Al Jazirah NewsPaper Friday  19/06/2009 G Issue 13413
الجمعة 26 جمادىالآخرة 1430   العدد  13413
كوارث تنذر بخراب ساحق!
رمضان جريدي العنزي

 

لوحدة المجتمع وتماسكه وصلاحه منظومة من القيم الأخلاقيه التي تعمل على رسم الخطوط العريضة وتعميق الشعور بالانتماء والالتزام وإحلال روح التنافس والتعاون الاجتماعي الهادف لتحل بديلاً عن النزاعات المتفردة بالأنانية والتصارع والابتعاد عن روح الحس الاجتماعي والأخلاقي.

إن مجتمعنا كبقية المجتمعات الأخرى مرَّ بظروف تعقيدية ابتلي خلالها بتصرفات فردية أو خلايا مرتجلة وحماقات تصرف بآلية استهدفت المصالح الخاصة والعامة الحيوية. وقد أفرزت هذه التصرفات ممارسات وسلوكيات منحرفة في بعض المقاييس الاجتماعية، فقد برز النفاق وأصبحت له صور شتى، وأصبحت الانتهازية والوصولية حالة يمارسها البعض الكثير من دون خوف ولا حياء، وسادت أجواء الفساد الروحي حتى أصبحت قيم الفضيلة والنزاهة مجرد لغة نتبادل مفرداتها الجميلة لكن بعيداً عن تطبيق مضامينها. إن القيم الأصيلة من صدق وأمانة ونزاهة وشجاعة وإخلاص وحب الوطن وكل الصفات الحميدة والقيم الفاضلة التي يجب أن نتحلى ونتسربل بها أخذت -بكل أسف- تنزوي ويخفت بريقها. إن ما دعاني لقول ذلك هي تلك الموجة الهمجية التي تطالعنا بها الأخبار في صحفنا اليومية المقرؤة والمسموعة والإلكترونية من نهب وسلب وتهريب وقتل واغتصاب وإدمان وإرهاب وقطع طرق وترويع الآمنين وعدم احترام للقوانين والتشريعات والاستهتار بالأنظمة والتعليمات، مما يشكل كارثة تنذر بخراب اجتماعي ساحق. إن ما تقوم به الأجهزة الأمنية في وزارة الداخلية بكل فروعها وإداراتها ضد هذه العصابات (الهولاكية) المجرمة المنحرفة عمل بطولي عظيم يشكرون عليه، وعلينا وجوب أن نصفق لهم ونشد بقوة على أيديهم، لكن في الوقت نفسه لا بد لنا كمواطنين غيارى أحرار من أن نتضامن مع هذه الأجهزة بحزم لنشكل معهم طوقاً أمنياً وسداً منيعاً أمام هذه الوحوش الضاربة غياً وفساداً. إن الإجراءات الحكومية الدؤوبة في اكتشاف وملاحقة الجريمة والمجرمين في كل وقت وكل حين، تتطلب منا جميعاً كمواطنين الشجاعة وتحمل روح المسؤولية والتعاون المخلص مع هذه الإجراءات في الحد من هذه الظواهر الخبيثة السيئة. إنني لا أريد لهممنا كمواطنين أن تكون هابطة، بل أريدها أن تكون حافزاً للتفكير الجماعي، كل وفق رؤيته الشخصية وثقافته وذلك بإيجاد حلول وتدابير رادعة وإستراتيجيات شاملة تضع جنباً إلى جنب مع العامل الأمني وتزود بها جهات الاختصاص. إن تأهيل أنفسنا بالوعي الأمني وتحفيز النوازع الذاتية في شخصيتنا الوطنية لمقاومة كل أشكال السلوك الشاذ والتصرفات الرعناء ينتج عنه أشياء إيجابية تؤسس لعلاقات اجتماعية متوازنة ترفض كل الموبقات والانحرافات شكلاً ولوناً وعملاً وتفاعلاً. إن السلوك المنحرف والجريمة بكل أنواعها أصبحت أفعالاً مرضية خطيرة ظاهرة لنا، وعلينا التحلي بالشجاعة والاعتراف بها وعدم السكوت عنها ودس رؤسنا في الرمل كالنعام، بل لا بد من اتخاذ كافة التدابير الأمنية والفكرية لدحر هذه الأعمال المنافية لكل القيم الإنسانية، وعليه إذا أردنا أن نحقق ذلك وجوب أن نقوم بتنمية روح المسؤولية الجماعية وتشجيع المبادرة الفردية ورفع روح الوعي السلوكي وتطوير الخطاب الديني وإخراجه من دائرته التقليدية وإشاعة المفاهيم والبرامج والتوسع في المشاركة المجتمعية الواسعة للحد من هذا الوباء الخطير. إن حماية مجتمعنا من الانحرافات الخطيرة والجريمة يتطلب منا مزيداً من المهام لإعادة خلق الأمة والضمير الوطني وتعزيز الأخلاق النبيلة والعودة إلى القيم الأصيلة. إن دور الدعاة والمرشدين والمصلحين دور فاعل ومؤثر لقهر هذه السلوكيات المنحرفة، فلا بد أن يأخذوا دورهم في العملية التثقيفية والتوعوية بكل بسالة، وعليهم أن يحسنوا جيداً صيغة الخطاب التوعوي والإرشادي ومفرداته، وكذلك للمثقفين والأدباء والشعراء وأصحاب الفكر والرأي دور لا يقل أهمية وتأثيراً، وعليهم أن يحسنوا طرح بضاعتهم الفكرية لكي يصيبوا أعداء الإنسانية بمقتل. إنني في الأخير أرفع أكف الضراعة في الهزيع الأخير من الليل مبتهلاً إلى الله أن يخلص مجتمعنا من كل بؤر الفساد والانحراف والرذيلة والجريمة ويعزز القيم الفاضلة والأخلاق النبيلة.

ramadan. alanazi@aliaf. com



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد