Al Jazirah NewsPaper Sunday  10/05/2009 G Issue 13373
الأحد 15 جمادى الأول 1430   العدد  13373
صَكّ.. (إعْصَار)..؟!!
حماد السالمي

 

أعرِض هذه القصة على أنظار وزير العدل، الدكتور (محمد العيسى)، فالمؤشرات اليوم، تدل على عزمه على الإصلاح الإداري في جهاز وزارته، وتصميمه على القضاء على ما يسيء إلى صورة هذا الجهاز بشتى صوره،..

والناس تنتظر المزيد الذي يجعل من القضاء، إدارة نموذجية، تحقق العدل والإنصاف، وتنجز قضايا الناس ومطالبهم في حياتهم وليس بعد مماتهم.

* يقول صاحب هذه القصة المثيرة حقاً: قرأت لكم مقالاً هنا عنوانه: (إعصار في الإعسار)، نشر في هذه الصحيفة بتاريخ (1 فبراير 2009م )، و يعلم الله بأني كفيل غارم، وقد تضررت بخصوص (صك الإعسار) هذا، وما تبعه بعد ذلك، من (إعصار) مدمر، دمرني وما زال يدمرني، مثلما يدمر غيري من الضحايا.

* ثم يقول: القصة يا عزيزي - والله واقعية وحاصلة - وفيها صكوك على ضحايا نتيجة هذا النصب والتلاعب. يضيف: كانوا ثلاثة، اثنان محترفا نصب واحتيال، والثالث موظف في المرتبة التاسعة، كان هذا الثالث هو الضحية. كان في موقع جيد، وفي ستر وعافية، حتى جاءه من دخل عليه من باب الدِّين، وسمات التقوى والصلاح، والكلام في الكسب الحلال والكسب الحرام، وبيان محقرات الذنوب ومصغراتها.

* بدأ الثلاثة في العمل جميعاً، حتى ظهر الطمع على أحدهم، فأخذ يورط رفيقيه في الدرب، ثم يظهر بمظهر المنقذ لهما، فيقرضهما المال لتدبير أمورهما التي أخذت تتدهور، وكانت هذه بداية المشاكل.

* راح الثالث يحرر بعض العقود غير الرسمية بطريقة البيع والشراء بعتك شريت عطنا كفيل - كان الثاني هو البائع، وكان الأول هو الشاري، وكان الثالث هو الكفيل الغارم بينهما، أي الضحية المستهدفة.

* تمكن البائع المزعوم، من توريط الكفيل، وبهذا.. انتهت مهمة الشخص الأول، لتبدأ بعد ذلك دورة المطالبات، فتنهال المشاكل على الكفيل، حتى تم سجنه لمدة 4 أيام، وخلال هذه الفترة، كان البائع يستفزه ليقوم بتوقيع ورقة بقيمة (تزيد عن 10 ملايين ريال)، وهي جميع ما يطالب به، بل يوهمه بأن المبلغ أكبر من هذا، ولكنه يتسامح معه مقابل توقيع هذه الورقة، فيوقِّع وهو المغلوب على أمره، من أجل أن يُفرج عنه، و يخرج من السجن و يطالبه بما هو صحيح وفعلي، وكان هناك من يفزع مع صاحب الملايين المكذوبة، بهدف الضغط على الضحية التائه.

* بعد ما خرج الكفيل من السجن، وأحس البائع بأنه سوف يقلب عليه، قام وعدَّل في تلك الورقة، فجعل المبلغ (أكثر من 40 مليون ريال ) بدلاً من (المبلغ السابق)، وذلك بناءً على ممارسة مسبقة من تلاعب بالكلمات، وتباعد بينها في الورقة، حتى تمت إضافة (ما يزيد عن40 مليونا).

المهم أن البائع أعد كميناً محكماً، وبمساعدة من متنفذين فزاعين، تم القبض على الكفيل وإيداعه السجن مرة أخرى، فهو اليوم هناك حتى إشعار آخر، ومن قهره وضيمه وغبنه، أصابته جلطة في عضلة القلب، فأغمي عليه، وأجريت له عملية جراحية في الشرايين.

* يضيف صاحب القصة الحزينة : هناك قصة ثانية وثالثة لنفس النصابَين، البائع والمشتري، وقعتا في مدينتي الكبيرة جداً.. جداً.. السيناريو واحد في كل مرة لا يتغير، يطالب البائع بالمديونية. يمانع المشتري ويتهرب، وإذا وصلا للمحكمة، يصدر (صك إعسار)، ويتحول صك الإعسار هذا، إلى جواز عبور لابتزاز الطرف الثالث وهو الكفيل، وفي هذه اللحظة، يتكأكأ المتكأكئون على الفريسة ( الكفيل )، وتبدأ المساومات والتبصيمات على ورق أبيض أحياناً، بحجة الرغبة في إنقاذه مما هو فيه، وفي آخر المطاف، ليس أمام المتضررين من سيناريو (صك الإعسار) أو (الإعصار)، سوى السجن أو المرض المميت أو الجنون، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

* هذه قصة أو مأساة في الواقع. إنها واحدة من آلاف مثلها أو أسوأ منها، ولا شك أن طريقة التعامل في مرافعات المديونيات بين الدائنين والمدينين، واللجوء إلى إصدار (صكوك إعسار) لصالح مدعي الإعسار، إنما هي طريقة تشوبها شُبَه كثيرة، فالادعاءات الكاذبة، والتحايل بهدف تمييع الحقوق والتهرب من المطالبات، كل ذلك شائع ووارد، وإذا توجت هذه الممارسات الملتوية بصكوك شرعية، تحمي المدعين والمتحايلين والكذَبة، فهذا أمر يحتاج إلى معالجة عاجلة في وزارة العدل، وفي كافة جهاتها القضائية، حتى تستقيم العدالة بين الناس، وينتصر القضاء بالإنصاف لأصحاب الحقوق الشرعية.

* أفتونا يا وزارة العدل، في أمر (صك الإعسار)، الذي أصبح بمثابة (تسانومي).. أو (صك إعصار) مدمر، لكثير من الناس الذين أوقعتهم حظوظهم العاثرة في طريقه.



assahm@maktoob.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد