Al Jazirah NewsPaper Saturday  18/04/2009 G Issue 13351
السبت 22 ربيع الثاني 1430   العدد  13351
 
مستعجل
(زئبق أحمر) للبيع..!!
عبدالرحمن بن سعد السماري

 

قضية (الزئبق الأحمر) الذي حلَّ فجأة في مكائن الخياطة ما قبل خمسين سنة هي (نكتة) تعكس حجم عقول البعض، وتعكس كم هؤلاء بالفعل مهابيل وعقولهم صغيرة، وأننا وفق هذه الشائعة.. يمكن أن نصدق كل شيء.

** البعض من هؤلاء البسطاء أو (المهاف) كما يقول العوام (طاروا) وراء مكائن الخياطة القديمة.. ووصل سعر بعضها إلى ما يقارب مائة ألف ريال، وصار لها أسواق وحراج ومزايدات وصار لها صفقات وبيع وشراء.. والحظيظ هو الذي تركت له أمه -رحمها الله-، أو جدته -رحمها الله-.. ماكينة أو ماكينات خياطة واحتفظ بها؛ إذ بوسعه أن يشتري (فيلا) بثلاث مكائن فقط.. وزاد (هبال) البعض في البحث عن المكائن القديمة، وأصبح البعض يجمع هذه المكائن وترك بعضهم سوق الأسهم والعقار والبيع والشراء وسوق الخضار واتجه لشراء وبيع مكينات الخياطة.. حتى بعض بائعي الحبحب وبعض بائعي الخضار على (الونيتات) اتجه لبيع وشراء وتوزيع ماكينات الخياطة.

** بل إن بعضهم، وبعد أن كانت مكائن الخياطة مرمية تحت الدَّرج أو في غرفة السطح تنتظر رميها في أقرب نفايات تحولت هذه الخردات إلى صناديق حفظ النقود والمجوهرات أو المسمَّى.. (التجوري) بمعنى أن خردة الماكينة أُخذت من مستودع القراشيع الذي بقيت فيه ثلاثين أو خمسين سنة.. ونُقلت إلى (التجوري) على الفور؛ لأنها أصبحت حاجات ثمينة كالمجوهرات تماماً، والخردة -سابقاً- أصبحت في زمن المهابيل (أم أسد)!!

** هذه الماكينات أو الخردات قالوا.. إن فيها (زئبق أحمر) تركه الروس فيها قبل ستين سنة.. وهذا (الزئبق الأحمر) يدخل في صناعات كبيرة منها القنابل الهيدروجينية فهو غالٍ جداً جداً جداً.

** هكذا قال النصَّاب صاحب الإشاعة الأولى.

** ولا ندري هل الذي عبأ هذه المكينات قبل عقود بالزئبق الأحمر.. كان يجهل قيمته لدرجة أنه شحن هذه الماكينات به؟!

** ثم هل (ماكينات العجز) - ماكينات الخياطة - غواصات أو مدمرات قتالية حتى تُشحن أو تُعبأ بالزئبق الأحمر الخطير؟!

** هل الزئبق الأحمر مادة رخيصة حتى تُترك في هذه المكائن التي كانت تباع بمائة ريال وأقل؟!

** هل هذا الكلام يُقبل عقلاً؟

** هل وصلت عقولنا إلى هذه الدرجة من التدني بحيث نقبل هذه الإشاعة والتفاهات وننجرف وراء هذه الأضحوكة؟!

** إنه من المخجل.. أن نشاهد في الصحف وفي بعض محطات التلفاز جمعاً غفيراً من البشر تتجمهر وتجتمع في حراج ماكينات خياطة؟

** من المحزن.. بل من المؤلم جداً جداً.. أن نشاهد رجلاً يحمل فوق رأسه ماكينة خياطة؛ ليبحث عن الآلاف من الريالات في جيوب المساكين؟

** نعم.. رجل بعرضه وطوله.. وشماغ.. وعقال.. ومرازيم ونظارات شمسية.. وأيضاً (فَتْخَة) فيروزية و(يْبُوبز) أمام خردة ماكينة خياطة؟

** لقد قرأنا تحقيقاً صحفياً اشترك فيه خبراء من جهات علمية وعلى رأسها مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية تحدثوا فيه عن هذه الإشاعة وما تحمل من أكاذيب وزيف.. وفنَّدوا هذه الإشاعة وبيَّنوا معنى الزئبق الأحمر وأين.. وكيف يوجد وما هي استخداماته.. فاتضح أن هؤلاء المساكين الذين طاروا في العجة (ضايعين) وأن عقولهم صغيرة جداً.. وأن هؤلاء يمكن أن يُستثمروا في كل شيء.

** لقد أوشكنا.. أن نقرأ إعلانات عن بيع ماكينات خياطة.. أو زئبق أحمر للبيع.



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5076 ثم إلى الكود 82244
التعليق

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد