Al Jazirah NewsPaper Thursday  11/06/2009 G Issue 13405
الخميس 18 جمادىالآخرة 1430   العدد  13405
الحبر الاخضر
صغارنا في حفلاتهم السنوية والعدل المطلوب
د. عثمان العامر

 

هناك أمور نعتقد نحن الكبار أنها بسيطة لا تحتاج إلا أن نطيل الوقوف عنده أو حتى التفكير فيها ولا تؤثر فينا لا من قريب ولا من بعيد، وهي على النقيض من ذلك عند الصغار وربما بعض المراهقين، بل لدينا نحن ولكن بصورة أخرى ومن منظور مختلف. ومن هذه الأمور في مجتمعنا المدرسي مشاركة الطالب الصغير في الحفلة الختامية التي تقيمها مدرسته سواء من خلال اللوحة الإنشادية أو التقديم أو الكلمات الترحيبية أو ما إلى ذلك، وأشد من ذلك منح البعض من الطلاب جوائز تشجيعية وترك البعض بلا جوائز أو التفريق بينهم في الجوائز قيمة أو نوعاً دون وجود معايير معروفة للتفريق مدركة من قبل الطلاب ومقنعة لهم، والأصعب لدى الطفل حين يشارك أو يستلم جائزته بعد أن يذكر اسمه أمام الجمهور الحاضر من معلمين وأولياء أمور ويلتفت يمنة ويسرة بحثاً عن والده فيعود إليه بصره خاسئاً وهو حسير خاصة إذا كان الأب أكد على حضوره أو أنه لم يكن قد أخبر هذا الصغير بعدم حضوره وإنما استلم الدعوة واكتفى بهزة رأس فهم منها الولد الموافقة على الحضور والرغبة بذلك. والحال في رياض الأطفال أشد وأنكى، فالحدث في حس هذا الصغير حدث عظيم وهذا اليوم في اعتقاده الجازم يوم عيد متميز وعدم حضور أمه مثل بقية الأمهات ليس لأنها مشغولة لا تستطيع الحضور فكل الأمهات تغلبن على مشاغلهن من أجل أولادهن، ولا لأنها لا تكترث بمثل هذه المناسبات المدرسية ولكن (لعدم أهميتي عندها، فهي لا تحبني خلاف الحال لدى الأمهات الأخريات اللاتي حضرن منذ الصباح والتقطن لصغارهن صوراً تذكارية حين مشاركاتهم وتسلمهم للجوائز)، هكذا يقول بلسان الحال أو المقال، ومن المواقف الصعبة أن يدرب الطفل على مشاركة ما في الحفل ويستعد لذلك ويحضر والده ولديه خبر مسبق بمشاركة صغيره بل ربما كان هو من حفظه وشارك في تدريبه ويفاجأ بأن عريف الحفل أو مدير المدرسة قرر في اللحظة الأخيرة تقليل الفقرات والاكتفاء ببعض المشاركات حرصاً على وقت راعي الحفل الذي هو بدوره طلب التخفيف بعد بداية هذا الحدث العظيم، ومن المواقف الصعبة أن يستعد الطلاب للحفل ويقرر في صبيحة ذلك اليوم إلغاءه أو تأجيله أو عدم حضور راعيه وإنابته آخر. أعرف أن البعض لا تهمه مثل هذه المناسبات ولا يلتفت لها، وأعلم أن من القراء من يعتقد أنني مبالغ في قراءتي للأثر النفسي لدى الصغار جراء هذه الأمور التي تحدث كثيراً في مدارسنا ومع أطفالنا الصغار. وحتى أزيل شيئاً من هذا الاعتقاد المغلوط أطالب هؤلاء الآباء الجلوس مع أولادهم الصغار بعد هذه المناسبات المدرسية والاستماع لهم وهم يحكون عن الظلم الذي وقع عليهم سواء في عدم إشراكهم في فقرات الحفل مع أنهم أحسن من بعض المشاركين، أو في عدم إعطائهم جوائز تتناسب مع تميزهم وجهدهم وقد يكون العكس، وربما فاتح الصغير والده قائلاً: (أبي لماذا لم تحضر الحفلة، أصدقائي كلهم حضر آباؤهم إلا أنا!!)، ومع أن لدى الوالد إجابة معروفة ومحفوظة (لأنني مشغول) إلا أنّ عند الطفل لهذا السؤال أجوبة مفتوحة وصراع داخل النفس مشرع الأبواب لكثير من الاحتمالات التي ربما يكون بعضها سيئاً.. إنني هنا أتحدث عن مواقف سمعت البعض منها وقرأت البعض الآخر وربما أثرت مثل هذه التصرفات من الكبار بوجه أو بآخر على هذا الطالب أو ذاك خاصة على من يعانون أصلاً لوعة الفراق وألم الحرمان العاطفي وإن كان الأب موجوداً مع أولاده تحت سقف واحد ويراه صباح مساء فالوضع عندهم متأزم قبل هذا الموقف محل الحديث، والحال لدى الفتاة أصعب إذ إن عاطفتها أكثر توقداً وانفعالاتها النفسية أشد اتقاداً وحضوراً. إن دور الوالدين يتعدى الدور المادي المعروف إلى أبعاد التكوين الشخصي لهذا الصغير ومتى نمى الطفل في محضن أسري سليم سواء من الناحية الدينية أو الاجتماعية أو النفسية أو الاقتصادية أو الفكرية فسيكون الولد بإذن الله ثمرة مباركة غالباً، والعكس بالعكس، والعدل المدرسي لا يقتصر على العدل في الدرجات وكذا العدل حين التعامل داخل الفصل وبين أروقة المدرسة سواء في الألفاظ أو الأفعال ثواباً أو عقاباً بل يشمل العدل في مثل هذه المناسبات وكذا طلب المشاركة في الأنشطة والرحلات. وكم هي فرحة الطالب الصغير حين يحمل دعوة المدرسة للمشاركة في النشاط وتكون من والده المباركة والتشجيع أو الموافقة على الحضور والتحفيز، ولو لم يكن ولدك مشاركاً وشعر بعدم العدل معه فمن واجبك مشاركته فيما هو من حال وتطيب خاطره وتسهيل الأمر عليه ومحاولة الاعتذار عن معلمه أو مدرسته، فربما كان هذا السلوك منك تخفيفاً وتسلية وتوعية لما قد يكون غائباً عنه أو لا علم به أصلاً. وإلى لقاء والسلام.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد