Al Jazirah NewsPaper Sunday  21/06/2009 G Issue 13415
الأحد 28 جمادىالآخرة 1430   العدد  13415
المنشود
هوارين بنكهة الحب!!
رقية سليمان الهويريني

 

في القصيم.. وقبل أكثر من سبعين سنة كانوا مجموعة إخوان يربطهم اسم رجل واحد يحملون سمات مشتركة يميزها الغريب، وملامح متقاربة يعرفهم بها الأريب.

لم تكن حدود طموحاتهم تتعدى الزراعة والفلاحة وكفاف الحال، ولم يكن تعليمهم يتعدى معرفة فروض الصلاة، وإدراك اليسير عن الشريعة.

وكان أشد ما يؤلم النفس أن يزرعوا ويسقوا، وعندما يأتي الحصاد يحضر الديَّانة لرصد محصولهم، ومنعهم من حصاده! وهم الذين أسقوه من عرقهم حين عزَّ الماء! وهذا التصرف -بلا شك - يشعرهم بالضعف أمام أولادهم وزوجاتهم، وأهلهم. إلا أن ما يخفف طغيان الألم أنهم ليسوا وحدهم في ميدان الاضطهاد البشري، بل يشترك معهم مجموعة كبيرة من الفلاحين حيث كان الدّيْن يقصم الظهر، ويبدد الآمال، خصوصاً حين لا يكفي محصول السنة أو السنتين لقلة كميته وضعفه في رد الدّيْن وتلك كارثة أخرى!

عاشوا في هذا الوطن الكريم على أقل من الكفاف، ولم يتغير شعورهم بالعزة والكرامة، إطلاقاً، ولم يتزعزع إحساسهم بالانتماء أبداً، أو يقل حبهم لوطنهم أو يفقدوا ثقتهم به بتاتاً،على الرغم من أن الأمن لم يكن مثلما هو الآن يظلهم بجناحيه، حيث يكثر (الحنشل) وقطاع الطرق وهذا يعود - بلا ريب - لسوء الاقتصاد وضعف الأمن قبل التوحيد العظيم.

وحين نظروا إلى أنفسهم وجدوا أن الزراعة وحدها لا تكفي لقضاء متطلباتهم الحياتية فكان لا بد من السعي في مناكب الأرض، فشدوا الرحال، وتوجه بعضهم نحو الرياض، قبلة الرزق ومحط الأنظار، والآخرون اتجهوا إلى الأحساء الأقرب لطبيعة القصيم.

ولم تكن لديهم الإمكانات اللازمة لشق طريقهم نحو المجد، حيث لم ينل أحدهم نصيبه من التعليم، فعَمِل بعضهم في المصالح الحكومية، وبعضهم بحث عن سبيل آخر، وانغمسوا في العمل يغذونه بجهدهم ويسقونه بعرقهم، فما يكافئهم إلا بالقليل، ولكنه كثيرٌ بالحكمة والتدبير!

وفي الرياض والأحساء، كونوا أسراً صغيرة ما لبثت أن كبرت وتمددت. وكان الهاجس الأكبر لهم أن ينال أبناؤهم نصيبهم من التعليم بلا حدود، لقناعتهم الأكيدة أن التعليم هو الذي يشغِّل مصانعهم ويفتح مدارسهم ويعبد طرقهم ويحفظ أمنهم وينعش اقتصادهم! فحرصوا - بلا استثناء - على أن يتعلم أولادهم ويحصلوا على شهادات عليا في مجالات متعددة، وكان ولله الحمد، فتخصص بعضهم في العلوم الشرعية وتعرفوا على ما هو أكثر من الصلاة والصوم، ودرسوا الاقتصاد، فأداروا تجارتهم بالعلم والمعرفة، وانخرطوا في المجالات الأمنية فساهموا في حفظ أمن هذا الوطن الحبيب، فلا إرهاب ولا حنشل!

ومن ثمرات العلم أيضاً اجتماعهم واستمرار تعارفهم وتبادل أفكارهم وسماع أصواتهم، عبر منتدى ضخم يجمع الإخوة والأخوات والأبناء والبنات ممن يحمل هوية (هويريني) تلك العائلة الصغيرة في عددها، الكبيرة بهمم أبنائها البررة، الضخمة بأفكارهم وإبداعاتهم! وكان هدفهم أن يكون داعياً لصلة الرحم بكل ما تحمله من مودة وقربى وتكافل اجتماعي رائد.

وفيه أوصى الآباء الأبناء بالمحافظة على ما اختطوه ورسموه من حفظٍ للحقوق واحترامٍ للكبير، ورأفة بالصغير، مع البعد عن كل ما يُخل بكرامة وعزة هذه العائلة الكريمة، التي عاشت وستبقى على أُسسٍ راسخة من العقل والحكمة، تحيط بها العاطفة الإيجابية التي تقود لمزيدٍ من النماء والخير والتواصل.

أسرة كهذه، ألا يحق لي الفخر بها ؟!!

ص. ب 260564 الرياض11342


rogaia143@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد