Al Jazirah NewsPaper Wednesday  06/05/2009 G Issue 13369
الاربعاء 11 جمادى الأول 1430   العدد  13369
تأثير تركيبة الشاب في بناء المجتمع
د. عبد الله بن سعد العبيد

 

كما تلعب التنشئة الاجتماعية دورا مهما في تركيبة المرأة الأم والمرأة الأخت والمرأة الزوجة فإن التنشئة أيضاً تلعب دور مهما في تركيبة الشاب، الزوج والأب وقبلهما الأخ والابن. وكما قلنا سابقاً إن المرأة هي نصف المجتمع وأكثر قليلاً وهي من يتم الاعتماد عليه في تهيئة وتنشئة الجيل ومساعدة الزوج

في تثبيت أركان المؤسسة الزوجية وهي مقياس درجة استقرار المنزل المسكن النفسي لمن به. فإن صلح إعدادها صلح إنتاجها بإذن الله وإن خاب تأهيلها فشلت مخرجاتها ولذا فهي بلا شك تلعب الدور الأعظم والأهم ضمن سلسلة المؤسسات التي تتولى الاهتمام بالجيل، فالشاب أيضاً يعتبر النصف الآخر لذلك المجتمع، النصف المكمل والذي لا يستقيم المجتمع دون وجوده فما بالكم بوجوده صالحاً ومفيداً.

إن إعداد الشاب علمياً ليصبح زوجاً وأباً أصبح ضرورة قصوى في ظل وجود الأدوات الباعثة على العبث الاجتماعي والأخلاقي وبالتالي الكفيلة بإخراج جيل مفكك لا يحمل قيمة ولا هوية. يتطلب إعداد الزوج والأب جهداً كبيراً لتعليمه مختلف أنواع الشخصيات وما يؤدي لها والكيفية التي ينبغي التعامل معها، فضلاً عن الأسلوب الذي ينبغي اتباعه للابتعاد عما يمكن أن يؤدي لخلق الشخصيات غير المحببة وما ينبغي اتباعه لخلق الشخصيات الإيجابية وتعزيزها وتقويتها.

وكما نطالب بإعداد المرأة من النواحي النفسية كونها من سيربي ويرعى أجيال المستقبل نطالب أيضاً بإعداد الشاب في الجهة المقابلة ذلك أن دور الأم في تربية ورعاية الأبناء يجب أن يتزامن معه دور للأب بل يجب أن يكون دور الأب في ذلك دوراً محورياً وهاماً ولا يكتفي بتحميل المرأة كامل الدور بمفردها، ذلك إن أردنا أن يخرج لنا جيل واع ومثقف وقبل ذلك خال من الأمراض النفسية وسوي.

يعرف علم النفس النوعيات المتعددة والمتفاوتة من الشخصيات بأنها سلوك متأصل في نفس الفرد ناتج عن موروثة الجيني والتربوي يجعل صاحبها مختلفاً عن الآخر في جميع ما يصدر عنه من أقوال وأفعال سواءً كانت علنية أم في الخفاء. وهذا يؤكد حقيقة مفادها أن لكل فرد نصيباً من نوع الشخصية الأخرى بمعنى أنه إذا توصل علم النفس لأكثر من نحو عشرين نوعاً من أشهر أنواع الشخصيات كالهستيرية والمسيطرة والفصامية والنرجسية وغيرها، فإن لكل فرد نصيباً من هذه الشخصيات ولو بمقدار يسير أو بعبارة أخرى، تنصهر تلك الشخصيات جميعها في تشكيل شخصية الفرد ولكن بمقدار مختلف فالشخصية السوية يكون لديها قدر من كل نوع من الشخصيات تلك، وقد يغلب نوع واحد ليميز صاحبه كأن يكون معتدلاً أو سوياً لكنه يميل إلى النرجسية في بعض تصرفاته وهكذا. وهناك استعداد جيني لدى الفرد لانتهاج سلوك معين في الحياة يتداخل ويترابط ويقوى مع أسلوب التربية في فترات مؤثرة في حياته كفترتي الطفولة والمراهقة فتتشكل ملامح شخصية الفرد بعد ذلك وتبدأ في الظهور بمظهرها التي ولدت عليه جينياً وسمحت البيئة المحيطة بها بتقويتها وتكريسها.

لذا إن كان لزاماً أن يتم توعية الأم وإعدادها بشكل علمي ليس فقط للتعرف على شخصية الابن أو الابنة بل وطرق ووسائل التعامل معها بشكل يضمن على الأقل حدوداً دنيا للتغيير والتصحيح وبالتالي زوال كثير من الظواهر السلبية التي بات مجتمعنا يشهدها مؤخراً وكان أبطالها شباباً صغار السن من الجنسين ذوي شخصيات غير سوية، ومن حقيقة إيماننا بالدور الهام الذي يفترض أن يلعبه الأب أيضاً فإن توعيته أيضاً أصبحت من الضرورات التي يجب عدم إغفالها.

أعتقد أنها مسئولية المؤسسة التربوية التعليمية لدينا، أعتقد أنه لابد أن يتم التركيز على ذلك من خلال الأنشطة غير المنهجية التي تعقد في مدارسنا للجنسين فيقيني أن النشاط في أساليب التعرف على الشخصيات السوية وغير السوية وطرق التعامل والتفاعل معها أهم بكثير من نشاط رياضي لا يحتاجه شبابنا لأنهم يمارسونه خارج أسوار المدرسة، وأهم بكثير من نشاط المخيمات الصيفية التي تعقد لأبنائنا في المدارس لأنهم ببساطة يمارسونه خارج أسوار تلك المدارس، بل ولا يجدون متعة في ممارسته داخل أسوار المدرسة، وهو أي النشاط المراد يصب في إعداده نفسياً وعقلياً للتعامل مع أجيال الغد.



dr.aobaid@gmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد