Al Jazirah NewsPaper Monday  03/08/2009 G Issue 13458
الأثنين 12 شعبان 1430   العدد  13458

شبابنا والكنز وبائع الكبريت
ماجد بن ناصر العُمري *

 

بدأ (إنغفار كانفراد) بالتنقل على دراجته لبيع الكبريت في قريته جنوب السويد وبعدها صار يبيع الأقلام ثم طرأت له فكرة إثر رحلة له لباريس في أن يبيع الأثاث المنزلي وذلك عبر تصنيعه من خلال المصنعين في الغابات القريبة من منزله ثم يقوم ببيع الأثاث ونقله على سيارة خاصة لنقل الحليب، وبعد سنوات من الجد والجهد المتواصل والإبداع والإصرار على النجاح على الرغم من الصعوبات أصبح مشروعه من أكبر شركات الأثاث في العالم وهي شركة (إيكيا). وأذكر أنني في حوار بيني وبين الدكتور طارق السويدان قلت له كيف تأتي بالموظفين المحترفين وهل تستطيع مساعدتي في إيجادهم فقال لي بالعامية (على إيدك) ويقصد بها أنه إذا كان لديك موظفون محترفون فساعدني أنت! ثم علق قائلاً إن مشكلتنا في العالم العربي أن ملايين الشباب عاطلون عن العمل، والشركات تعاني نقصاً في الكوادر المؤهلة! ثم أضاف: ان المشكلة تكمن في التعليم الذي يخرِّج أجيالاً غير مؤهلة لسوق العمل.

ومن وجهة نظري أن شبابنا يمتلك الكثير من الفرص والإمكانات لو أنه أحسن استغلالها، منها الصناديق التمويلية، وصندوق تنمية الموارد البشرية وبرنامج هدف والفرنشايز وغيرها، والأهم من ذلك هو وجود الوسائل المساعدة لتطوير أنفسهم والتي ستوصلهم إلى النجاح، ولكن المشكلة تكمن في ضعف الوعي وضعف الهمّة، وإضاعة أوقاتهم، فكم من ساعةٍ يقضيها الشاب يومياً في الاستراحات والمقاهي؟ ولو خصص منها (ساعة واحدة يومياً) يقوم فيها بقراءة كتب الإدارة وتنمية الذات وتطويرها التي تكتظ بها المكتبات كجرير والعبيكان وكذلك الألبومات الصوتية والمرئية التي تتضمن برامج تدريبية تقدم الكثير من المعلومات والمهارات في التخطيط وإدارة الوقت والتغيير الفعّال وإدارة المشاريع ومهارات الاتصال وغيرها من الكنوز العظيمة التي غفل عنها شبابنا والتي لو التزم الشاب في التزود منها بمقدار (ساعة يومياً ولمدة سنة واحدة فقط) لحصل على أكثر من 300 ساعة تدريبية (مع احتساب 65 يوماً من السنة إجازات) وعندها سيصبح إنساناً آخر (كعلم وفكر ومهارات) وأما التغيير فبيده هو، فالله يقول في كتابه الكريم (إن الله لايُغيِّر ما بقومٍ حتى يُغيِّروا ما بأنفسهم) أي أن الله سن قانوناً لايتحقق إلا بأن تكون البداية من الإنسان بنفسه أو الأمة أولاً ثم يأتي التدخل الإلهي. إن أغنى أغنياء العرب والعالم كانت بدايات غالبيتهم برؤوس أموال بسيطة جداً وكثير منهم كانوا موظفين، فسليمان الراجحي والجريسي والحريري كلهم بدؤوا موظفين في مؤسسات صغيرة، ولقد قرأت وتأملت في سير مئات القادة في قطاع الأعمال وغيره وفي مختلف القارات والأزمنة فوجدت أن غالبيتهم بدؤوا بدايات متواضعة، واعترضتهم صعوبات تحطِّم الجبال، ولكنهم صمدوا، وتفاءلوا وآمنوا بأهدافهم وأنفسهم، وشبابنا لديهم أمر إضافي مهم وهو (الإيمان بالله والتوكل والصدقة)، وذلك بعد استثمار الكنز الذي لديهم وفعل الأسباب التي توصلهم إلى قمم النجاح.

وقديماً قال أبو الطيب:

لولا المشقةُ سادَ الناسُ كُلهمُ

الجودُ يُفقرُ والإقدامُ قتَّالُ

وقال شوقي:

وما نيلُ المَطَالبِ بِالتمنِّي

ولكن تُؤخذُ الدُنيا غِلابا

* كاتب ورجل أعمال

majed@alomari.com.sa

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد