Al Jazirah NewsPaper Saturday  06/06/2009 G Issue 13400
السبت 13 جمادىالآخرة 1430   العدد  13400
أضواء
استقبلوا يد الخير الممدودة
جاسر عبد العزيز الجاسر

 

لم يمر على إلقاء خطاب الرئيس باراك أوباما سوى ساعات قليلة، حتى صدرت العديد من التعليقات والآراء، ومع أن بعضاً من تلك الآراء سبقت خطاب أوباما، كالرسالة الصوتية المحرضة التي أذيعت لأسامة بن لادن مواصلاً أساليبه التخريبية والتحريضية للتأثير على شباب المسلمين الذين أوصَل بعضاً منهم إلى الكارثة، وخطاب استباقي لعلي خامنئي ولي نظام طهران الذي ادعى فيه أن المسلمين لا يحبذون أقوال أوباما وهم لا يرحبون به.. وهو قول غير صحيح ولا يطابق الحقيقة حتى عند شباب إيران الذين يفضلون صدق أوباما على تقية خامنئي.

أما بعد خطاب أوباما في جامعة القاهرة الذي يمكن اعتباره من الوثائق التاريخية التي سيتم الرجوع إليها كثيراً، لأن الرئيس الأمريكي اختط نهجاً وأسلوباً لا يستطيع أحد أن يجاريه فيه، لأن المضامين التي احتواها الخطاب، وأدبيات كتابة مثل هذا الخطاب لا يستطيع أحد أن يقوم به من نظرائه الغربيين وحتى الشرقيين، ولعل الخلفية الثقافية والعلمية والأكاديمية قد أمدت هذا الرجل بكل هذا المخزون الثقافي الذي تضمنه الخطاب، وهذا الخطاب سوف ينال من التقريظ والإشادة والتحليل العلمي المنصف الكثير، ولهذا فلن أزيد شيئاً بالقول بأن الخطاب كان شافياً.. وسوف يساعد كثيراً في فهم الفكر الذي تسير عليه الإدارة الأمريكية وما تريد تطبيقه من سياسة جديدة في علاقاتها مع العالم الإسلامي.

إلا أنني ولكي أدلل على أهمية وقيمة ما قاله الرئيس باراك أوباما في القاهرة وإيجابيته وفائدته لتحسين العلاقات مع الدول الإسلامية، قيادات وشعوباً، هو الإشارة إلى موقف الذين يعادون المسلمين والإسلام، ديناً وحضارة وإنساناً من هذا الخطاب، فالذين أزعجتهم مفردات أوباما وخطه الفكري الصادق وأدبياته التي استعارت الكثير من الآيات القرآنية هم (جوقة) اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة الأمريكية، كما لم تستطع الحكومة الإسرائيلية إخفاء غيظها وغضبها من فقرات خطاب أوباما في القاهرة، ولم يجد الناطق باسم هذه الحكومة قولاً يداري به غيظه سوى القول بأن الرئيس الأمريكي لم يطلعنا على فحوى خطابه قبل إلقائه.. وكأنه يريد إبقاء الرؤساء الأمريكيين تحت ولايتهم مثلما كانوا يفعلون مع من سبقوه من رؤساء سابقين.

موقف اللوبي الصهيوني والحكومة الإسرائيلية من خطاب أوباما يكشف بعضاً من أهمية وقيمة ما تضمنه من مواقف تحتاج منا كمسلمين وعرب أن نطورها وندعمها بتعزيز إرادتنا وأن نقوي مواقفنا، ولا نشكك كما يفعل البعض بهدف أوباما كالزعم بأن أمريكا تريد استمالة المسلمين ومقايضة مواقفهم لعزل الدول المتطرفة والمتشددة.. فأوباما لم يطرح هذه المقايضة المزعومة ولم يتطرق لمثل هذا الموضوع في خطابه في القاهرة ولا في مباحثاته في الرياض.!!

إذن كيف يزعمون ويؤلفون قولاً لم يأت على لسان أوباما؟ قول يظهر أن البعض لا يزال يعيش في عزلة فكرية فرضتها أساليب العمل التآمري الذي دأبوا على القيام به ويرون الآخرين بعيون أفعالهم.

اتركوا سوء الظن.. واستقبلوا اليد الممدودة من رجل يريد أن يرفع الظلم عنكم، فاحكموا على أفعاله ولا تشككوا في أقواله قبل التأكد من صدقها.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد