Al Jazirah NewsPaper Wednesday  06/05/2009 G Issue 13369
الاربعاء 11 جمادى الأول 1430   العدد  13369
لما هو آت
ما الحكمة..؟
د. خيرية إبراهيم السقاف

 

الحكمة تقول: من لم يجرب الجوع لا يعرف طعم الشبع..

لكن الحكمة لم تضع مقارنة بين من لم يجرب الجوع أبدا، ومن لم يتذوق طعم الشبع مطلقا..

وليس الجوع هنا عن اللقمة تؤود المعدة عن تضور الفراغ من الأكل، ولا ذلك الشبع الذي تملأ به الأطعمة فراغها..، لأن هذا الجوع، والشبع من بعده أمران ماديان يمكن لأي أحد أن يمد يده بقطعة من رغيف، وشربة من ماء فيسد بها جوع المعدة وعطشها...

الجوع هنا فراغ فكر، وهوة نفس، وتيه قلب، وضباب خيال، ويباب حس..,

الجائعون كثر ومؤونة الفكر وعيه، والنفس رضاها والقلب طمأنينته، والخيال خصوبته، والحس يقظته،...

والحكمة تقتضي حصد الجوع، والتصدي للفاقة فيه، ولئن تصدت الدول لمكافحة الفقر والجوع في الغذاء بزيادة مساحات الأراضي الزراعية، واستنبات أنواع الفواكه والخضار، ومعالجة أمراض الحيوانات لسلامة اللحوم، ومكافحة التصحر وإقامة السدود وتنمية موارد المياه وضخ روافد التحلية، والحفاظ على البيئة البحرية للحفاظ على حياة الأسماك، وعمل كل ما يدر لسوق الغذاء ما يقي الإنسان مغبة الجوع وأمراضه، لكن جوع العقول والنفوس والخيال والحس مرهون بالذوات المفردة، فكل مسؤول عن فكره، ونفسه، وخياله، وحسه، وقلبه..

فالأرصفة تعج، والفضاءات تكتظ، والطرق تتكاثر، والمنافذ تتقاطر، لكن من يختار البوصلة، ويحسن رفع السكين..؟

هناك في سوق الغذاء للفكر والقلب، والخيال، والحس، والنفس، بضائع كثيرها يحتاج للجز، وقليلها قابل للحرز، وأفضلها أندرها, لكن من الحكمة أن نقول: إن قليلا ذا امتداد، خير من كثير ذي ارتداد.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد