Al Jazirah NewsPaper Thursday  28/05/2009 G Issue 13391
الخميس 04 جمادىالآخرة 1430   العدد  13391
لما هو آتٍ
لكِ وحدكِ
د. خيرية إبراهيم السقاف

 

بين اليمامة على حافة جدار الجيران، وطبق الماء عند نافذتي معبر فراغ أعلاه السماء وأدناه الشجر.., عيناها نوَّارة تتابعان يدي وسكب الماء يحرض العطش في جوفها، كنتُ أقرأ استرحامها عائدة من رحلة بعيدة، شعرت بمدى جهدها في الوصول لهنا، حيث تعودت اقتفاء الروي من قطرة لا تبخرها في ظل الشجرة سطوة الشمس.., الشمس الرحيمة بنمو النبات وعافيته، تستلهم الماء في صهد عينها ليطوف بخاراً تخشى اختفاءه عيناها، لكنها كلما غابت في حقب الساعات عادت بعد اكتمال الوقت، ترى يا نوَّارة كيف تحسب اليمامة الوقت؟ وما الذي تعيه في أمر بندول الساعة تطرق الطريق بسوطها فيلتهب الإقدام في جناحيها لتبتعد، وفي أقدامنا لنتحرك؟

اليمامة كأنها تقول يا نوَّارة: إن هذه القطرات الباردة حصاد رحلتها، تماماً كما كنتِ تقولين لي، وكما أقول لهم: إن الدروب التي تأخذنا كل يوم لنقف في قاعة درس، أو ننكب على ورق تعبير، أو نركض لرأب صدع، أو نحفر لجذر نبتة، أو نصغي لحاجة متفوه، لهي أولها باب وآخرها طبق من ماء اليقين، تبترد فيه مفاصل أنهكها السير أو عروق أوقدها الحماس، ثمة مخزون في جوف الملتهمين الطرق، الموكلين بالدروب، الحافين أجنحتهم كما اليمامة في فضاءات البذل والعطاء، هؤلاء كنتِ تقولين لي: أنيخي عند خيامهم فثمة ما لا تعلمين ستجدين، وثمة ما تحتاجين إليه من مؤونة الحكمة لبقية الطريق ستحملين وتمضين، تماماً كما تنيخ اليمامة عند طبق آهل بالماء لا يباب دروب سطت عليها وقدة فطيَّرت قطراتها، هنا، اليمامة تبترد، ومن هنا اليمامة تغرف من حكمة الماء...

لله درك نوَّارة، مهما طالت الرحلة تبقى خيامك مشرعة وثمة عطاشى لحكمتك...

***

وقفة امتنان لكل من سامية، سما, الشاعر العزيز عبد الله الحميد، هدى، روضة، فهد, عبد الله الفقير، ريماس، نسرين، أسماء العمري، رائد، نورة بنت خالد، طارق، سامح، زامل، عريب، فهد الشمري، صالح عبد العزيز، د. ذيبة بنت عبد الله، منال بافقيه، فالح العنزي، دليل النهيان, أنتم النهر وحروفكم قطراته التي ترطب جفاف الطريق مهما طال المسار.. شكراً لرواء نفوسكم وطيبها.

*** ما ورد من أخطاء طباعية في مقال الأمس أثق أنها لا تخفى على القارئ.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد