Al Jazirah NewsPaper Sunday  21/06/2009 G Issue 13415
الأحد 28 جمادىالآخرة 1430   العدد  13415
اما بعد
عفواً يا صاحب المعالي.. ما الحل؟
عبدالله بن عبدالعزيز المعيلي

 

علّق معالي الدكتور محمد عبده يماني على تصريح لنائبة وزير التربية والتعليم لشؤون تعليم البنات، حول ما اعتبرته حلا منطقيا للمعلمة التي لم يتيسر لها النقل، وتشعر بأن عدم تلبية رغبتها في النقل وبعدها عن أسرتها يسببان لها آثاراً سلبية على الأسرة لا يمكن تفاديها، حيث ترى معالي نائبة الوزير أن الحل: هو أن تترك المعلمة التي لم يتيسر نقلها العمل في التدريس، وتتيح الفرصة لمتقدمات أخريات على مظنة أنهن يقبلن العمل أيا كان مكانه، وهن على استعداد أن يتحملن مشاقه وتبعاته.

وكالعادة في تناول القضايا والتعامل معها، طغت العاطفة في تعليق معالي الدكتور محمد، وهي عاطفة نبيلة كريمة، تعكس وتتوافق مع ما يعرف به معاليه من لطف وسماحة وكريم خلق، وصاحب عاطفته غضب وانفعال، تجلى في قوله: (... وأنا شخصيا أطلب منك الاعتذار إليهن، ثم العمل بكل ما تستطيعين لحل هذه المشكلة...).

جميل أن نشارك الآخرين همومهم، وأن نظهر لهم تعاطفنا ووقوفنا الوجداني، ولكن الاقتصار على هذا الجهد لا يكفي، بل أعده سلبية، ومجرد تسجيل موقف، وهو من باب أولئك الذين يحبون أن يحمدوا وهم لم يفعلوا أي جهد يستوجب الحمد والثناء، وأجزم بأن هذا لم يرد في ذهن معالي الدكتور محمد، ولا يتطلع إليه؛ فهو أعلى درجة، وأكبر مقاما، من أن يوصف بهذه السمة.

إن جل تراكم مشكلات المجتمع وتعقدها يكمن في أن التناول يقتصر على البُعد الوجداني في المناقشة والتداول، وهذا النمط في التناول هو الأسهل، والكل يستطيع أن يمارسه، لكنه لا يغير من واقع المشكلات، بل يزيد الأعباء والضغوط على الطرف الذي يتحمل تبعات المشكلات وهمومها، ولهذا ومن باب إنصاف المسؤولين في وزارة التربية والتعليم، وأخص المعنيين بتنقلات المعلمات وتلبية رغباتهن، أن ندلي بالرأي العملي الذي يسهم في معالجة المشكلة، بدل استدرار العواطف وإشعالها، وكان الله في عون القائمين على هذه المهمة التي لها تاريخ طويل، وسوف يطول طالما أن مشاركاتنا تقتصر وتدور حول التعاطف وإظهار العطف والمشاركات الوجدانية التي لا تقدم ولا تؤخر.

أعود إلى مشكلة تنقلات المعلمات وتلبيتها، والرؤى والاقتراحات المناسبة لحلها؟

في البدء أود أن أنوه إلى ثلاث مسلَّمات:

أولها: أن نعلم أن وزارة التربية والتعليم معنية تحديدا بالطالب والطالبة، معنية بتعليمهما ورعايتهما، وتهيئة البيئة التعليمية المشوقة لهما، وأن توفر المعلمين والمعلمات الأكفاء حسب الضوابط والشروط المعتمدة، وفي الوقت المحدد قبل بدء العام الدراسي.

ثانيها: أن مهمات وزارة التربية والتعليم تختلف تماما عن مهمات وزارة الشؤون الاجتماعية، فالطابع المهني سمة غالبة في التمكين وتحديد الأدوار في وزارة التربية، بينما يغلب الطابع الوجداني في الاختيار وتحديد المستهدف في وزارة الشؤون الاجتماعية، ورسالة التربية توجب متابعة المعلمين والمعلمات وفق معايير مهنية، ويتم التحقق من أداء واجباتهم التدريسية وفق أساليب تقويمية، واستيفاء أنصبتهم المعتمدة (24)، وهذا عامل رئيس في تحديد الاحتياج من المعلمين والمعلمات.

ثالثها: أن وزارة التربية غير معنية بمقر سكن المعلم والمعلمة، فهما من يحدد الأولوية في اختيار الإدارة التعليمية التي يرغب التدريس فيها، ولا هي معنية بكيف يصل المعلم والمعلمة إلى المدرسة وبأي وسيلة، فهذه أمور خاصة بهما يدبرانها حسب ظروفهما وإمكاناتهما. في ضوء هذه المسلَّمات ما الخيارات الممكنة لحل مشكلة التنقلات؟

الخيار الأول: أن تقفل المدارس الصغيرة البعيدة عن التجمعات الحضرية المعتمدة في مخططات الشؤون البلدية، وتضم إلى أقرب تجمع سكاني آهل تتوافر فيه سبل الحياة وإمكاناتها وتوجد فيه مدرسة حكومية، ففي هذا الخيار تسهيل على المعلمين والمعلمات، وإعفاء لهم من التردد عبر مسافات متباعدة شاسعة شاقة، وقد حاولت الوزارة الأخذ بهذا الخيار، وبالتنسيق مع مجالس المناطق، ولم تتمكن الوزارة لاعتبارات عديدة معروفة. الخيار الثاني: أن يقتصر تعيين المعلمات السعوديات في خياراتهن الأولى فقط في المدن الرئيسة أو في مقار سكنهم، ويوجه معلمات متعاقدات إلى المدارس النائية البعيدة غير المرغوبة من المعلمات السعوديات، وهذا خيار مرفوض من العامة، فكيف يعين معلمات غير سعوديات والمعلمات السعوديات بالآلاف جالسات في بيوتهن ينتظرن التعيين؟

الخيار الثالث: أن تلبى طلبات نقل المعلمات إلى الأماكن التي يرغبنها، بغض النظر عن الحاجة إليهن، وفي هذا الإجراء تكدس للمعلمات في المدن، وهدر للمال العام، وهذا الإجراء لا يمكن لعاقل أن يقره ويقبل به.

هل من خيارات أخرى لحل هذه المشكلة، باب الاجتهاد مفتوح فهل من مجتهد؟




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد