Al Jazirah NewsPaper Friday  22/05/2009 G Issue 13385
الجمعة 27 جمادى الأول 1430   العدد  13385
يازمان الوصل بالأندلس
عبدالرحمن بن سعود الهواوي

 

لقد فتح العرب الأندلس عام 92هـ - 711م في عهد الخليفة الأموي الوليد بن عبدالملك بن مروان. وقد بدأ الحكم العربي للأندلس على يد عبدالرحمن بن معاوية بن هشام بن عبدالملك، الملقب بعبدالرحمن الداخل (صقر قريش) في عام 138هـ - 756م. وانتهى الحكم العربي - الإسلامي - للأندلس...

... بسقوط غرناطة على يد الكاثوليك - المسيحيون عام 897هـ - 1492م. يقول رباح (1430هـ - 2009م) استقر المسلمون - العرب - في الأندلس ما يقارب ثمانية قرون بلغت فيه الحضارة العربية أوجهاً، وكانت هذه الحضارة تشع من حواضر قرطبة وغرناطة وأشبيلية وبلنسية وطليطلة وسرقسطة. وكان النابهون في أوروبا يأتون إلى مراكز الحضارة الإسلامية في الأندلس ويقضون السنوات الطوال في الدراسة والتتبع والاطلاع على تراث العرب.

بعد سقوط غرناطة عام 897هـ - 1492م، طرد أغلب العرب والمسلمين من الأندلس - أسبانيا - ومن بقي منهم أجبر على تغيير دينه وتحول من الإسلام إلى المسيحية الكاثولوكية مع إبدال اسمه العربي الإسلامي إلى اسم مسيحي أسباني - قوطي -. وفي القرن السابع عشر 1609م حدثت أول تصفية عرقية دينية للعرب والمسلمين في أسبانيا حيث أمر الملك فيلب الثالث بطرد المورسكيين - المسلمين والعرب - من أسبانيا - الأندلس - وتم طردهم إلى المغرب العربي - المغرب، الجزائر، تونس - وتركيا.. وفي 15-5-2009م، مر على طرد المسلمين والعرب أربعمائة سنة 400، ولهذا عقدت ندوة في جامعة غرناطة تبحث في هذا الطرد وأسبابه (نقلت الجلسات على قناة الجزيرة مباشر). وقد اختلف في عدد المطرودين فهو يتراوح من 250 ألف إلى 2 مليون. والغريب في هذه الندوة أن بعض المتحدين من النساء والرجال ظهر اسمه الأسباني في مقدمته أو مؤخرته اسم عربي إسلامي مع إقراره بانحداره من أصول عربية إسلامية أندلسية، مع التحدث بصعوبة باللغة العربية. ويبدو لنا أنه خلال هذه القرون العجاف سلك من بقي من العرب والمسلمين في الأندلس مبدأ - التقية - في إخفاء ديانتهم وأصولهم العربية الإسلامية، ولكنهم بدأوا بإظهار حقيقتهم بعد هبوب رياح الحرية والدمقراطية على أسبانيا في العقود الأخيرة من القرن العشرين (أي بعد موت الدكتاتور فرانكو) والذي يهمنا هنا أنه مهما مر على الإنسان من قهر واستذلال فلن يفرط بمعتقداته الدينية وأصوله وأرومته، وأن هذه الأشياء تنتقل من جيل إلى جيل. يقول رباح (1430هـ - 2009م):.. إن أهم العوامل التي تؤدي إلى تكوين القرابة المعنوية التي يشعر بها الأفراد من الأمم المختلفة هي اللغة والتاريخ، فإن الاعتقاد بوحدة الأصل إنما يكون في الدرجة الأولى من الوحدة في اللغة والاشتراك في التاريخ.. فاللغة هي أهم الروابط المعنوية التي تربط الفرد البشري بغيره من الناس.. وهي واسطة لنقل الأفكار والمكتسبات من الآباء إلى الأبناء، ومن الأجداد إلى الأحفاد، ومن الأسلاف إلى الأخلاف.. وإذا أضاعت أمة لغتها، وصارت تتكلم بلغة أخرى فإنها تفقد قوام الحياة.. أما التاريخ فهو بمثابة شعور الأمة وذاكرتها، فإن لكل أمة من الأمم شخصيتها التي تكونت بواسطة تاريخها الخاص.. إن وحدة هذا التاريخ تولد تقارباً في العواطف والنزعات، إنها تؤدي إلى تماثل في ذكريات المفاخر السالفة، وفي ذكريات المصائب الماضية، وإلى تشابه في أماني النهوض وآمال المستقبل.. وهكذا فاللغة والتاريخ هما العاملان الأصليان اللذان يؤثران أشد التأثير في تكوين القوميات.. وهناك عوامل أخرى لها أثرها في تكوين الأمم أيضاً فضلاً عن اللغة والتاريخ وهي الدين: إن الدين يولد نوعاً من الوحدة في شعور الأفراد الذين ينتمون إليه.. فالدين يعد من هذه الوجهة من أهم الروابط الاجتماعية التي تربط الأفراد بعضهم ببعض، ويؤثر بذلك في سير السياسة والتاريخ.

نقول: إن الحضارة العربية الإسلامية في أوج عزها وانتشارها قد غرست في أبنائها العرب من مسلم ومسيحي - وبصورة عامة - حبهم للغتهم العربية وتاريخهم العربي المجيد، فها نحن نرى اليوم جيلاً من أحفاد العرب والمسلمين في الأندلس يبحث عن لغته وتاريخه وأرومته، وأن هذا بشرى بأن سيأتي اليوم الذي تستعيد به الأمة العربية مكانتها بين الأمم، وتحافظ على لغتها، وتستمد من تاريخها الماضي العظيم قوتها..

المراجع

الدكتور إسحق محمد رباح (1430هـ - 2009م)، (دراسات في تاريخ الفكر العربي) دار كنوز المعرفة العلمية للنشر والتوزيع، عمان - الأردن.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد