Al Jazirah NewsPaper Tuesday  23/06/2009 G Issue 13417
الثلاثاء 30 جمادىالآخرة 1430   العدد  13417
عباس يواجه خطاب نتنياهو

 

بعدما قرَّب خطاب أوباما المسافات في المنطقة ومهَّد لحراك سياسي يُفترض أن يبدأ بين العرب والإسرائيليين، جاء خطاب نتنياهو ليباعد بين هذه المسافات، بل جعل من إمكانية عودة الفلسطينيين والإسرائيليين إلى الجلوس مرةً ثانيةً على طاولة المفاوضات، من المهام المستحيلة في ظل الشروط الصارمة التي تضمنها خطابه أمام جامعة بارأيلان، وهو عكس ما أراده أوباما من خطابه في جامعة القاهرة؛ فالرئيس الأمريكي شدَّد على خيار دولتين تعيشان بسلام وتؤمِّنان لشعبيهما العيش بكرامة وأمان، إلا أن نتنياهو في خطاب الرد جرّد اقتراح الرئيس الأمريكي من أهم مقوماته؛ فرد نتنياهو كان عبارة عن مجموعة من اللاءات: لا لخريطة الطريق، ولا لوقف الاستيطان، ولا لاستئناف المفاوضات حول القدس والمستوطنات والحدود واللاجئين والأمن والمياه، ولا للمبادرة العربية، ولا لرؤية الرئيس الأمريكي أوباما لمنطقة الشرق الأوسط... وأخيراً لا لرؤية الدولتين .. الدولتين الطبيعيتين، وليس محمية نتنياهو التي تضمَّنها خطاب الرد.

هذه الإملاءات واللاءات التي تضمنها خطاب نتنياهو الذي ألقاه رداً على خطاب الرئيس أوباما في جامعة القاهرة، والذي نشر الأمل وأشاع توقعات طيبة في المنطقة والعالم؛ فجاء رد نتنياهو؛ ليلقي (جردل) ماء مثلج في صيف قائظ انتزع به الحالمين من أحلامهم التي كانوا يعيشونها وجعلهم يتوقعون صيفاً ساخناً بدلاً من سلام يعيد إلى المنطقة هدوءها.

هذا التحول السلبي الدراماتيكي الذي أحدثه خطاب رئيس وزراء إسرائيل جعل الأطراف المتداخلة في مسيرة السلام تتحرك لاحتواء (ردة السلام) هذه؛ فجاءت زيارات وتحركات الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي يحمل على كتفه أعباء ومتاعب شعب لا تزال حقوقه المشروعة بعيدةً عن التحقيق نتيجة عدم مواجهة عبث وتعنت الإسرائيليين من قادة سياسيين ومستوطنين مسلحين وجيش نظامي تحوَّل أفراده إلى جلادين لا عمل لهم إلا إبادة شعب من المدنيين الأبرياء الذين لا حول لهم ولا قوة. وبدلاً من مواجهة عبث نتنياهو ولاءاته غير المنطقية، لا يزال الأمريكيون يطالبون باستئناف المفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين، ويشجعون العرب على التطبيع مع إسرائيل..!

هذا الموقف الأمريكي الذي لا يزال محصوراً في دائرة الانحياز للإسرائيليين وعدم اتخاذهم موقفاً حازماً لإبطال لاءات نتنياهو جعل محمود عباس يعرض الموقف على قادة الدول العربية المحورية لصياغة موقف عربي موحد لمواجهة التعنت الإسرائيلي والسكوت الأمريكي؛ فحلَّ في المملكة، وقبلها كان في سوريا، وبعدها في بلد عربي ثالث.. ونأمل أن يعقب هذه اللقاءات الإعلان عن موقف عربي صلب يعيد الإسرائيليين إلى صوابهم والأمريكيين إلى حيويتهم وتفهمهم لخطورة الموقف الذي يدفع المنطقة إليه رئيس حكومة إسرائيل.

***








 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد