الزواج سنة من سنن الله في هذه الحياة، وبدون الزواج لا يتحقق استمرار العنصر البشري في هذا الكون، لذلك فإن كل امرأة في حاجة إلى رجل والعكس صحيح.
ولكن هل كل امرأة قادرة ومؤهلة لتكون زوجة؟ بالتأكيد أن الجواب بوجه عام (نعم) لكن ولأن لكل قاعدة شواذ، فإن هناك بعض النساء غير مؤهلات لذلك، إما بسبب خلل في الشخصية، وإما بسبب خلل في التربية في مرحلة الطفولة، بحيث أصبح من المستحيل أن تكون يوماً زوجة قادرة على العطاء الأسري، وتحقيق متطلبات العشرة الزوجية بكل متطلباتها.
وتخبرنا حوادث الطلاق المتعدد لبعض النساء عن حدوث ذلك الأمر، فهناك نساء تزوجن مرات عدة، وتنتهي تلك الزيجات بالطلاق لأسباب عدة، بينما يبقى السبب الخفي في عدم قدرة تلك المرأة على الاستمرار كزوجة.
وقد يتساءل البعض عن مدى مصداقية هذه الحقيقة، في حين أن من تشعر بأنها تعاني من كونها غير قادرة على أن تكون زوجة تتساءل عما إذا كان هناك حل أو علاج لهذه المشكلة.
إن من يعتقد بعدم وجود امرأة غير قادرة على أن تكون زوجة يخالف حقيقة واقعة لدى بعض النساء اللاتي يخفين تلك الحقيقة، ويرجعن أسباب تعدد طلاقهن إلى مبررات عدم الارتياح أو سوء الزوج أو الإصابة بالعين إلى غير ذلك من الأسباب، ولو حاول أحد من المشككين في هذه الحقيقة السؤال عن حالات من ذلك النوع من النساء لوجد بعضاً منها في محيطه الأسري أو المكاني.
أما من تعاني من تلك المشكلة وتبحث عن حل لها، فإن الحقيقة المرة أن مثل هذه الحالات تحتاج إلى جهد كبير ووقت طويل لمعالجتها، فعدم القدرة لدى المرأة على أن تكون زوجة له مسببات عديدة متشابكة، وتتضمن تاريخا سلبيا تسبب في تشويه صورة الزواج لديها، إضافة إلى الافتقاد إلى مهارات وفنيات العلاقات الزوجية ومتطلباتها، وبمعنى آخر فإن تلك المرأة تعاني من أعراض واضطرابات شخصية تمس جانب العيش مع رجل والاستجابة لمتطلباته الشخصية والزوجية والأسرية.
وإن كان العلاج ممكنا إلا أن من تعاني من تلك المشكلة في الغالب لا تستجيب لمتطلبات العلاج ولواجبات الإخصائي النفسي التي يطلبها منها، ومنهن من تعتقد أن هذا الأمر ليس مشكلة حتى تبحث لها عن علاج، وهذا ما يجعل الكثير منهن يبقين على حالهن رافضات الزواج مطلقاً، والبعض الآخر يكرر محاولات الزواج لعل الله أن يوفقهن في الزوج الذي يستطيع أن يعيش معها بقية العمر.
لذا فإن من الحلول المطروحة هو التأقلم مع هذا الواقع والرضا بالنصيب، واعتبار حالتها هذه ابتلاء من الله ينبغي الرضا به والعيش في سلام مع النفس، ثم البحث عن سبل للعيش تتناسب مع واقع العزوبية تلك، فإذا ما استطاعت المرأة أن ترضى بهذا الواقع وتتأقلم معه، فإنها ستستطيع أن تكون لنفسها شبكة علاقات مع بنات جنسها غير متزوجات أو سبق لهن الزواج لكنهن الآن مطلقات ولم يعدن راغبات في الزواج مرة أخرى، كما أن تلك المرأة ستكون قادرة على إشغال وقتها بأعمال وأنشطة تكفل لها العيش في سعادة وانسجام في حياتها ومع من حولها، وبهذه الطريقة سيجد أنه من الممكن أن تعيش بدون زوج دون أن يجرح ذلك مشاعرها أو يتسبب في تعكير صفو حياتها.
وعليه فإن أي امرأة يمكن أن تعيش حياتها بدون زوج وتتحقق لها سعادة تضاهي سعادة امرأة أخرى متزوجة ولديها أسرة وبيت.
ويبقى أمر واحد لا يمكن علاجه أو تجاهله أو التشاغل عنه لأنه غريزي ألا وهو الشعور بالأمومة بإنجاب الأطفال، وهذا الأمر يمكن الاستعاضة عنه باحتضان طفل من دار الحضانة وتربيته ورعايته وتقديم الحب والعطف والحنان له، وبهذا تتحقق تلبية الحاجة للأمومة.
وأخيرا فإن ما قيل سابقاً عن المرأة ينطبق بالتأكيد على الرجل أيضاً لكنه يكون بصورة أخف لاختلاف المشاعر والأحاسيس بين الرجل والمرأة، فكما هو معروف فالمرأة ارق مشاعر وأحاسيس من الرجل.
إن طرحي هذا الموضوع ليس دعوة لعدم الزواج أو الاعراض عنه، بل الهدف هو تفادي حالات طلاق كان يمكن أن تقع وسيقع ذلك الطلاق مرات عدة لو استمرت حالات الزواج في ضوء وجود تلك المشكلة.
فهل سيظهر لنا في المستقبل نوع من أنواع الزواج التي انتشرت في مجتمعنا يكون ذلك الزواج متناغماً مع أحوال من يعاون من هذه المشكلة؟
أعتقد أن ظهور اسم زواج مناسب لمن يعانون من هذه المشكلة ويكون زواجاً شرعياً سيكون أحد الحلول الممكنة لتخفيف حدة الألم والحزن الذي يصاحب من يعانون منها، لكنه لن يلغيه.
- الإخصائي النفسي
sobihi@hotmail.com