Al Jazirah NewsPaper Tuesday  23/06/2009 G Issue 13417
الثلاثاء 30 جمادىالآخرة 1430   العدد  13417
الجزء الثاني الأخير
النعيم: لا أتذكر أخطائي.. ولم أترك مشروعات معلقة!

 

حوار - محمد بن عبد العزيز الفيصل :

تناولت (مسيرة) في حلقتها الأولى من هذا الحوار (النعيمي) حديثاً مترامياً حول أيام الماضي التي ما زال معالي الأستاذ عبدالله العلي النعيم يحتفظ بها داخل سجل ذكرياته التي محتها آلة الزمن لتلقي بها بعيداً خلف أسوار عنيزة بآلاف الأميال، لكنه أكد بأن جلّ تلك الأحلام المحصورة داخل أسوار عنيزة قد تحققت لتكون على موعد مع السعادة الحقيقية البعيدة عن الشقاء والحسرة، كما أشار في حديثه السابق.

لم يخف حبه للتعليم الذي تفتق عام 1370هـ لينتهي به مديراً للتعليم بالرياض.. التعليم الذي تمنى له النعيم أن يتطور، مبدياً أسفه من وضع المناهج الجامدة بعد كل هذه السنين التي تركها خلفه، داعياً المجتمع العلمي للاهتمام بالعلوم الحديثة (المتقدمة) التي آمن بأهميتها منذ أن وطأت قدمه بلاط التعليم في هذه البلاد.

لم ينكر النعيم مشكلة النظافة ليصفها بأكبر المعوقات التي واجهها أثناء عمله أميناً لمدينة الرياض، مؤكداً بأنه ودّعها كما استلمها نظيفة براقة، وفي سياق النفي بَرّأَ أبوعلي ساحة البلديات من تهمة تشويه الآثار مع أن الواقع يحكي غير ذلك! في حين رحب بالواسطة المشروطة التي تخدم العمل الشريف ولا تهضم حق المواطن، مدعماً الموقف ب (الناس بالناس والكل بالله)، ورفض الحديث عن أي إنجاز قدمه على ساحة الرياض داعياً (الإنجازات) أن تنفض الغبار عن ثوبها وتتحدث عن نفسها وللمواطنين أيضاً ممن لمسوها وعاشوها واقعاً حيّاً.

كان ذلك ملخصاً لا خلاصةً لأبرز (أحداث) الحلقة الأولى من هذا الحوار الطلائعي؛ لتستكمل (مسيرة) في هذا الأسبوع مسيرة المكاشفات مع معالي الأستاذ عبدالله العلي النعيم .. فإلى نص الحوار.

* هل لك بأن تذكر لنا بعض المواقف - خلال عملك أميناً لمدينة الرياض - مع صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز؟

- المواقف كثيرة وكثيرة جداً مع صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز، مهندس تطوير مدينة الرياض وباني نهضتها الحديثة، قبلي، وأثناء عملي، وبعدي، وكلها مواقف إيجابية وخلاّقة وعظيمة ولا أستطيع أن أحدد واحداً منها وهي بالآلاف.

* خلال أحد اللقاءات المتلفزة اعترفت باقترافك بعض الأخطاء .. هل بالإمكان أن تذكر لنا بعضاً منها؟

- جلّ من لا يخطئ والاعتراف بالحق فضيلة، وأنا بشر، وكلفت بعمل كبير وواسع ومن يعمل لابد أن يخطئ بخلاف من لا يعمل، وربما كانت هناك أخطاء كثيرة، لكني الآن لا أتذكر شيئاً منها، لقد طواها الزمن والفترة الطويلة التي مرت بعد تقاعدي.

لو عاد الزمن

* لو عاد بك الزمن ماذا ستقول؟ وماذا ستفعل؟

- أقول الحمد لله الذي قدّرني أن أخدم وطني بكل ما أستطيع من جهد وإخلاص قدر الإمكان، أما ماذا سوف أفعل فلن يعود الزمن مرة ثانية.

الفشل

* ما هو موقع الفشل في حياتكم؟

- الحمد لله على أفضاله ليس للفشل موقع في حياتي، فكل الأعمال التي أوكلها الله عز وجل ثم أوكلها ولاة الأمر أعزّهم الله لي، قمت فيها بجهد واجتهاد قدر الإمكان أيضاً.

لا أقول إنها نجحت نجاحاً باهراً لا لا أقول ذلك، ولكن لم يكن أي منها فاشلاً، ومرة ثانية الحمد لله على توفيقه.

الخليفة والنظافة

* ما حكاية إعادة صالح الخليفة للعمل بأمانة مدينة الرياض بعد أن استقال منها .. وعن زيادة رواتب الموظفين هناك؟

- ذكرت في أحد الأجوبة موضوع النظافة وكيف كان مؤلماً. كان الشيخ صالح الخليفة - رحمه الله - مسؤولاً عن النظافة ولسبب لا أعرفه قرر أخذ إجازة طويلة على أن يتقاعد بعدها، وأسندت النظافة إلى زميل آخر لكنه كان مشغولاً بأعمال أخرى في الأمانة مما زاد وضع النظافة سوءاً.

وكنت أعرف الشيخ صالح الخليفة معرفة شخصية عندما كان وكيلاً للمعهد العلمي بعنيزة، وأعرف حرصه واهتمامه، فطلبت منه العودة واستلام إدارة النظافة فقبل مشكوراً، عندها قال أحد المسؤولين في الأمانة هل صحيح أنك سوف تعيد صالح الخليفة؟ قلت نعم، فقال لي إنه كان فاشلاً، فقلت له هل الوضع بعده تحسّن؟ أجابني قائلاً: لا بل ساء كثيراً، قلت لذلك نريد الأقل سوءاً.

والحقيقة أنّ الرجل الذي حلّ محله كان معذوراً لأنه مكلف بأعمال كثيرة لكن الشيخ صالح - رحمه الله - شمّر عن ساعديه وأثبت رجولة وإخلاصاً وتفانياً في العمل، كان يصلي الفجر ثم يخرج فوراً لتفقد العمل، كان شعلة نشاط وبقي في الأمانة مسؤولاً عن النظافة حتى تقاعدي أنا، وظل بعدي فترة ثم تقاعد - رحمه الله رحمة واسعة - لقد أدى لمدينة الرياض خدمة إنسانية لن ينساها من عاش وضع المدينة سابقاً ولاحقاً، ومن حق المحسن أن يقال له أحسنت.

لا أذكر هذا الحوار

* خلال أحد حواراتكم لإحدى الصحف الكويتية طلبتم من المواطنين العمل بمبدأ (مد رجليك على قدر لحافك) في سياق طلباتهم من البلديات .. وأشرتم إلى أنّ المواطنين دائماً يطالبون البلديات بالإنجاز دون النظر للإمكانات المتوفرة لدى تلك البلديات هل تسمح أم لا؟ ألا ترى بأنّ البلديات لدينا لم تقم بالدور الأدنى لها وبخاصة في المحافظات والقرى؟

- أولاً لا أذكر ذلك الحوار ولكن ما قلته في سؤالك يلخصه، ولم يتغير رأيي الآن، الناس يطالبون البلديات بأكثر مما تستطيعه، وبأكثر مما تملكه من إمكانيات، وكلٌ يطالبها بالاهتمام بحارته وحيِّه والبلديات لديها مخطط لخدمة المدينة ككل، ولا تفضل حياً على حي، ولا جهة على جهة.

ثانياً أعتقد أنّ البلديات في المدن والمحافظات تقوم بمجهود كبير جداً وفقاً لإمكانياتها.

حكاية المكتبة

* ما حكاية إنشاء مكتبة الملك فهد العامة؟

- عندما تولّى المغفور له بإذن الله الملك فهد عرش المملكة، وقبل عودته إلى الرياض من المنطقة الغربية، قررنا بقيادة وتوجيه ورعاية صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز، إقامة حفلة باسم أهالي مدينة الرياض تكريماً لخادم الحرمين الشريفين بهذه المناسبة، واجتمعت بأعيان الرياض، وجمعنا مبلغاً يزيد كثيراً عن تكاليف الحفلة، وبالتشاور مع سمو الأمير سلمان رأينا تخليد هذه المناسبة بإقامة معلم حضاري يليق به، واتفق الرأي على إقامة مكتبة تحمل اسمه الكبير وتم الإعلان عنها في الحفلة التي أقيمت على شرف خادم الحرمين الشريفين الملك فهد، ثم قمنا بجمع التبرعات، حتى وصلت أربعين مليون ريال، وقد قدّم - رحمه الله - أربعين مليونا أخرى، مساهمة منه في بناء المكتبة. ثم تحوّلت إلى مكتبة الملك فهد الوطنية وأصبحت فرعاً من ديوان رئاسة مجلس الوزراء.

التطوع

* أصدرتم كتابكم (العمل التطوعي)، الذي كان ثمرة إحدى المحاضرات التي سبق وأن ألقيتموها في أحد مراكز التطوع .. ألا تعتقد بأنّ ثقافة التطوع بالمملكة انحسرت وتقهقرت بسبب التهم التي ألصقت بها مؤخراً؟

- لا لا أرى أنّ العمل التطوعي تقهقر، بل زاد نضوجاً وأصبحت له مؤسسات رائدة، نسائية ورجالية، وأصبح له زخم قوي وحضور جيد، ونحن بحاجة إلى تأصيل فكر التطوع وغرسه في عقول الناشئة، والمجال واسع ومفتوح.

الأمانة والميزانية

* هل يمكن أن تتخلى الأمانة في يوم من الأيام عن ميزانية الدولة لتقتصر على مصادرها الخاصة؟

- لا أعتقد أنّ ذلك سيتم في وقت قريب، لكن لا شك أنّ جهود سمو الأمين في زيادة مداخيل الأمانة ومضاعفتها خلال فترة قصيرة، سيساهم كل ذلك في تحمل جزء مناسب من ميزانية مصروفات الأمانة.

أزمة سكن

* هل ترون بأنّ لدينا أزمة سكن؟

- هذا ما تقوله المعلومات وأننا بحاجة إلى مساكن جديدة في كل مكان في المملكة، وذلك راجع إلى زيادة عدد السكان، ثم زواج الشباب ورغبتهم في سكن خاص بهم بعد أن كانوا يسكنون ضمن عوائلهم وهذا شيء طبيعي.

وسوف تستمر الحاجة إلى زيادة المساكن رغم الجهود التي تبذل من الدولة أيّدها الله، ومن بعض القادرين، والمجتمع المدني.

المشاريع المعلقة وكبري الشميسي

* تناقلت بعض المواقع بأنّ هناك مشاريع معلقة منذ عملكم بالأمانة وحتى الآن مثل كوبري الشميسي الذي سبق وأن صرحت بأنه مؤقت فما تعليقكم على ذلك .. فهو لا يزال مؤقتاً منذ 25 سنة؟

- لم أطلع على ما تناقلته بعض المواقع ولا أعرف ما هي المشاريع المعلقة، أما جسر الشميسي الذي ذكرته فليس مؤقتاً بل إنه جسر دائم يخدم هذا الجزء من المدينة ويحل مشكلة المرور في ذلك الشارع مع الجسور التي قبله، وجسور الحديد عمرها طويل، وهناك جسور حديد في كل مكان في الدنيا في أوروبا وغيرها وبعضها مر عليه أكثر من مائة عام، وليس خمساً وعشرين سنة كما ذكرت .. وجسور الحديد في الرياض تقوم بعملها خير قيام مع الصيانة والاهتمام بها.

أم علي

* إن سمحتم لنا بالحديث عن حياتكم الخاصة وما تأثيرها على عملكم وعن دور أم علي فيها؟

- ليس لحياتي الخاصة أي تأثير على ما أقوم به من عمل، أو ما يسند إلي من مهام، وأنا أستطيع أن أوفق بين حياتي الخاصة العائلية، وبين علاقاتي الاجتماعية (وهي واسعة والحمد لله) وبين واجباتي.

ودور الحبيبة (أم علي) في مساعدتي وتوجيهي وتحمل العبء الأكبر عني دور كبير وفعّال، وهي تتحمل مسؤولية البيت والأولاد، وقد ربتهم تربية فاضلة، والحمد لله، لقد كنت في وقت دراستهم مشغولاً كثيراً، ولكني مع ذلك كنت أراقبهم وأهتم بهم، إنما الدور الأكبر كان لأم علي.

مشاريع مستقبلية

* ما هي مشاريعكم المستقبلية؟

- كما قلت سابقاً، يا الله حسن الخاتمة، هل عندما يقارب الإنسان الثمانين من عمره يكون له مشاريع مستقبلية، غير عبادة الله عز وجل والقيام ببعض الواجبات الضرورية التي تحتمها الحياة؟.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد