Al Jazirah NewsPaper Friday  24/07/2009 G Issue 13448
الجمعة 02 شعبان 1430   العدد  13448
مركاز
رخصة قيادة!
حسين علي حسين

 

منذ سنوات كنت أقف أمام محل لبيع الأغذية، فوقفت سيارة، تجلس خلف مقودها امرأة كبيرة في السن، تلبس ثوباً وغترة وعقالاً طلبت ما أتت من أجله فأخذته وذهبت، دون أن تثير هيئتها أحداً من الواقفين، رغم أن الجميع اتفقوا على أنها سيدة، كان الوقت مساء، الحركة خفيفة والمنطقة سكنية..

وبعد ذلك توالت هذه الظاهرة، فأصبحت امرأة تخرج بمريضها إلى أقرب مشفى أو تتجول في المناطق الطارفة أو ربما زارت صديقتها وأهلها دون أن تثير ريبة أحد، خصوصاً أولئك الذين يتعاملون مع المرأة بكونها وباءً تجب مكافحته بكافة الأسلحة، وهذا ما يجعلنا نقرأ بين وقت وآخر عن القبض على امرأة وهي تقود سيارة، ومن ثم تسليمها إلى ذويها بعد أخذ التعهد الكافي لكيلا تعود إلى مثل ذلك الفعل، الذي نعرف أنه ليس له قانون واضح ومحدد، فنظام المرور لا يفرق بين رجل وامرأة، وليس هناك إشارة، مجرد إشارة حسب علمي تجعل قيادة السيارة قصراً على الرجل دون المرأة، لكن ما يجعله واضحاً عدم منح رخص قيادة للنساء وعدم وجود مدارس لتعليم قيادة السيارات وعدم وجود أماكن نسائية لاستقبال الحوادث التي تكون المرأة طرفاً فيها!

لكن المسؤولين كثيراً ما يقرون بأن المجتمع وحده، هو الذي يملك حق الموافقة على قيادة المرأة للسيارات، ولأن هذا المجتمع لا يريد، فإن المشرع لا يملك غير مكافحة مثل فعل كهذا تقوم به المرأة، وإن كانت المكافحة في غالب الأحيان تتم بكياسة ونعومة، فلا قوانين ولا ضوابط مكتوبة تبرر الصرامة وتطبيق ما قد يسن من أنظمة، لكن السؤال الآن هل أجريت أبحاث ودراسات من جهات محايدة وتوصلت إلى أن قيادة المرأة للسيارة قد ينتج عنها شرور كبيرة أم أن الأمر لم يخرج عن النطاق المجتمعي التقليدي الذي قد يعاني من إغلاق في النظر إلى بعض الأمور الحياتية الحساسة وأبرزها قيادة المرأة للسيارة، دون النظر - مجرد النظر- لكافة دول العالم، الإسلامية وغير الإسلامية التي تقود فيها المرأة سيارتها بسلام، جنباً إلى جنب مع الرجال، ولها ما لهم وعليها ما عليهم من أنظمة تشريعية وجزائية!

هناك عدة طرق للاعتراف ولو جزئياً بهذه الظاهرة، مثل تحديد سن لقيادة المرأة وتحديد ساعات للقيادة وكذلك تحديد النطاق الذي تتحرك فيه، ولتكن البداية بمدينة أو مدن يتميز سكانها بانفتاح معقول ونظرة موضوعية للمرأة، أما الاحتجاج بتعرض المرأة السائقة للمعاكسة وعدم القدرة على مباشرة الأعطال، فالرجل نفسه يركن سيارته جانباً بانتظار الفني عندما تتعطل سيارته، أما المعاكسة فهي موجودة سواء كانت لوحدها أو برفقة سائق، علماً بأن مثل هذا الأمر لن يقضى عليه بمنع المرأة من قيادة السيارة!

فاكس: 012054137



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد