Al Jazirah NewsPaper Friday  22/05/2009 G Issue 13385
الجمعة 27 جمادى الأول 1430   العدد  13385

الآلوسي.. وكتابه تاريخ نجد
د. محمد بن سعد الشويعر

 

أسرة الآلوسي، أسرة علميّة في بغداد، وعُرف عنهم مناصرة السنّة والجماعة، وقد نال الشيخ شكري، في هذا السبيل بعض الإشكالات، وكثير من علماء نجد ذهبوا للعراق، للتزوّد من العلم، ضمّتهم حلقات الآلوسيين، ومن آخرهم الشيخ محمد بن مانع، مدير المعارف بالمملكة سابقاً. وتعلّم هناك في عهد الملك عبدالعزيز - يرحمه الله -، فقد جاء في كتاب ابن بسام: علماء نجد خلال ثمانية قرون، بروز ذكر السيد محمود شكري الآلوسي....

...فقد ذكر في ترجمة علي آل يوسف، قول الشيخ محمد بن مانع: بأنّ عليّ آل يوسف، أحد تلامذة العلاّمة: محمود شكري الآلوسي، وكان زميلاً لنا في الدراسة على هذا الإمام: أي محمود شكري الآلوسي، صاحب كتاب: تاريخ نجد.

هذا الكتاب الذي وجدت في السوق طبعة جديدة منه بعنوانه الأول: تاريخ نجد تأليف محمود شكري الآلوسي، تحقيق وتعليق: محمد بهجت الأثري، حيث طبع مرتين الأولى عام 1343هـ بغداد انسلاخ رجب، حقّقه وعلّق عليه محمد بهجت الأثري، وطبع ثانية، وهي الأصلية في القاهرة، شعبان عام 1347هـ المطبعة السلفية بمصر، وعلى نفقة المكتبة العربية لصاحبها: نعمان الأعظمي بغداد.

وجاء في هذه النبذة التاريخية عن نجد، حسب المقدمة، هذا النص: الطبعة الأولى بغداد سلخ رجب 1343هـ حقّقه وعلّق عليه محمد بهجت الأثري، ولما كانت الطبعة الثانية عام 1347هـ الآنفة الذِّكر تتوفّر عندي نسخة منها.

فقد حرصت على هذه الطبعة، والتي نسمّيها (نسخة الورّاق) وحيث نُشر هذا الكتاب باسم: الطبعة الأولى لشركة (الورّاق) 2007م وهي الشركة الناشرة، وقد جُعل النشر والتوزيع للفرات ببيروت.

والمهتم بالكتاب الجديد، يريد معلومات جديدة، توضّح عن الكتاب والمؤلّف وسبب التأليف، وماذا في الطبعة الجديدة من تحسينات: بالزيادة أو التصحيح أو التحقيق، أو غير هذا مما يتعلّق بالمؤلّف وكتابه، ثم ما يتعلّق بالنسخة الجديدة وربطها بالجديدة وإذا رجعنا إلى التعريف بالمؤلّف، نجد خير الدين الزركلي، يقول في كتابه الأعلام: السيد: محمود شكري الآلوسي، ولد في عام 1273هـ - الموافق 1857م، وتوفي عام 1342هـ الموافق لعام 1924هـ، وأنه قد انتدبته الحكومة العثمانية، للسفر إلى نجد والسّعي، لدى الأمير: عبدالعزيز آل سعود (ملك المملكة العربية السعودية بعد ذلك)، للقيام بمناصرتها، فقصده الآلوسي سنة 1333هـ عن طريق سورية والحجاز، وعرض عليه، جاء من أجله.. فاعتذر. ثم قال:

وآب الآلوسي مخفقاً فلزم بيته، عاكفاً على التأليف والتدريس، فكان من كتبه: تاريخ نجد وهو مطبوع (الأعلام ط4ج8 ص50).

وبمثل هذا قال: عمر رضا كحّالة في كتابه: معجم المؤلفين التي لم تحدّد طبعتها ولا تاريخها، توزيع مكتبة المثنّى بيروت، وإحياء التراث بلبنان، وجاء عند كلّ منهما: بأنه حَمَل على أهل البدع برسائل، فعاداه كثيرون، وسعوا به إلى والي بغداد، فأصدر السلطان عبدالحميد الثاني، أمراً بنفيه إلى بلاد الأناضول، فلما وصل الموصل، كتب أعيانها إلى السلطان فسمح له، بالعودة إلى بغداد.

ثم أورد عمر رضا كحّالة، ما جاء عند الزركلي، في مجيئه إلى نجد لمقابلة ابن سعود وسببه.

وكنت متشوقاً عندما رأيت هذه الطبعة الجديدة، وبحجمها المصغّر وإخراجها الأنيق، أنْ يكون في هذا الجديد، شيء جديد لأنه قد عُرف عنه وعن أسرته وعلمائها: المحبّة الصادقة، للدعوة الجديدة التي شعّ ضياؤها من نجد، وجاء لمقابلة ملك تبنّى هذه الدعوة، لم تختلف عن الطبعة القديمة الثانية، في عام 1347هـ، إلاّ بالحجم والغلاف، وما فيه من تَشْوِيقات إعلامية.

فنسخة الورّاق أصغر حجماً، وأكثر صفحات في حدود (20) صفحة، وشكْل الغلاف وجودة الطباعة، وما فعل به الغلاف كواجهة أمام القارئ، من خارطة لجزء من المملكة العربية السعودية، وباللغة الإنجليزية، ولا تخلو من أخطاء.

أما الأخطاء الطباعية: وفي مسميات الأماكن والقرى، فبقيت على حالتها بدون تصحيح، مما يفقد الكتاب مكانته.

وقد أدخل المؤلّف في الكتاب، معلومات عن الخوارج، ومعتقداتهم، وحربهم مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهذا ليس له علاقة بهذا التاريخ، كما الحق به الشيخ سليمان بن سمحان، ما يتعلّق ببلاد عسير، ولو اقتصر على ما يتعلّق بنجد لأصبح صغيراً.

والمؤلّف - رحمه الله - قد أحسن في شرح الحديث، عن مواطن الفتن عندما أشار بيده، وبيّن بما لا يحتاج إلى مزيد دلالة في الإيضاح وما يعنيه الحديث بنجد، بما يجلى الحقيقة حسب إشارة رسول الله بيده الكريمة إلى جهة نجد وقال إنها في العراق.

وقد تمنيت عندما وجدت هذا الكتاب، أن أجد إضافة وتوضيحاً، وتصحيحاً وسبب تأليفه، لأنّ الله جعل لكل شيء سبباً فإذا هو نسخة طبق الأصل عن الطبعة الثانية، التي صدرت في عام 1347هـ، وبدون إضافات ولا تصحيح للأماكن.

أما عن سبب التأليف، فقد نوقش من قبل، ولم نجد رأياً مقنعاً، وقد أعاد بعضهم السبب، الزيارة التي تمّتْ من المؤلف إلى نجد في عام 1333هـ، التي ذكرها الزركلي وكحّاله، ومرّت بنا، إلا أنها قد يكون فيها خيط يوصّل لما ينشده المتطلّعون يوصِلُ أو يقرّب من السبب، ما دام لم يبيّنه المؤلف، أو يشير إلى ما يقرّب إليه.

كما أنّ من الأسباب التي طُرِحتْ، كثرة الوافدين من أهل نجد للعراق: تجارة وعملاً، ثم الرابطة العلمية، وخاصة مع أسرة المؤلف، الذين يقصدهم الراغبون للعلم، وفي حلقاتهم الخاصة، حتى في التزاوج والمصاهرة، واستحضار الكتب وغيرها.

وما دامت المبرّرات تقترن بأسبابها ومسبباتها، ألا تفتح لنا الحكاية التي أوردها الشيخ: عبدالله البسّام في كتابه علماء نجد خلال ثمانية قرون، وهي تختلف صيغة وهدفاً، عما أورده خير الدين الزركلي، في كتابه الأعلام، وما ذكره عمر رضا كحّالة، في كتابه معجم المؤلفين.

وإن قيل إنّ هذه غير تلك، فهذا أمر مستبعد، لأنّ تاريخ وصوله إلى نجد في عام 1333هـ، وقد اتفقت عليه المصادر كلها، وإن تغيّر الهدف، بين الجميع. والذي يهمنا هُنا، رابطة العلاّمة الكبير، السيد محمود شكري الآلوسي، التي جعلته يحب نجداً، ويؤلّف عنها، هذا الكتاب المختصر، ولم نجد من أشار عن مجيئه، إلى نجد ذات السبب، عندما وصل 1333هـ، ما يربطه بالتأليف.

قد نرجّح نحن والقراء بعدما نقرأ ما جاء عند ابن بسام، في الحكاية التي أورد، سبب النّبذة التاريخية عن نجد، التي نحن بصددها، يقول عبدالله البسام: لما اشتد النزاع على القصيم، الواقع بين جنوب نجد وشمالها، بين الملك عبدالعزيز، والأمير سعود بن عبدالعزيز الرشيد (يلاحظ أن السبب الأول يتعلق بالدولة العثمانية، والثاني يتعلق بابن رشيد)، جاء العلامة الكبير السيد: شكري الآلوسي، ليصلح بينهما، وذلك في عام 1333هـ - الموافق عام 1914م، فأقام في الرس ولم يأذن له الملك عبدالعزيز، أن يدخل عنيزة، فأعجبته الرس أيما إعجاب، وصار يقول فيها الأبيات الرقيقة، ولم نجد مصدراً يحدد مدة إقامته في الرّس، وإنما أورد أبياتاً منها قوله:

هي الرّسّ ما أحلى لديّ من الرّسّ

بها كلّ ما أبغى وما تشتهى نفسي

ولو أن مَيْتاً في بريدة جاءه

من الرّسّ من يدعوه قام من الرّمس

وقوله :

على الرّسّ من أهل القصيم سلامي

فإنّ رُباها بغيتى ومرامي

فإن رُباها نَصْبَ عنييّ عذوْه

وإن نِمْتُ وافتنى بطيف منامي

وقوله :

إذا حنّ نجديّ لنجدٍ فإنني

إلى الرّسّ من أهل القصيم حنيني

وإن نفحت من جانب الرّسّ نفحةٌ

حبوتُ إليها واستهلّتْ جفوني

فيا رب عجّل بي إلى الرسّ أوْبَتِى

وأقرر بمغناه الخصيب جفوني

(يراجع كتابه هذا 5: 417)

والسؤال هو: ألا يكون عِشْقه بالرسّ، وحفاوة أهلها بهذا العالم، الذي حلّ بينهم مدة من الزمن، هي التي استحوت بما كتب عن نجد من تاريخ، حيث أخذ معلوماته، من جلسائه مع رجالٍ من الرسّ؟؟ سؤال لعلّ لدى المهتمين من أبناء الرس جوابه.

من الحوادث الغريبة

يذكر إبراهيم بن عبيد آل عبدالمحسن، في كتابه حوادث غريبة، الذي سمّاه: تذكرة أولى النهى والعرفان، ومن ذلك في عام 1410هـ، معجزة من المعجزات، قال فيها: كان رجل اسمه عمر، قد أسلم، وكان من أهل نيجريا، ثم ارتدّ عن الإسلام، وجعل يستهزئ بالإسلام والقرآن، فوقف بين لفيف من المسيحيين بإحدى كنائس قرية، بولاية: (غونغولي) شمال نيجيريا ورفع صوته بسخرية، قائلاً: إنْ كان القرآن والإسلام، حقاً، فإنّي أسأل الله ألا أرجع إلى بيتي حياً.

فخرج عقب ذلك في طريقه إلى منزله، فعثرتْ قدماه، وهو يعبر جدول ماء صغيراً، وسقط فيه فمات، وقد قام أحد المارّة، فحاول إنقاذه، فلقي مصرعه كالأول.

ولما جرت هذه المعجزة، أسلم سكان أربع قُرى، عقب الحادث، وأشهروا إسلامهم، ذكر ذلك النبأ: بيان لرابطة العالم الإسلامي، في جريدة الرياض، بعددها 7932 تاريخ 15- 15-1410هـ الموافق لعام الاثنين 12 مارس 1990م (ج7 ص424).

ومثل هذه الحادثة، ذكر أنه في أحد أيام من عام 1385هـ، جرى نقاش في مكة المكرمة، بين رجلين: أحدهما يملك سيارة، اسمه (محمد باوزير) والرجل الآخر سائق في سيارة الأول.

فترافعا إلى ضابط المنطقة الخامسة في مكة، فأقسم مالك السيارة أمام الضابط على نفسه: إن كان قد ظلمه، أنْ لا يخرجه الله، من هذه المنطقة سالماً.

فلم يفرغ من ترديد كلماته، حتى خرّ ميتاً، على وجه الأرض، فحركوه فإذا هو جثة هامدة، والله على كل شيء قدير سبحانه. (ج5 ص363) من كتابه هذا.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد