Al Jazirah NewsPaper Tuesday  23/06/2009 G Issue 13417
الثلاثاء 30 جمادىالآخرة 1430   العدد  13417
أضواء
الكلمة أقوى من الرصاصة
جاسر عبد العزيز الجاسر

 

بغض النظر عما ستؤول إليه الأوضاع في إيران بعد الانتفاضة الشعبية التي ولدتها أقدم السلطات في تزوير الانتخابات لصالح الرئيس الحالي باعتراف أعلى جهة مرجعية (مجلس تشخيص النظام) الذي أعلن عن اكتشاف التزوير في 50 مركزاً انتخابياً إقليمياً. فإن هذه الانتفاضة أثبتت أن (الكلمة) أقوى تأثيراً من (الرصاصة) فعلى الرغم من قوة عدة وعتاد وأعداد الحرس الثوري الإيراني الذي حاول ولا يزال قمع الجماهير الإيرانية مستعملاً أساليب استخرجها من ملفات كل الأجهزة القمعية التي لفظها التاريخ، كأساليب النازيين ومليشيات الأنظمة الشمولية، ومنها استعمال العناصر الأمنية بملابس مدنية لمطاردة المتظاهرين وامتطاء الدراجات النارية (الموتر سيكلات) لإطلاق النار على المتظاهرين وبخاصة النساء اللاتي تضرجن بدمائهن ورويت بها شوارع طهران إلا أن تأثير الكلمة ظل أقوى من أزيز صوت رصاص الحرس الثوري..!

ورغم الإجراءات القمعية الشاذة وغير المسبوقة التي استعملت ضد الصحفيين والتي تمثلت في حجز الصحفيين في مكاتبهم ومنعهم من تغطية الأحداث وإبعاد المراسلين الأجانب عن إيران، وإقفال المكاتب الصحفية للمحطات التلفازية الفضائية غير الحكومة واعتقال وسجن الصحفيين ومشغلي المواقع الإلكترونية ومدونات الإنترنت من المواطنين الإيرانيين، إلا أن كل ذلك لم يمنع الكلمة الحرة والصادقة من الوصول إلى المتلقي داخل إيران وخارجها، فقد ساعدت التقنية وإجادة المواطنين الإيرانيين العاديين توظيف أجهزة الاتصال وبخاصة (الجوالات والموبايلات) لتصوير الأحداث الدامية في شوارع طهران والتي تسبب بها الحرس الثوري وإرسالها ونقلها إلى المتلقين داخل الأراضي الإيرانية وخارجها عبر (البلوتوث) والرسائل النصية والمصورة، وقد وصلت تلك الصور والأخبار إلى كبرى المحطات الفضائية والصحف الكبرى ووجدت طريقها إلى صفحاتها الرئيسة وإلى النشرات الإخبارية وبالتالي فقد عجزت إجراءات القمع التي قامت بها أجهزة الحرس الثوري ونظام ملالي إيران في اعتراض الكلمة الصادقة والحقيقة لما يجري في طهران والمدن الإيرانية الأخرى التي أصبحت معروفة للجميع، مشكلة فضيحة كبرى لنظام ينتمي لخارج العصر حيث أوضحت الأحداث أن الإيرانيين لا يريدون بقاء مثل هذا النظام وأنهم يدفعون أرواحهم ثمناً للتخلص منه، وهذا ما يفرض واجباً على العالم الحر وعلى الدول الأخرى بالتحرك لتخليص شعب ظل تحت القهر أكثر من ثلاثين عاماً، يكرر الانتفاضات الواحدة تلو الأخرى لتنبيه العالم لما يجري في بلدهم من قهر للإنسان وكرامته.



jaser@al-jazirah.com.sa

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد