Al Jazirah NewsPaper Wednesday  22/04/2009 G Issue 13355
الاربعاء 26 ربيع الثاني 1430   العدد  13355

بين يدي نايف بن عبد العزيز
العقيد الدكتور محمد بن زيد بن بريدان القحطاني

 

(لم يؤثروك بها إذ قدّموك لها

لكن لأنفسهم كانت بك الأثرُ)

بتعيين صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز نائبا ثانيا لرئيس مجلس الوزراء أجد أن بيت الحطيئة السابق قد أحيته الحوادث وتمثل به الكثير معي لمطابقته الحال التي عشتها وعاشها الغالبية من أبناء السعودية حال تلقيهم النبأ السعيد، ولربما كان من مصادر السعادة التي غمرتنا هو شعورنا بأن في هذه اللفتة من لدن والد الجميع خادم الحرمين الشريفين- حفظه الله- تكريم للوطن وللمواطن في شخص هذا الرجل. إن الإجماع الذي لمسناه جميعا من خلال فرحتنا بهذا القرار ليس له تفسير فيما أرى إلا أن لنايف بن عبد العزيز قبولا في السماء أنزله الله في الأرض.

ولست هنا في هذه السطور بصدد التهنئة لسمو النائب الثاني على هذا التكليف وحمل المزيد من الأعباء وثقل الأمانة، حيث إن هذا أمر يستوجب له علينا تقديم الدعاء بالمعونة قبل التهنئة. إنني هنا أجتهد في تبيان ما يعنيه هذا القرار للوطن والمواطنين من حقائق هي في نظري سبب الغبطة التي غمرتنا جميعا، حيث إنني أراها من قبيل البشرى لكل صديق وفيها الكبت والغيظ لكل عدو يريد شرا بهذا البلد وأهله، إن في هذا القرار تكريسا لوحدة الصف بين أبناء الأسرة المالكة وأبناء الشعب في جميع أطيافه، والتي انعكست بكل تجل وشفافية في تلك الفرحة الغامرة التي سرت فينا جميعا، وبدون ترتيب مسبق أو تهيئة متعمدة أو حتى توطئة سابقة. إن اختلاف الكلمة وتنافر القلوب من أخطر الأسباب المؤدية إالى ذهاب الأمم وسقوط الدول.

إن وحدة الجبهة الداخلية والتفاف الأمة حول قادتها ورموزها هي الحصن المنيع وخط الدفاع الذي لا يقهر، وليس هناك في حال تفكك الجبهة الداخلية أو انهيارها أو اختراقها من قبل أعدائها بسبب تضاد الأهواء وتنازع الرغبات أي نفع لجيش مهما كان عدده وتسليحه أو سطوته وجبروته، بل ربما كان في مثل هذه الحالة عبئا ووبالا على أهله. والتاريخ قديما وحديثا مليء بالشواهد التي تثبت أن انهيار الدول يكون سريعا وكارثيا عندما تقع الهزيمة من الداخل. بل ربما كانت هناك هزائم عسكرية في ساحات المعارك لأمة ما غير أنها تنهض بعدها سريعا وتعود أقوى مما كانت لأن هزيمتها كانت لأسباب عديدة ليس من بينها تفكك الجبهة الداخلية أو اختراقها. ولعل اليابان من أوضح الأمثلة على كلامي هذا، وفي المقابل فسنجد الكثير من الأمثلة ومن بينها دول عربية هزمت من الداخل قبل المواجهة في ساحات المعارك العسكرية.

وبالعود لسرد المزيد من الأسباب التي كانت وراء غبطتي التي أسلفت الحديث عنها فإنني قد رأيت في هذا القرار من لدن خادم الحرمين الشريفين أعظم الدلائل على أن سياسة الإصلاح التي يتبناها- حفظه الله- قد ولجت إلى عمق الدائرة ولم تبق تدور حول محيطها كما قد يظن أو يروج له بعضهم. إن القبول بالإصلاح والاقتناع بضرورته والعمل على تعميم ثقافته أمر لابد منه لمن يريد أن يتطور ويتقدم، كما أن كل خطوة نحو الإصلاحات العظيمة والقرارات المصيرية التي تصب في بوتقتها لابد لها من توفر ذلك القائد الذي يقيضه الله للقيام بهذه المهمة حين يجعل في شخصه مقومات القناعة لدى أتباعه للتسليم لإرادته والانقياد لتوجيهاته، انطلاقا من الرضا به والإيمان بقدراته والثقة بقراراته، وهذا هو الحال تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين حفظه الله من كل سوء.

في النهاية لقد ردد السواد الأعظم من أبناء هذا الوطن حين تكليف صاحب السمو الملكي الأمير نايف بمهام النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء إنه الرجل المناسب في الموقع المناسب، فالكل كان يعلم أنه حفظه الله كان رجل المواقف الصعبة والوقفة الصادقة الذي تفانى بكل ما تعنيه الكلمة في التصدي لموجة التطرف البغيض الذي بلي به البلد من بعض أبنائه كما بلي به من جهات خارجية على حد سواء، وكلنا نعلم ونشهد بأن صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز- حفظه الله-، هو رجل المبادئ والثبات عليها. حيث إنه ومع تعاقب الأيام وتتالي السنين لم يتغير في نهجه أو خطابه وكل مواقفه تحت أي ظرف أو استجابة لأي ضغط. أسأل الله له المدد والسداد، وأن يهيئ له الأعوان على الحق والرشاد.

رئيس مركز الدراسات والبحوث - كلية الملك خالد العسكرية

mzmzbraidan@gmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد