Al Jazirah NewsPaper Thursday  06/08/2009 G Issue 13461
الخميس 15 شعبان 1430   العدد  13461
إيقاعات
مَنْ المسؤول عن هذا؟!
تركي العسيري

 

قال صديقي وهو يقرأ أحد إعلانات الأطباء، التي يلقيها (السماسرة) من نوافذ السيارات على السياح العرب: ألا ترى أنهم يضحكون علينا ويستغلون سذاجتنا؟ تصور طبيب أسنان كتب في إعلانه عن قدرته على علاج الضعف الجنسي!

ما دخل الأسنان بالضعف الجنسي؟!

لم أجب وقتها؛ فقد كان الجو آسراً بما يكفي لسرحان لذيذ في تلك المدينة النائية الممطرة، وحين عدنا إلى الفندق، وشاهدنا عند بوابته باعة العقاقير التي يدعي أصحابها قدرتها العجيبة في إصلاح ما أفسده الدهر قلت: أيهما أصدق طبيب الأسنان أم هؤلاء الباعة الذين لم يكمل بعضهم تعليمه الأولي؟ على الأقل ذاك طبيب، وهؤلاء نصابون محترفون! ضحك وهو يقول بسخرية: يبدو أن أطباء الأسنان لديهم يعالجون من فوق إلى أسفل! مساكين نحن يا سيدي تقلصت أحلامنا، وتقازمت أمانينا حتى بات أقصى ما نتمناه رضا (أم العيال) والفوز بحبة (فياغرا) أو (سنافي) (اسمعوا يالسنافية) لنمارس من خلالها فحولتنا التي قتلتها رحى السنين العاتية وأمراض السكر والضغط.

تتبارى الدول المتقدمة في إنتاج السلاح (الذي جربوه فينا) وتصنيع العقاقير والمبتكرات لإسعاد البشر، ونحن نتبارى في متابعة آخر أخبار الأطباء الزائرين ممن يدعون القدرة على علاج أي شيء منتهي الصلاحية في أجسادنا، ثم يلهفون دراهمنا وحسن نوايانا، ويهربون.. وبعدها على من تدق مزاميرك يا دوود!

أتساءل بشفقة: لماذا سادت عيادات الضعف الجنسي، وخبراء (إعادة الشيخ إلى صباه) في كل مدننا وقرانا وأريافنا الجميلة.. التي كانت تعالج ضعفها وقلة حيلتها بالتوكل على الله وتجرع (المريس) و(الحلبة) وشيء من الأدعية المأثورة!

أنا أعرف أن ذاكرتنا العربية مثخنة بأخبار الفحولة حتى غدت مقرونة بالرجولة، مع أنني أعرف أبطالا صناديد في التاريخ لم يتزوجوا، ولم يبتلوا بهموم الأولاد، أو مشاكل النساء.

هل لدينا خلل ما في تركيبتنا الجسدية.. في جيناتنا الوراثية مثلا، تختلف عن باقي البشر في هذا العالم الفسيح.. أم أننا نعاني أزمة مرضية تنغص علينا عيشتنا وهناءتنا.

لقد بات السائح منا وبفضل ممارسات البعض منا.. محط أنظار بعض (البشر) الذين لا يتورعون في بيع أي شيء لا من أجل سواد عينيه بل من أجل سواد جيبه وسواد يومه!

تبقى نصيحة أزجيها لنفسي ولمن هو في عمري أو أكبر - أحسن الله خاتمتنا وخاتمتهم - بدلاً من البحث عن هذه اللذة الغابرة عبر الحبة الزرقاء وأخواتها، فإنني أنصحهم (ونفسي) بتعلم وممارسة بعض العادات المفيدة علّها تنسيهم قساوة الزمن وأفعال السنين العجاف.. وبعد أن يتعبوا يضطجعوا وسائدهم ويناموا، وسيكون نومهم ذاك عميقاً، وأحلامهم سعيدة.

جربوا.. وادعوا لي!!



alassery@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد