Al Jazirah NewsPaper Saturday  06/06/2009 G Issue 13400
السبت 13 جمادىالآخرة 1430   العدد  13400
بنك الخليج الدولي
فضل بن سعد البوعينين

 

بعد خسارته الموجعة، وهي ليست الأولى على كل حال، قام بنك الخليج الدولي بتسريح 59 من موظفيه تمشياً مع الأوضاع الاقتصادية الحرجة، بينهم 37 موظفاً بحرينياً.

قرار التسريح المرتبط بأوضاع البنك أثار حفيظة الشارع البحريني، حيث تعامل معها وفق الفكر السياسي العربي لا الاقتصادي. تظاهر عشرات الموظفين المفصولين وناشطون عماليون في المنامة احتجاجاً على قرار المصرف، وتجمع عدد من الموظفين المفصولين والنشطاء النقابيين أمام مبنى البنك في المنامة وهتفوا مطالبين بوقف عمليات التسريح ودفع تعويضات كافية للمفصولين.

كتب الزميل عبدالمنعم إبراهيم في جريدة (أخبار الخليج) مقالة جاء فيها: ولا تزال العلاقات البحرينية - السعودية في أفضل حالاتها وتوهجها، ليس فقط بين القيادة السياسية لكلا البلدين، بل وكذلك بين الشعبين الشقيقين طوال عقود مديدة، ولكن ما أقدم عليه (بنك الخليج الدولي) من إجراءات فصل تعسفية ضد 59 موظفاً بينهم 37 بحرينياً جاء بمثابة عاصفة ترابية تسيء إلى هذه العلاقات الحميمة بين البحرين والسعودية، نعرف أن بنك (الخليج الدولي) تساهم فيه أكثر من دولة، لكن نصيب الأسد في الأسهم يعود إلى الشقيقة السعودية، وقد مر البنك سابقاً بأكثر من أزمة مالية وخسائر، لكن لم يقدم (البنك) على فصل موظفين بحرينيين طوال رئاسة الدكتور عبدالله القويز، ومن بعده الدكتور خالد الفايز وغيرهما، وكانوا يراعون العلاقات السياسية والاقتصادية والتاريخية بين البحرين والسعودية.

وهنا نقول إن السعودية ما زالت وستبقى - بإذن الله - تحفظ للبحرين العلاقات السياسية والاقتصادية والتاريخية، وهذا ديدنها مع دول الخليج كافة، والدول العربية والإسلامية.

بل إنها تتحمل تبعات محافظتها على علاقاتها الأخوية مع الآخرين دون شكوى أو تذمر.

ولكن ما علاقة القرارات الإدارية المتعلقة بالمنشآت المالية الهادفة إلى الربح بالعلاقات الدولية؟

ولماذا يحاول الإخوة في البحرين لي عُنق الحقيقة، وإقحام العلاقات (الحميمة) بشؤون متعلقة بسوق العمل، ومرتبطة بمصرف له صفته الاعتبارية كباقي المصارف العاملة في مملكة البحرين.

هناك أنظمة وقوانين يمكن اللجوء إليها في مثل هذه الحالة دون الحاجة إلى إقحام السعودية في معمعة التجاذبات العمالية، أو تحميلها مسؤولية قرارات البنك الإدارية، أو الزج باسمها في التجمعات الجماهيرية الصاخبة.

عندما يخسر (بنك الخليج الدولي) 757.3 مليون دولار (نصف رأس المال) العام 2007 و 396.2 مليون دولار العام 2008 ويصل حد الانهيار بسبب خسائره المتراكمة، لولا الدعم السعودي، فمن المنطق أن تتخذ إدارته الإجراءات الكفيلة بإعادته إلى جادة الصواب.

بنك الخليج الدولي منشأة مالية استنزفت الكثير من أموال المساهمين وعلى رأسهم السعودية، وما زال حتى الآن يقف مترنحاً لا يستطيع الوقوف دون مساعدة.

كان من الممكن أن تستغل الأموال التي ضخت لإنقاذ البنك في إنشاء مصانع متطورة قادرة على تحقيق الربحية، وتشغيل آلاف الموظفين الخليجيين لا 37 بحرينياً طالهم أمر التسريح.

عندما تختلط القرارات الإدارية بالعاطفة، تأتي النتائج قاصرة، وتكون الصورة مشوهة.

السعودية أكبر الخاسرين في بنك الخليج الدولي، وهي المنقذ الحقيقي لسمعته التي تأثرت بسبب الخسائر المتراكمة. تدخلها في ضخ سيولة جديدة، وشراء حصص إضافية كان يُهدف من ورائه دعم البنك والمحافظة عليه، إلا أن الأمر أصبح مكلفاً جداً، ومحرجاً لملاكه نتيجة تعامل الآخرين معه على أنه منشأة حكومية سياسية يُفرض عليها ما لا يُفرض على المصارف الأخرى.

الزميل عبدالمنعم إبراهيم تساءل مستهجناً لا مستفسراً بقوله: وهنا نتساءل: لو أن (بنك الخليج الدولي) مقره (الرياض) ويرأس البنك مدير بحريني فهل كان سيعالج (الأزمة المالية العالمية) وخسائر البنك بسلسلة تسريحات وفصل موظفين سعوديين؟!.

ونجيب عليه بحسب الواقع لا الفرضيات، ونقول: إن أحد المصارف الإسلامية السعودية قام بتسريح أكثر من مئة موظف سعودي في غضون أسابيع معدودة!.

يُفترض أن يكون لهؤلاء المفصولين في وطنهم أحقية الرعاية، إلا أنهم تُركوا لمواجهة مصيرهم المحتوم لأسباب لا علاقة لها بالوطنية بل بربحية المصرف وحتمية خفض النفقات الثابتة، وهو ما حدث للإخوة في البحرين.

المنشآت المالية إنما أقيمت لأهداف ربحية صرفة، ومتى ما تحولت الربحية إلى خسائر متراكمة تهدد سلامة المصارف، ومساهميها فمن الأفضل حينها أن يعاد النظر في بقائها.

الأزمة الاقتصادية العالمية كشفت عن سلبيات كثيرة، وتداعياتها على المصارف المتضررة ما زالت قائمة، وبخاصة تلك التي لم تتعامل معها بحرفية وشفافية، وكل ما أخشاه أن تتجاوز تداعيات الأزمة الاقتصادية الخسائر المادية المباشرة إلى خسائر أخرى أكثر فداحة على المساهمين.



f.albuainain@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد