معظم العاملين في المجال التربوي يدركون أهمية القرار التربوي عندما يصدر ويطلب أن ينفذ وذلك لضخامة المنتسبين لوزارة التربية والتعليم من الطلاب والمعلمين وارتباط أولياء الأمور بأبنائهم وارتباط المعلمين بأسر كذلك.
وصناعة القرار ليست بالصناعة السهلة، فكلما كان القرار ملامساً للواقع قريباً من الممكن تطبيقه فإنه سيلقى التفاعل والتعامل معه بشكل مقبول وحس معقول ووزارة التربية بما تحفل به من رجالات وكوادر وعناصر عالية وعلى مستوى من العلم والمعرفة والأداء تدرك أهمية القرار عندما يخرج من مبناها إلى الميدان التربوي وأي قرار لا تسبق (تنفيذه) أربع خطوات يكون من القرارات التي تسمى مرتجلة أو عشوائية والخطوات هي:
1- حجم المعلومات المتعلقة بالقرار.
2- الأهداف التي يقوم عليها القرار ويسعى إليها.
3- توقيت القرار متى من حيث الإصدار ووقت التنفيذ.
4- المستهدفون من القرار هل أخذ الكل في الاعتبار (المعلم - الطالب - الأسرة).
يليها (التنفيذ) ويعقب التنفيذ خطوة أراها مهمة وضرورة وهي (النتائج) لأن الوقوف عليها سيساعد على معرفة صحة القرار وحجم التفاعل معه وحجم الإنجاز وهل يتم الاستثمار فيه أم لا مستقبلاً.
على كل حال.. صدر قرار الوزارة الأخير والذي تضمن حضور طلاب المدارس الابتدائية في نفس الوقت الذي يؤدي فيه طلاب المرحلتين المتوسطة والثانوية الاختبارات ويكون خروجهم بالتنسيق.
أنا أتمنى لو عدتم للخطوات التي ذكرتها وطبقتموها على القرار ستجد أن هناك من السلبيات ما يمكن أن تكون مضاعفة للإيجابيات والأهداف التي أرادها القرار بدليل أن أولياء الأمور سحبوا أولادهم من المدارس في الأسبوع السادس عشر وأن هناك حالة من التذمر والنقمة سادت عند المعلمين ومع الأسف أستطيع أن أقول إن بعض القرارات عندما تكون غير مدروسة تعود بنتائج عكسية وأخشى ما أخشاه في هذا الجانب.
أن تفقد الوزارة تفاعل الميدان التربوي مع كل قراراتها التي ستصدر لاحقاً وتفقد الردود الإيجابية معها لأن الجميع أصبحت عنده ردة فعل من قرارات يراها لا تلامس الواقع ولم تهتم باقتصاديات الجهود والوقت فعلى سبيل المثال؛ الأسبوعان السابع عشر والثامن عشر اللذان طلب فيهما حضور طلاب المرحلة الابتدائية والتقييم بأنشطة كان القرار سيكون قوياً ويتم التفاعل معه لو نزل من مطلع العام وهنا (عامل التوقيت) و كان سينجح لو لم يكن طلاب المرحلتين العليا في اختبارات وهنا (الأهداف) وكان سينجح لو كان واقعياً فأشار على سبيل المثال:
أ- عقد دورات للمعلمين خلال الأسبوعين بالاتفاق مع مراكز التدريب في كل منطقة في الحاسب.
ب- تنفيذ برامج في تبادل الزيارات بين المدارس وكانت فرصة ليطلع معلمو كل مدرسة على جهود المدارس الأخرى ويتم توثيقها بين المدارس المنفذة للبرنامج.
ج- تكليف المشرفين التربويين ومشرفي التدريب لتنفيذ دورات في موضوعات تربوية.
د- تكليف المدارس بعقد ورش عمل ينفذها معلو المدرسة فيكلف اختيارا من مدير المدرسة وهنا إعداد قيادات وتصحيح مسارات من منطلق التطوير الذاتي واستثمار معامل الحاسب الآلي بالمدرسة.
وسواء نفذ هذا أو ذاك من هذه البرامج تلزم كل مدرسة برفع تقرير عما قامت به مع قيام كل إدارة بمكافأة من قدم جهوداً واستشعر المسؤولية ومحاسبة كل من فرط (معلماً كان أو مدرسة) ولو فعّلنا قانون المحاسبة لما كثرت مظاهر التمرد والتكاسل والعناد في أشرف الميادين الوظيفية.
ولكن القرار نزل إلى الميدان فكم كنت أتمنى لو أن الوزارة تحاول ردم الفجوة بينها وبين الميدان التربوي فتلجأ إلى الاستفتاءات السريعة ويمكنها التنسيق في ذلك مع وزارة الثقافة والإعلام وتوظيف الصحف المحلية وأن تهتم بالدراسات التربوية في صناعة قراراتها حتى لا تدع فرصة للعوام وغيرهم لانتقاد قراراتها ووصفها بالمرتجلة وقبل أن تتلقى حالة من التذمر عند منسوبيها من جراء إصدار قراراتها وإن كنت أعلم بأن إرضاء كل المعلمين غاية لا تدرك.
لكن القرار السليم يحرص على تنسيق الجهود وتوظيف الحسابات من حيث (الوقت وحجم العمل ومقدار العطاء والنتائج) وهذا ما أتمناه في كل قرار قادم فاستثمار الطاقات وتنظيم الجهود وحفظ الأوقات هو الأهم للوصول إلى الغايات فلا يهم كثيراً القرار الذي لا يتعامل إلا وفق حسابات إدارية فقط هدفها ضبط ساعات الدوام وجميعنا نعلم بأن ساعتين من العمل الجاد قد تفوق عشر ساعات يقضيها موظف مع الكسل والنوم والجوال والإنترنت ولهذا إذا لم تكن الرقابة الذاتية هي منطلق كل من يعمل في ميدان التربية والتعليم فلن تنفع معه كل حسابات الضبط الإداري لكنه لن يفلت من عقاب الله وخير المعلمين عليه أفضل الصلاة والسلام قد نبهنا وقال (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه).
ومن منطلق الإنصاف والعدالة أقول مهما كان القرار الوزاري فأنا أربأ بالتربويين أن يضعوا أنفسهم في مواقع يسيء إليهم وهم يعبرون عن ردود أفعالهم سواء في المجالس أو عبر الإنترنت بكلام وتعليقات تقوم على إساءة الظنون أو الإساءة للآخرين خصوصاً أن الوزارة تحظى برجال نذروا أنفسهم لخدمة دينهم ووطنهم وقد يخطئ المجتهد وأن الذي يعبر بسوء فهو يجب أن يعلم بأنه معلم تربوي أي أنه مسؤول عن تربية وتهذيب وإصلاح عقول ونفوس الناشئة ولا يجدر به أن ينساق خلف لغة لا تنتمي إلى عالمه ولن تكون مقبولة منه ولكل إنسان حق التعبير وعرض الرأي ولكن وفق القوانين الأخلاقية ونحن المسلمين نتحلى بخلق كريم من تعاليم دين عظيم أولى الناس التزاماً بأدبيات الحوار والاختلاف.بقي لي أن أختم بنقطة مهمة وهي ضرورة أن ترفع إدارات التربية والتعليم إحصاءات الحضور للطلاب والمعلمين وبيانات حول الأنشطة التي اقترحها القرار من حيث التنفيذ من عدمه وأن تزود المدارس المشرفين التربويين بكافة البيانات والإحصاءات المطلوبة بكل مصداقية ورفعها لمقام الوزارة لأن هذا سيعينها على تقييم قرارها.
خميس مشيط
faya11@gawab.com