Al Jazirah NewsPaper Tuesday  12/05/2009 G Issue 13375
الثلاثاء 17 جمادى الأول 1430   العدد  13375
المنشود
لِمَ تعاني وحدك؟!
رقية سليمان الهويريني

 

يحدث أن تمرَّ بك أزمة، أو موجة حزن، فيحرقك الألم، وتضيق بك الدنيا، وتُغلَق مسام تفكيرك، وتوصد أمامك مسالك الفرج!

وقد يحيط بك اليأس ويحكم قبضته على عنق الأمل! ويقبض بإحكام على رقبة التفاؤل. فتعيش المعاناة لوحدك في دهاليز الحيرة وممرات التردد، وكهوف الشقاء!

وقد ترسف بك أغلال الكبرياء، وتكبلك أصفاد الإباء وتثقلك قيود الحياء، فتمنعك من الشكوى؛ ليكون خيار الصمت - برأيك - أبلغ وأستر!!

أو هكذا تتوقع!!

عندها يزيد صخب الألم، وضجيج القهر، وعتمة الظُلم.. فتَسد منافذ سمعك وفتحات بصرك، وتعيق حركتك، وتشل أطرافك، وتضعف مقاومتك.. وتتضخم ذاتك صبراً أو حلماً!

أو هكذا تتصور!!

وتقلبِّ نظرك فيمن حولك من البشر فلا تهون عليك ذاتك العظيمة التي تسكنك من أن تُمسَّ أو يُخدشَ كبرياؤها، أو تهانَ كرامتها التي ما فتئتَ تغذيها من عروق الأنفة، وشرايين الترفع! وتجتمع في وجهك ملامح الغضب حيناً والانكسارِ أحياناً كثيرة، فتكره أن تستمرئ الشكوى أو تستطيب البكاء، لأنك كبير!!

أو هكذا تتخيل!!

وتتقلص في نفسك كل النجاحات التي حققتها، والسباقات التي أحرزتها، وتتضاءل في عينيك كل المكاسب التي حصَّلتها سواء كانت حرباً خضتها أو معركة حسمتها سلماً أو صلحا!!

أو هكذا تزعم!!

وتتسع أوردة وجعك لتستوعب سرعةَ وسطوة تدفقه لتتحول إلى جداول، بل أنهار تصب في محيط الحزن!! وفي لجة حيرتك ترنو لمراكب الألم وهي قابعة في قلب ذلك المحيط تأبى أن تفتح أشرعتها للرحيل وكأنها تنتظر أن يأتي البشير فيلقي في وجهها قميص التفاؤل مؤذناً بانفراج الأزمة!!

أو هكذا تأمل!

وتتعفف عن البحث عمن يمنحك قميصه دون استجداء!! لأنك تنقب عمنْ يضمك داخل قميص قلبه! أو يحتضنك بين أضلاعه حتى تلفظ أقصى آهاتك، وتذرف آخر دموعك، ويداوي حروقك، ويضمد جراحك، ويمسح عبراتك، فيمسكها على هونٍ أو يدسك في قلبه، ليسقيك من شرايينه عذوبة حنانه، ويرويك من أوردته رحيق لطفه، ويمددك بعروقه خلاصة حبه!

فلِمَ تكابد معاناتك لوحدك حين يهبك الله من يَسْعَد بحبك، ويستعذب قربك، ويفرح بوجودك؟!

ولِمَ تقاسي مرارة الشقاء عندما تجد منْ يمنحك قلبه الدفء حين ترتعد أطرافك من برودة اليأس أو صقيع الأسى، أو يتلظى فؤادك من حرارة الحرق أو سخونة الألم، أو تميد بك الأرض من لسعة القهر، أو هجير الوحدة؟!

وحين تزداد حرارة الألم وتتكاثف قطرات الوجع في نفسك، أقبل بقلبك، فهذا مغتسل باردٌ وشراب من محبٍ حريصٍ، ذي مروءة، يزيح من فكرك الحيرة ويغسل من قلبك الهم!! ويمحو بقايا الجرح.. حتى يصبح أثراً بعد عين!

فأرجوك لا تعش المعاناة والهمَّ، ولا تكابد لوحدك!

دعني أشاركك همك! يا بعد كل الهموم!!

rogaia143 @hotmail.Com
ص. ب260564 الرياض 11342



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد