Al Jazirah NewsPaper Saturday  06/06/2009 G Issue 13400
السبت 13 جمادىالآخرة 1430   العدد  13400
خطاب أوباما

 

رجل مناسب في الزمن المناسب لإحداث التغيير للأفضل... هذا ما أثبته الرئيس الأمريكي باراك أوباما في اليومين اللذين قضاهما في الرياض والقاهرة.

في الإشارات القليلة التي أطلقها أوباما في الرياض أشعل العديد من الومضات الفكرية الخيّرة، الرجل كان واضحاً وشفافاً، وهو يقول إنه يبدأ مسيرته نحو العالم الإسلامي لبدء حوار إيجابي وجاد عن طريق البلاد التي هبط بها الوحي مبلغاً رسالة هذا الدين العظيم لنبيه الكريم، من بلاد الرسالة الإسلامية بدأ أوباما حواره مع المسلمين، وهنا في الرياض كان الرجل صادقاً وشفافاً وهو يتكلم بتواضع جم، من أنه قصد الرياض لطلب المشورة من الملك عبدالله والاستفادة من حكمته.. بهذه الروح، وبهذا الأسلوب الحواري الذي يحترم فيه الآخر، بل ويلتمس عنده ضالة الإنسان الباحث دائماً عن الحقيقة.. لا يتردد في الإفصاح عنها وهو الذي يحمل أعلى درجات التأهيل الأكاديمي.. وهو الذي يتابع العالم كل العالم قراراته وأقواله.. قائد لكل العالم رضينا أم أبينا.. إلا أنه رجل متواضع.

وبهذه الشخصية وبهذه الروح خاطب أوباما المسلمين من تحت قبة جامعة القاهرة، مذكراً بعظمة الإسلام وقيم حضارته وتميزه علمياً وفكرياً، وهو يذكر بدور الأزهر الشريف الخادم للحضارة الإنسانية ألف عام، ويتحدث عن قرن من التقدم وخدمة العلم بجامعة القاهرة.

والذي تابع خطاب الرئيس الأمريكي لا بد أن أبهره التسلسل السلس والطرح العلمي الذي يكشف عن فهم كبير للدين الإسلامي، فالاستشهادات السبع لآيات القرآن الكريم جاءت في مكانها المناسب، كما أنه عرض المحاور الثمانية التي تضمنها خطابه والتي أظهرت أن هناك سياسة أمريكية جديدة.. جديدة بكل ما تعني هذه الكلمة، وأن الرجل الذي وصل إلى البيت الأبيض مطلقاً شعار التغيير.. فعلاً يسعى لتغيير سياسة أمريكا السابقة التي جلبت قبل العداء لها.. الحروب والظلم والدمار لكثير من الشعوب وفي مقدمتها الشعوب الإسلامية.

ولهذا فإن أوباما كان أكثر من تصالحي مع المسلمين، بل يمكن اعتبار خطابه.. خطاب اعتذار لكل المسلمين.. اعتذار قدم بأسلوب حمل تقديماً وتعريفاً بالحضارة الإسلامية، وأن إلصاق التهم والتطرف بمعتنقي هذا الدين العظيم هو ظلم فادح، فإسباغ صفة التطرف على كل المسلمين لمجرد وجود نفر قليل جداً من المتطرفين هو عدم فهم للإسلام واتهام لأمة عظيمة.

والرئيس أوباما الذي عرض محاوره الثمانية التي يرى أنها السبيل لإقامة علاقة شراكة استراتيجية مع المسلمين، عرضها بوضوح وبدون مواربة، وأنه يرى أن ما يطرحه يخدم مصالح بلده أمريكا ومصالح المسلمين معاً.. وحتى مصالح الأقوام الأخرى الذين يشاركوننا العيش على كوكب الأرض.

أوباما كان واضحاً.. والكثير وجده صادقاً فيما عرضه.. وإن كنا ننتظر أن تتبع الأقوال أفعال تجسد التوجه الجديد للأمريكيين، فعلينا نحن المسلمين أن نتسلح بالإرادة القوية، وأن نكون جديرين بأن نكون أبناء دين عظيم يحمل كل هذا التراث الذي ساهم في تقدم الإنسانية.. وإنه قادر على مواصلة الإسهام الخيّر في تقدم البشرية.

****




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد