن هذه المؤسسات تحتاج إلى شراء كميات كبيرة من الأسهم لتستطيع إقراضها بنظام البيع على المكشوف ويسهم هذا الخيار بتقليص التذبدبات العالية لأنه يحد من الخسائر التي تحدث الآن من خلال إقفال الأسهم بخسائر بالنسبة القصوى أحياناً دون طلبات كون هذه الأداة ستتدخل لتغطية المراكز مما يوجد طلبات بأسعار معينة وتورايخ قصيرة نسبياً وينطبق الأمر نفسه في حال الارتفاعات بالنسبة القصوى حيث ستدخل العروض لتقليص خسائر متداوليها بخلاف العقود التي تعطي خيارات تقرأ على أنها اتجاهات متوقعة لحركة السهم وبالتالي سيكون لدينا صناع أسهم واضحين ومعروفين كما يلغي حاجة هذه المؤسسات والصناديق إلى البيع أو الشراء بشكل كبير أوجد نمطاً عالي التذبذب على حركة السوق والأسهم المدرجة فيه وسيقلص على المدى المتوسط والبعيد من تأثير (القروبات) على السوق كون المحرك الرئيس لهذه الأدوات هم المؤسسات المرخصة ولكن بالرغم من كل هذه الإيجابيات إلا أن السلبيات أيضاً كبيرة فهذه الأدوات ستزيد من عمق الخسائر إذا تم التعامل معها بشكل عشوائي من قبل عموم المتداولين إذا كانوا يجهلون آليتها وفي عقود الخيارات الخسارة تعني إفلاساً لأنه إذا لم يتحقق الاتجاه المراهن عليه فهذا يعني حرقاً للمبلغ الذي تمت عملية العقد به لأن العقود تعني أسواقا آجلة وليس أسواقا عاجلة بمعنى أنك تراهن على حركة مؤجلة ومتوقعة ومجمل هذه الأدوات تعتمد على عوامل عديدة منها التحليل الفني والأساسي حتى تستطيع أن تبني قرارك عليها وبالتالي لابد للمؤسسات الاستثمارية أن تلعب دور الناصح بهذه الحالات، كما أنه يجب تقنين العمل بها والتدرج على مراحل حتى لا تتكرر المآسي التي لحقت بالمتعاملين سابقاً فهذه الاشتقاقات عرفها صندوق النقد الدولي أنها (المشتقات المالية هي عقود تتوقف قيمتها على أسعار الأصول المالية محل التعاقد ولكنها لا تقتضي أو تتطلب استثماراً لأصل المال في هذه الأصول. وكعقد بين طرفين على تبادل المدفوعات على أساس الأسعار أو العوائد، فإن أي انتقال لملكية الأصل محل التعاقد والتدفقات النقديه يصبح أمراً غير ضروري).

الأدوات الاستثمارية المتنوعة تخدم السوق إذا ضبطت تعاملاتها بشكل سليم فنعلم أنها كانت أحد أسباب الأزمة العالمية حيث وصلت قيمة تداولاتها 600 تريليون دولار وضخمت الأسعار ولعبت دوراً أساسياً بإفلاس العديد من المؤسسات والصناديق والأفراد مما اضطر الأسواق العالمية إلى إيقاف العمل بها على القطاع المالي لأول مرة منذ عقود طويلة، كما أوقفها البنك المركزي الكويتي نظير ما سببته من كوارث فلابد من التأني والحذر الشديد في قرار تطبيقها والتحوط الكبير والرقابة المركزة عند إقرار العمل بها فهي بالمحصلة لا تخدم الاقتصاد ولا عمليات التمويل التي نحتاجها لمشاريع الشركات سواء المدرجة أو التي تنوي طرح حصص بالسوق كاكتتاب فلابد من الاهتمام بالجانب التمويلي بالمرحلة الحالية والقادمة في ظل الأزمة المالية العالمية وقد يكون التركيز على سوق السندات والصكوك هو الأكثر أهمية لأنه جانب تمويلي واستثماري بنفس الوقت.

محمد سليمان العنقري


التعليق

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد