Al Jazirah NewsPaper Friday  22/05/2009 G Issue 13385
الجمعة 27 جمادى الأول 1430   العدد  13385
حديث المحبة
أبو ظبي.. والبرامج البيئية المميزة
إبراهيم بن سعد الماجد

 

شاهدت فيلماً وثائقياً عن المها العربي في دولة الإمارات العربية المتحدة، كما شاهدت البرنامج المعد لتقفي أثر هذا القطيع من المها في صحراء النفود، كما عرض الفيلم لمشروع الشيخ زايد آل نهيان (رحمه الله) في استصلاح الصحراء باستنبات أنواع من الأشجار التي عادة تفضلها الظباء والغزلان والمها العربي مثل شجر الطلح والسلم ونبات الرمث وغيرها من النباتات التي تعد غذاء مهماً لهذه الحيوانات البرية، التي تكاد أن تنقرض من صحاري الجزيرة العربية بل ومن كثير من صحاري الوطن العربي برمته.

جيل الآباء يتحدث عن بيئة كانت غاية في التنوع؛ ما يجعل إنسان اليوم يحزن كثيراً لهذا التحوُّل البيئي الكبير، باختفاء الكثير من الحيوانات البرية وكذا بعض أنواع الأشجار المهمة التي كانت تحقق توازناً بيئياً مهماً.

أعود إلى الفيلم الشيّق الجميل الذي شاهدته عن المها العربي في دولة الإمارات والجهود الكبيرة التي تُبذل بإشراف مباشر من الشيخ محمد بن زايد؛ فقد كان العمل في غاية التنظيم والتخطيط المتقن بغية تحقيق هدف معين قد يكون صعبا، ولكنه بكل تأكيد ليس مستحيلاً، وهو أن تعيش المها في الصحراء معتمدة على نفسها دون عناية بشرية؛ فقد أطلقت مجموعة تصل إلى المائة من المها العربي في الصحراء التي تعد في سالف الأيام موطناً لها وتحت مراقبة إلكترونية متقدمة، وكان منظراً جميلاً هذه الغزلان والمها جنباً إلى جنب مع الإبل في صحراء شاسعة تبحث عن قوتها يمنة ويسرة وهي في غاية الفرح والسرور بهذه الحرية التي مُنحت لها، لقد سررت وأنا أشاهد هذه القطعان تجوب الصحراء وحدها دون رقيب مباشر وسررت مرة أخرى وأنا أرى هذه المناطق التي جمّلتها أشجار الطلح والسلم وكستها شجيرات الرمث؛ ما يؤذن ببيئة صحراوية واعدة شريطة تشديد القيود على مفسدي البيئة.

إن عودة البيئة الصحراوية التي كانت قبل خمسين عاماً أو أكثر قد لا تكون ممكنة نظراً إلى التطور الحضاري الكبير الذي كان من سيئاته هذا الضرر البيئي المقيت؛ حيث فقدت الصحراء جُلّ مكوناتها سواء النباتية أو الحيوانية؛ ما شوّهها بشكل خطير وجعل الاعتماد عليها من قبل البادية ضرباً من الخيال، ولكن الشيء الذي قد يكون ممكناً هو أن تعود الحياة البرية وتعود الطبيعة النباتية لصحارينا بشكل تدريجي وفي مناطق محددة، ولكنها غير مغلقة، وإلا لصارت عبارة عن حدائق لا طعم لها.

إن مشروع الشيخ زايد - رحمه الله - البيئي يُعدّ عملاً متميزاً بكل ما تعنيه الكلمة؛ حيث كانت الفكرة المتكاملة بين النبات والحيوان؛ ما يحقق الهدف المرسوم مسبقاً وهو عودة الحياة البرية الطبيعية التي أوجدها الله في هذه الصحراء بشكل طبيعي ولو بعد حين.

كم نحن ظالمون لأنفسنا يوم نعيث في الأرض فساداً ونتجاوز كل منطق وكل مألوف فنقتل الحيواني البري بكل إسراف، ونقتلع الأشجار وكأنها خلقت لغيرنا، ولا نراقب في ذلك إلاً ولا ذمة.

إن صلاح البيئة صلاح للإنسان وفسادها فساد لحياة الإنسان، ولست متخصصاً ولكني أعتقد أن كثيراً من الأمراض التي ظهرت بسبب فساد البيئة، هذه البيئة التي هي في حقيقة الأمر خلقت من أجلنا ولكن أُمرنا بأن نتعامل معها بكل رأفة وذلك من أجلنا لا من أجلها، ولعل في التوجيه النبوي الكريم بعدم اقتلاع الأشجار لجيوشه المتوجهة إلى أرض اليمن دليلاً على ذلك، حيث وردت ضمن توجيهه صلى الله عليه وسلم بألا يُقتل الشيوخ ولا تُهدم الصوامع ولا تعضد الأشجار.

ما أرأفك من نبي وما أعظمك من دين.



almajd858@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد