بين الماضي والحاضر
في كل مرة نعيش فيها اختبارات فصل دراسي في مدارسنا وجامعاتنا، أرى أنه لابد من وقفة نسترجع فيها الماضي لنشعر بالاعتزاز والفخر بمؤسساتنا التعليمية، والتي شكلت منعطفاً مهماً في النهضة التعليمية والعملية، وباستذكارنا للماضي والحاضر، لابد لنا أن ندعو الله أن ينزل شآبيب الرحمة على باني هذه الانطلاقة جلالة الملك عبدالعزيز- طيب الله ثراه-، فبالانطلاقة هذه بدأ دخول المملكة مرحلة جديدة من مراحل البناء الإنساني.
ولأن عمري الزمني لم يواكب تلك المرحلة، إلا أن آباءنا وأساتذتنا- رعاهم الله عنوا بهاواهتموا بتاريخ تلك الحقبة، وكان اهتمامهم مادة علمية نهل منها الناهلون واستذكروا الماضي بكل تحدياته وضعف إمكاناته وشح موارده البشرية المؤهلة، فالشكر واجب والاعتراف بالجميل أوجب لجميع أساتذتنا في الجامعة، وإن كان الأمر يستدعي ذكر الأسماء فيأتي على رأس هؤلاء سعادة الدكتور عبدالله المانع الذي علمنا الكثير وتعلمنا منه ضرورة استثمار الشباب من خلال إطلاق قدراتهم وطاقاتهم الإبداعية لتكون الأساس المتين لمستقبل سعودي زاخر بصنوف المعرفة والإنجاز.
ترى من كان وراء هذه النهضة المباركة؟
وللإجابة عن هذا السؤال نقول: إنها تطلعات الملك المؤسس واهتمامه بجميع أبناء شعبه وحرصه على تعميم التعليم والنهوض بوطن كان بعيداً عن حضارة العصر وساحة تقدمه العلمي، وكم كانت نظرة الملك صائبة حين رسم السياسة المتوازنة التي تقوم على التمسك بالثوابت ثم مواكبة ما يطرأ على الساحة من تقدم علمي، ومواصلة لهذا النهج القويم تمسك أبناء الملك عبدالعزيز -حفظهم الله- بهذه السياسة حيث افتتحت المدارس النهارية وإلى جانبها المدارس الليلية لمكافحة الأمية، وحشدت الطاقات واختير الرجال القادرون على تحمل المسؤولية، بعد ذلك جاءت مرحلة التأسيس لجامعات حملت بذور العطاء التي أنبتت سنابل الخير، وراح الشباب السعودي وبهمة وعزيمة ينهل من علومها، وبذلك تحقق معنى اللغة الصادقة المتبادلة والأنشودة الشجية بإيقاعاتها بين حكام نذروا أنفسهم لخدمة دينهم ووطنهم وبين شعب جاد طموح وهب لهؤلاء الحكام الحب والولاء.
دأب الأبناء على خطى أبيهم متسلحين بحميمية العلاقة التي تجمعهم بأبناء وطنهم فما تركوا جهداً لدعم مسيرة العطاء والإبداع حتى تخطت المملكة العديد من التحديات والعقبات لتصل إلى مصاف الدول العصرية نمواً وتطوراً علمياً واقتصادياً وسياسياً واجتماعياً.
إن دولة اتخذت من الشريعة الغراء منهاجاً لابد أن يكون العلم ديدنها، ومن هنا كانت توجيهات ولاة أمرنا أن يتلازم العلم مع الإيمان لبناء دولة حضارية تقوم على أساس قابل للحياة.
وكم هي مشرفة أيام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز- حفظه الله ورعاه-، فالسعوديون ينامون على عطاء قد تحقق ويفيقون فتكتحل صباحاتهم بجامعة تشيد أو مدينة تبنى أو مصنع يؤسس ليكون لبنة في هذا الكيان الراسخ، وبهذا تم ربط التعليم في جميع المراحل بخطة التنمية العامة للدولة.جميلة تلك العبارة التي كنت أسمعها على لسان أستاذي الدكتور المانع عندما كان يقول: مضيئة هي سياسة التعليم في وطن الغالي.
لك وطني كل حب. ولك أستاذي كل تقدير.
المشرف العام على مدارس الجيل الأهلية.