Al Jazirah NewsPaper Friday  29/05/2009 G Issue 13392
الجمعة 05 جمادىالآخرة 1430   العدد  13392
حديث المحبة
تمرد الجيل
إبراهيم بن سعد الماجد

 

الناظر بعين فاحصة لجيل اليوم بجنسيه، يجده جيلاً متمرداً بما تعنيه الكلمة، فلم يعد الطفل هو الطفل، ولا الشاب هو الشاب، بل صار الجميع خارجاً على النظام، محاولاً أن يكون حيث يجب ألا يكون.

أعود بالذاكرة إلى الوراء قليلاً ومع أولى خطواتي وجيلي في المدرسة وكيف كنا نقيم للمدرس وزناً كبيراً.

كيف كنا نجلّه ونخافه في نفس الوقت، وأتذكر كيف كنا نراقب تصرفاتنا خارج المدرسة ليقيننا أنها تؤثر علينا داخلها لوجود أعين لهذا المدرس أو ذاك.

هذا الوضع لا شك أنه كان ينطلق من قناعات مدرسي تلك المرحلة بأن مهمتهم ليست مهمة تعليمية فقط بل هي مهمة تربية قبل ذلك، لذا أولوا مسألة التربية عناية خاصة، بل جعلوها في المرتبة الأولى قبل قضية التعليم، فكان أن حققوا المعادلة المفروضة أو قل المطلوبة وهي تربية وتعليم، وليس كما هو الآن تعليم فقط، وليته أيضاً تعليم حقيقي ولكنه للأسف الشديد أداء لوظيفة ليس إلا، قلة قليلة من المدرسين يولون هذا الهم العناية المطلوبة منهم.

إن تمرد الجيل على كل أخلاقيات المجتمع وخروجه على المألوف من عادات وتقاليد قد تكون من الدين أحياناً وقد لا تكون ولكنها من المروءة، والمروءة هي المحك الحقيقي لنضوج هذا الشاب من عدمه، إذا قلنا جدلاً إن الجميع لا يخرجون عن تعاليم الدين، تصيبني الحيرة ويعتريني القلق عندما أرى شباب الوطن يلهثون ويلهثون خلف ما يسمى بالموضة من ملبس ومظهر لا ينتمي إلى عاداتنا وتقاليدنا الماضية والحاضرة أبداً..!! أصاب بخيبة أمل في هؤلاء الشبيبة الذين تجاوزوا سن المراهقة وتخطو سن المراوغة، إن جازت التسمية، ببلوغهم سناً لا يمكن أن يقبل منهم إلا أن يتحلوا بالرزانة والنضج الفكري، ويبتعدوا عن سفاسف الأمور من ملابس وقصات وتجمعات في الطرقات.

إن هذه التصرفات وهذه المظاهر غير المألوفة في أسواقنا وتجمعات شبابنا تؤكد أن مسألة التربية والتوجيه السليم صارت شيئاً من الماضي في مدارسنا وجامعاتنا، وإلا لو كان التوجيه السليم موجوداً لما كان هذا الترف المستورد موجوداً بين هؤلاء الشباب.

السؤال الذي أجده ملحاً.. هل نحن مطالبون بالتوعية والتوجيه لهؤلاء ليعودوا عن هذه الأعمال التي أقل ما يقال عنها إنها ليست من المروءة؟ أم أن القضية أسهل مما نتخيله وما نتوجسه وأن الزمن كفيل بالقضاء عليها..؟

هذه قضية الشباب أما قضية الشابات فالأمر جد خطير والخطب جسيم.. فبالإضافة إلى بعض المظاهر الخادشة للحياء في المدارس والجامعات هناك بين الفتيات من انزلقت في مزالق أخطر بكثير من المظهر، وعلينا أن نكون صريحين في طرحنا ونتجاوز التوجس ودرء المفاسد ونقولها بصريح العبارة إن ثمة قضية أخلاقية تنتشر في كثير من مدارس وكليات البنات يجب عدم السكوت عنها وطرحها على طاولة النقاش الهادف لا نقاش الإثارة الإعلامية، في مدارس البنات وكلياتها البنات المسترجلات، والشاذات، والمتعاطيات، وغير ذلك من الأخلاق والمظاهر التي تنم عن عقد نفسية مستعصية لدى هؤلاء الفتيات، إن الانفلات الأخلاقي لدى البنين والبنات الذي لا نبالغ ونقول إنه ظاهرة ولكننا لا نقلل منه، فلم يعد حالة شاذة بل صار حالة ظاهرة وواضحة للعيان. ما هو إلا نتيجة لغياب دور المعلم والمعلمة التربوي، وأيضاً غياب القدوة الحسنة.

ولنكن أكثر صراحة وإن كانت الصراحة أحياناً مزعجة ولكن المزعج والمؤلم أكثر ضياع شبابنا وبناتنا الذي هو المصيبة الكبرى إن لم نتدارك الأمر، ونقر ونعترف بوجود هذا الإشكال في مدارسنا وجامعاتنا ونضع كل هذه المشاكل على طاولة النقاش مع المختصين ومع من يؤرقهم هذا الأمر علّنا نخرج بما يعيد لهذه الصروح العلمية دورها كمؤسسات تربوية تعليمية حقيقية لا مؤسسات مبان فقط.



Almajd858@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد