Al Jazirah NewsPaper Sunday  19/04/2009 G Issue 13352
الأحد 23 ربيع الثاني 1430   العدد  13352
 
هذرلوجيا
المعول والشجرة المباركة
سليمان الفليح

 

بالله عليكم أيها الإخوة القراء ماذا يحدث لشجرة هائلة نمت بين البحر والصحراء وأمدّ الله عروقها ببحر من (الماء الأسود) الذي سارع بمشيئة الله بنموها، وأصبحت دوحة وارفة الظلال، وأخذت تطرح بأمره مختلف أنواع الثمار ليعيش عليها أهلها سكان الصحراء وينعمون بالظلّ والدفء والأمن والأمان تحت تلك الشجرة المباركة التي تُعتبر حقاً هبة من رب العالمين لأولئك الجياع الحفاة العراة نظير صبرهم وإيمانهم ومكابدتهم التاريخية للجوع والفقر وسوء الطقس والجفاف، وبالطبع أخذت فروع تلك الشجرة تجود عليهم الخير حتى الاكتفاء التام، ثم أخذوا يصدِّرون محصولها إلى مختلف دول العالم، وأصبحت ثمارها هي تجارتهم الوحيدة التي أتاحت لهم أن يبنوا المساكن الفاخرة ويلبسوا الملابس الأنيقة ويبدلوا وسائط نقلهم البدائية (الجمال) بأفخر أنواع العربات، ولأن تلك الشجرة بظلالها وثمارها، وعطائها أخذت تجذب أنظار كل البحارة الذين يأتون (من خلف البحار) ليرتاحوا قليلاً تحتها ويستمتعوا بثمارها ويحملوا إلى بلادهم خيرات تلك الشجرة ولكنهم حسداً وخبثاً وأثناء قيلولتهم تحتها أخذوا ينبشون بخناجرهم ومعاولهم وبغفلة من أصحاب تلك الشجرة- جذورها الضاربة في الأرض ثم أخذوا بعد ذلك يحرضون سكانها سراً أن يقتطع كل منهم فرعه أو حصته من تلك الشجرة بالإضافة إلى ممارسة النبش اللئيم، أقول بالله عليكم أيها الإخوة القراء ماذا سيحدث إزاء ذلك لتلك الشجرة الباسقة، بالطبلع ستقولون بكل بساطة ستسقط تلك الشجرة بفعل المحاصصة والنبش.

***

ولكيلا تسقط تلك الشجرة المباركة دعونا نتحدث بكل صراحة عن الشجرة وأصحابها والغرباء القادمين إليها من خلف البحار، وعن أبنائها المغرر بهم الذين يصرون على اقتطاع الفرع الذي يخصه بالذات عن تلك الشجرة.

***

ولكيلا تذهبوا بعيداً في التفكير أيها الإخوة القراء أن تلك الشجرة هي جزيرتنا العربية الغالية التي جذورها (نجد) وفروعها (الدول الخليجية) قاطبة، والبحارة الغرباء هم الأقوام الذين أتوا إليها من غير تلك الصحراء بل من خلف البحار و(فهمكم يكفي) أيها الإخوة القراء.

***

أما سبب سردي لحكاية تلك الشجرة فهو هذا النقيق الكريه الذي يصدر دوماً من أحفاد أولئك البحارة الغرباء والجهلة من أحفاد أهل تلك الشجرة والذين ما لبثوا كل يوم وإزاء (مصالحهم الضئيلة) أن يطالبوا بفتح ملف (ازدواج الجنسية) مع أن ازدواج الجنسية هو ناتج طبيعي لطبيعة سكان الخليج نتيجة للهجرات النجدية المتعاقبة على طول تاريخ الجزيرة العربية بسبب الجفاف والأمراض وشح مصادر العيش، لذلك كان أهل نجد يهاجرون ويتاجرون من قلب نجد إلى سواحل الخليج، فالزبير، فالرطبه، ثم دير الزور، ثم حمص، ثم الشام، ثم شرق الأردن ففلسطين (غزة بالذات) حتى (أمبابا) في مصر، وقد تزوجوا من هذه البلاد واستقرت عائلاتهم النجدية الأصل هناك، ثم حينما مات الآباء انقطع الأبناء وبعد صدور قوانين الأحوال حملوا مرغمين جنسية تلك البلاد.

والأمر كذلك حصل بالنسبة إلى حكام دول مجلس الخليج فأسرة آل سعود الكرام اضطرتهم الظروف السياسية يوماً إلى الهجرة من نجد فاتجهوا إلى قطر، ثم إلى الكويت، ثم عادوا بفضل الله إلى الوطن الأم ثم بفضل المؤسس والموحد العظيم عبدالعزيز- طيب الله ثراه-، وكذلك فعل قبلهم حكام قطر وحكام الكويت إذ هاجروا من الهدار في نجد إلى قطر ثم استقروا في الكويت، وكذلك فعل أبناء عمومتهم حكام البحرين، أي بمعنى آخر لو كان هنالك في تلك الأيام قانون أحوال لحملوا كلهم جنسيات مزدوجة هم ومن هاجر معهم من الأسر والأفراد ولكنهم اليوم-والحمد لله- كل عائلة كريمة من هذه العوائل والأسر النجدية قد أصبحت تحكم وطناً من أرض هذه الجزيرة العربية التي باركها الله بالرسالة النبوية.

***

إذاً يبقى القول أخيراً أليس آل سعود الكرام وآل الصباح وآل الخليفة من قبيلة واحدة؟! فما المانع إذن أن يحمل رعاياهم جنسية تلك البلدان ماداموا من أصل واحد. ولكي نقنن الأمر (أي قانونياً) أما تقول كل دساتير وأنظمة وأحوال هذه البلدان أن هذا البلد (بلد عربي وسكانه من العرب وحكمه الشريعة الإسلامية ويحق لمن استقر فيه لعشر سنوات أن يأخذ جنسيته إذا كان عربياً وخمسة عشر عاما إذا كان مسلماً يتحدث العربية.

***

نحن نقول ذلك لمن يدعون المنافحة عن الدستور والقانون وهم أول الناس الذين يخرقون الدستور ويتجاوزون القانون وأنظمة بلادهم أيضاً، كل ذلك من أجل مصالحهم (الضيقة الخاصة) مع أننا نعرف تماما أن أهلهم وذويهم وأبناء عمومتهم بل وحتى إخوانهم يحملون أكثر من جنسية من هذه البلدان، فهل هؤلاء (الدستوريون) نسوا أو تناسوا ذلك أم أنهم ضحايا لمؤامرات من (جاؤوا من خلف البحار) لتفتيت البيت الخليجي العربي الواحد؟! أو اجتثاث هذه الشجرة المباركة.



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 7555 ثم إلى الكود 82244
التعليق

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد