Al Jazirah NewsPaper Tuesday  12/05/2009 G Issue 13375
الثلاثاء 17 جمادى الأول 1430   العدد  13375
صور من تراثنا الفلسطيني في الأمثال الشعبية (2-2)
وسيلة محمود الحلبي

 

ما قيل عن الخيول

أما الخيول.. فقد ارتبطت بالفروسية. وصفاتها العزة والكبرياء والأنفة وارتبطت بالواقع الطبيعي والاجتماعي والاقتصادي في فلسطين، إذ لم يكن أي شخص قادراً على امتلاكه واعتبر الخيل ثالث أركان السعادة بالنسبة للفلسطيني قيل (السعادة بثلاثة.. الدار الوسيعة، والمرة اللطيفة، والفرس السريعة). وقد كان احتلال الفرس حدثاً مهماً في حياة الفلسطيني، حيث يشاركه في فرحه الأقرباء والجيران والمحبون وحتى البعيدون قيل: (ما لك بتمشي وبيدك جرس - قال انسيب نسيبنا اشترى فرس).كذلك قيل: (المهرة من خيالها) وتقال للفارس الشديد والقوي والمتمرس. ولا خوف عليها من المهمات الصعبة التي خلقت من أجلها قيل: - (لكل جواد كبوة) - (والخيل الأصايل تجود في الآخر). وتظل الخيل مقترنة بالفروسية ولا يمكن أن يسد مكانها أي حيوان مهما حاول الآخرون تزويقه يقال: (من قلة الخيل شدوا ع الكلاب سروج) فلا السروج تنفعها ولا هي قامت بمهمة الخيول. وقد قرن اللسان بالحصان فقيل: (لسانك حصانك إن صنته صانك وإن هنته هانك).

الأبعاد الاجتماعية في

المثل الشعبي الفلسطيني

أما الأبعاد الاجتماعية في المثل الشعبي الفلسطيني فهي متأصلة فيه وليست مكتسبة والأصل للشعب الفلسطيني مستمد من الأخلاق الرفيعة والارتباط بالوطن والبعد والاعتزاز بالأهل مهما كانوا.. والأصل متوارث فمن كان والده ممثلاً مركزاً مرموقاً فهو يعطه بالتوارث لأبنائه مهما كانت صفاتهم لأن سطوته تغرس احترام الناس لهم خوفاً من (فلان ابن ساس وداس) ولأن (فرخ البط عوام) (أهل الصغار من أهل الكبار). ويرتبط الأصل كذلك بانتماء الفرد واعتزازه بهذا الانتماء وعدم إنكاره وتفضيل ابن البلد أو بنت البلد على الغير

- (خذ من زوان البلد ولا توخذ من قمح الجلب)

- (خد من طين بلادك وحط ع خدادك) لمن يود الزواج.

- و(خذ الأصيلة ولو أنها ع الحصيرة)

- (وعليك بزينات الأصيل)

ويقترن بالأصل السمعة الجيدة فيأخذون بشورته حتى ابنته هي مرجع للشورى لأن رأيها مستمد من رأي أبوها الاصيل

- (بنت الأجواد تشاورها.. شورها من شور أبوها)

- (وطبع الفرس من الفارس).

الأمثال السعبية الفلسطينية في المال:

والأمثال الشعبية الفلسطينية المتحدثة عن المال تتحدث عن مفاهيم اجتماعية مختلفة حول قيمة ودور المال في حفظ حياة الإنسان وكرامته.كذلك في توجيه العلاقات الاجتماعية بين الأفراد على ضوء وجوده وحضوره كعامل مهم في هذه العلاقات مثل:

- (اللي معاه فلوس ع الشنب بيدوس)

- (قرشك في جيبك ساتر عيبك)

- (يا عاشق بلا مال طربوشك بلا داير - اصبر ع العشق حتى يكمل الداير يا اللي بعشاك حاير).

ويقال: - (الدراهم مراهم)

- (وإذا معك قرش تسوى اثنين)

- (اللي معاه فلوس بنت السلطان عروسه).

والمفهوم المادي البحث وليس هو السائد وحده على الساحة. فهناك من يعتز بكرامته ولا يساويها بالمال ولو اشتد الإغراء. فالاعتزاز بالعائلة والشرف والأصل لا يقدر بثمن.

- هين فلوسك ولا تهين نفوسك

- بيت رجال ولا بيت مال

- تاجر بدينار اسمك في البلد تاجر وبألف دينار بنفسك لا تاجر.

ويلعب المال دوراً مهماً في التأثير على العلاقات الاجتماعية بين الأفراد وليس هذا فقط، بل إنه مصدر مهم للاستقلال. ودرء الحاجة واللجوء إلى الاقتراض، بل يصل إلى حد تشكيل العلاقات الاجتماعية تبعاً للدور الذي يقوم به في أوساط اجتماعية مختلفة.

وتلعب الأمثال الشعبية في الادخار دوراً مهماً فيقال:

- ضب قرشك الأبيض ليومك الأسود

- نقطة على نقطة بصير بحر

والادخار إذا وصل إلى حد البخل فهو مرفوض من قبل الوجدان الشعبي الفلسطيني قيل:

- (أمسك على القرش بسخطك)

- (كلب حامل خرج مال)

وفي الاقتراض والدَّين لعبت الأمثال الشعبية الفلسطينية درواً مهماً فقيل:

- (الدين هم في الليل وذل في النهار)

- (كل شي دين حتى دموع العين).

المرأة في المثل الشعبي الفلسطيني

سجل المثل الشعبي انحيازاً واضحاً لصالح الأولاد الذكور في نظر آبائهم فرسم صورة واضحة لطبيعة التعامل الواجب اتباعه بين الآباء وأبنائهم في المجتمع الذكوري.

- (أطعم ابنك الغالي ولبسه البالي)

- (لو هجموا عليك القوم لا تصحي ابنك من النوم)

أما العلاقة بين الأب والابن ضمن وسائل تربوية اجتماعية فقيل:

- (إن كبر ابنك خاويه) - (إن خلقت لحية ابنك زين لحيتك).

وقد أفرد المثل الشعبي مساحة واسعة من اهتمامه للمرأة سواء بنتاً، أماً، أختاً، زوجة - رغم أن الأمثال الشعبية لم تنصف المرأة ولم تعطها حقها الطبيعي. وقد كانت الأمثال الشعبية قاسية على المرأة. ومنها:

(النسوان ناقصات عقل ودين) - (المرأة بنص عقل)

وعن الحياة الزوجية مثل: (مرة ابن مرة اللي بيعطي سره لمرة)

(اسمع للمرة ولا توخذ برأيها) - (شاوروهن وخالفوهن)

وهناك بعض الأمثال تعاملت حديثاً مع المرأة. مثل قصة المرأة المنجية قيل: (المرة عمارة) - (المرأة أم العيال أكبر تجارة)

- (بنت الرجال ما بتهاب الرجال).

وعن هم البنات والخوف عليهن قالت الأمثال:

- (هم البنات للممات)

- (جوزت بنتي لأرتاح من بلاها - اجتني وأربعة من وراها).

والمثل الشعبي في بعض جوانبه نقل إلينا محاولة ضعيفة سعت فيها المرأة للنيل من هيبة الرجل (يا مأمنة بالرجال يا مأمنة بالمية بالغربال).

وهنا سأعرض بعضاً من الأمثال الشعبية الفلسطينية:

- (نفس الرجال يحي الرجال) كناية عن شد أزر القوي بقوي مثله.

- (شعرة على شعرة بتصير لحية) كناية عن جمع الثروة من المتفرقات.

- (اللي في بطنه عظام ما ينام) أي أن الهموم لا تغادر صاحبها.

- (اللي خلف ما مات) كناية عن حفظ النسل وتخليد النوع.

- (لا تحلق شاربك بين اثنين هذا يقول لك طويل وهذا يقول لك قصير) أي أن إرضاء الناس غاية لا تدرك.

- (صفي النية ونام في البرية) أي أن الذي لا يحمل ضغناً على أحد يأمن غوائل الأعداء.

- (في المال ولا في العيال) الخسائر المادية مهما فدحت يمكن تعويضها بعكس الخسارة البشرية.

- (اليوم اللي بيمر ما بيرجع) يضرب في الحث على اغتنام الفرص.

- (السكافي والخواجه عريان) يضرب لمن يحترف شيئاً يفيد الآخرين ولا يفيد نفسه.

- (الجار ولو جار) يقال في حق الجار ولو كان مؤذياً.

- (الخبز مخبوز والميه في الكوز) يقال لمن توفرت لدية كل أسباب الحياة.

* إذن فالأمثال ميدان من تراثنا تكشف عن مخبآت ومكونات فكرنا وثقافتنا ودراسة لنفسية أجدادنا من خلال أقوالهم وأغانيهم ومسامراتهم. والأمثال الشعبية الفلسطينية جزء من الحياة الاجتماعية العزيزة على قلب كل فلسطيني وعربي مهما حاولت الصهيونية تغيير ملامح الحياة العربية.. وهذه الأمثال هي من الكنوز التراثية التي يجب المحافظة عليها من الضياع وهذا واجب وطني وقومي وإنساني.

عضو الاتحاد العام للكتَّاب والصحفيين الفلسطينيين




wasilah@maktoob.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد