Al Jazirah NewsPaper Tuesday  21/04/2009 G Issue 13354
الثلاثاء 25 ربيع الثاني 1430   العدد  13354
المنشود
غشاش في بريطانيا!!
رقية سليمان الهويريني

 

لم أستغرب قيام إحدى الجامعات البريطانية بإحالة عدد من الطلاب السعوديين المبتعثين للحصول على درجة الماجستير في أحد التخصصات النظرية إلى لجنة تحقيق للنظر في البحوث والأوراق العلمية التي قدموها كجزء من متطلبات التخرج بعد الاشتباه في قيامهم بعدد من المخالفات الفكرية التي تتنافى مع الأعراف الأكاديمية، وهو ما يسمى بالعرف الأكاديمي بالغش أو على رأي البريطانيين انتحال (plagiarism). ويعيش الطلاب السعوديون هناك حالة من القلق والترقب خصوصاً بعد أن قررت الجامعة التحقيق في بحوثهم عبر لجنة مكونة من اتحاد الطلاب وأساتذة من داخل وخارج الجامعة.

ويتوقع أن يواجه أولئك الطلبة عدة احتمالات: إما الفصل النهائي، أو الغرامة المالية الضخمة، أو السجن بما لا يقل عن عام، باعتبار أن اقتراف الغش جنحة فكرية كبرى يُعاقب عليها القانون، إذا لم تتسامح الجامعة أو يتدخل أحد لجعلها تكتفي بإنذارٍ خطي وتوبيخ و(قرص أذن)!!

وحقيقة لم أتفاجأ بمحاولة بعض الطلاب الغش! لأنهم اعتادوا عليه في بعض مدارس وجامعات بلادهم، بل ووجدوا من يصفق لهم ويشجعهم عليه باعتبار أن ممارسته شجاعة وبطولة!

وكثيرٌ من هؤلاء الطلبة كانوا ضحايا نجاح (للتسهيلات) من لدن بعض معلميهم. ولم يكن يتصور أحدهم قط أن ذلك يعتبر خداعاً أو يقال له يا غشاش. حيث إن مصطلح (غش) قد تلاشى نهائياً من قاموس التربية والتعليم، ليس لانتفائه وعدم وجوده بسبب تضوع أريج الأمانة، ولكن لتغيير مسماه إلى (مساعدة، تسهيل، تبسيط، تيسير، دعم نفسي) وقد يصل إلى: مسكين، دفُّوه لا يقعد بحلوقنا! فترى المعلمين يقذفون بالطالب من سنة لأخرى ومن مرحلة لما بعدها وهو لم يستوعب المرحلة التي هو فيها، فتتلقفه الأخرى فتجده (غير مهضوم) فتقوم بدورها بقذفه إلى المرحلة التي تليها حتى نهاية المرحلة الجامعية. ويبدو أنها هذه المرة قذفت به بعيداً، فسقط قبل الوصول إلى إنهاء مرحلة الماجستير ربما بفعل الغربة أو تبدل الوجوه أو تغير الذمم!

ولعل هذه المرحلة تساهم في إيقاظ أبنائنا المبتعثين فيكتسبون سلوكيات أوروبية بعد أن تخلوا - للأسف - عن أخلاقهم الإسلامية التي تمنع الغش بحديث صريح قاله عليه الصلاة والسلام قبل أكثر من أربعة عشر قرناً (من غشنا فليس منا).

وعود على طلبة الماجستير في الجامعة البريطانية، أذكر أن هناك فتوى قديمة تجيز الغش في مادة اللغة الإنجليزية كونها لغة الكفار! وربما قاسَ أبناؤنا ذلك على اللغة والمكان فتجرؤوا على الغش! والحق أنني لم أجد لأبنائنا الطلبة هناك عن مخرج لتلميعهم، وفشلتُ فشلاً ذريعاً في إبعاد الجنحة الفكرية عنهم، كما فشلتُ من قبل بالوقوف في وجه الغش في مدارسنا الابتدائية حتى توصلتُ لأضعف مراتب الإيمان، واكتفيت بمرتبة الإحسان!

ويبدو أن ما حصل للطلبة هناك هو عقوبة من الله بسبب ما لحق ببعض المعلمين المخلصين من آثارٍ نفسية جراء مكافحة الإرهاب، عفواً أقصد محاربة الغش!

rogaia143 @hotmail.Com
ص. ب260564 الرياض11342





 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد