Al Jazirah NewsPaper Friday  31/07/2009 G Issue 13455
الجمعة 09 شعبان 1430   العدد  13455
حولها ندندن
القامات
د. جواهر بنت عبدالعزيز آل الشيخ

 

بعد أن انتهى عصر الرسل عليهم السلام وتوقفت مرحلة الوحي الإلهي المباشر، لم يعد أمام الناس إلا العلماء الدينيون الربانيون أتباع الأنبياء وخلفائهم الذين أفنوا أعمارهم في دراسة الدين وتفهم معنى عقيدة التوحيد وإيجاد الحلول لمشاكل البشرية صغيرها وكبيرها، المستنبطة من القرآن العظيم والسنة الهادية.

لذا فهم أصحاب القامات المديدة والأعناق الطويلة، الهداة المهديون، الذين ينظر إليهم الجميع بالإجلال ويتعاملون معهم بالتوقير والمهابة، فهم القدوة الحسنة، أليسوا هم ورثة الأنبياء؟ وهم الذين بقي أثرهم خالداً في جبين التاريخ، شاء من شاء وأبى من أبى، لا يتطاول عليهم إلا جاهل أو حاسد أو حاقد مغرض، أو خادم لأغراض أعداء الإسلام بشكل مكشوف.

والذين يرددون عبارة: أن العلماء ليسوا معصومين من الخطأ، فإنما هم يرددون عبارة حق أريد بها باطل، لأن هؤلاء يطاولون قامة العلماء العملاقة التي لا ينافسها إلا من وصل لمرتبتها وتعمق في العلم مثلها، أما من يقتطع جملة من كتاب، وعبارة من موقع إلكتروني، ومعلومة من شخص متوار خلف حجب يلقي المعلومات المغرضة جزافاً، فهذا يستحيل أن يقنع عارفاً أو أن يضل مهتدياً.

ولكن ليس معنى هذا هو منع النقاش الهادف الراقي، حيث يتوخى جلاء الحقيقة وسبر أغوار العلم الديني الذي يمتاز بالمرونة المتلائمة مع كل زمان ومكان، على أن يكون الحوار بأسلوب متميز مهذب بعيد عن الألفاظ السوقية والعبارات الجارحة كتلك التي يعتمدها البعض في كتاباتهم التي أطلق لهم فيها العنان دون وعي.

والعلماء الأجلاء هدفهم إرضاء الخالق سبحانه عبر خدمة دين الإسلام ونشر عقيدة التوحيد والمنافحة عنها كما نافح عنها المرسلون، ولم يأتوا ببدع من تلقاء ذاتهم، ولم ينحرفوا عن جادة الصواب، ولم يتبعوا كل أفاك أثيم، وليس هدفهم الشهرة الدنيوية، وإلا لدخلوها من أوسع الأبواب لا سيما في زمن العجائب.

وعلماء الإسلام سواء منهم القدماء أم المعاصرون من علماء موطننا الإسلامي الحبيب أو من عالمنا العربي والإسلامي الكبير، خدموا القرآن الكريم والسنة الشريفة بكل ما أوتوا من قوة علمية وبلاغية وتأليفية، عبر عدة منافذ مؤثرة، سواء في مجال الطب النبوي الذي ما زال يبهر الناس بإعجازه المتجدد الذي لا يجحده إلا بعيد عن العلم الحقيقي التطبيقي، خصوصاً أننا في عصر الطب البديل الذي اتجه العالم إلى تقنينه وتنظيمه.

كما خدم علماؤنا المتمكنون كتاب الله عبر الإعجاز العلمي التطبيقي، الذي بهر العالم الغربي فتنافسوا ما بين مؤيد ومعتنق لهذا الإسلام الجامع الشامل، وبين خائف وجل من اكتساح هذا الدين لمشارق الأرض ومغاربها فقام يحاربه بطرق عديدة أشنعها هو تأليب الجهلة والمغرضين من أبنائه ضده. فرحم الله من مات من علماء الإسلام، ووفق أحياءهم لما فيه خير الدين وأهله، ومرضاة ربهم.



g.al.alshaikh12@gmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد