Al Jazirah NewsPaper Sunday  09/08/2009 G Issue 13464
الأحد 18 شعبان 1430   العدد  13464
ممر
ثقافتنا القانونية = صفر!
ناصر الصرامي

 

من منا لا توجد لديه مشكلة مع شركة أو بنك أو مؤسسة خدمات؟

بعد شراء سيارة أو بيت بالتأجير المنتهي بالتملك، أو حتى شراء قطعة أثاث أو وثيقة تأمين، أو تذكرة، أو بطاقة ائتمان، نوقع اتفاقية أو عقداً مع بنك - مثلاً - وندفع قبل أن نقبض، ثم نستمر في الدفع المنتظم شهرياً، وحين تحصل عاهة أو ضرر للسلعة أو الخدمة، نتجه لصاحب العلاقة ونستسلم لأمر ومشورة مندوب مبيعات بسيط، أو موظف بنك متدرب، ونتحمل المسؤولية والظلم والإجحاف على مضض، ونغادر بعد توقيعنا لأوراق طويلة وعريضة للتنازل وقبول الابتزار! وحين نكتشف حجم (الغبن) الذي حصل نستسلم، ونقبل الظلم المالي أو النفسي، وطبعاً لا نفكر برفع تظلم أو شكوى لمحكمة أو جهة اختصاص، والحقيقة أن قليلين جداً يعرفون رقم حماية المستهلك وعنوانها! ونكتفي بالشكوى من ظلم أنظمة لا نعرفها، فالفكرة التقليدية تقول لنا بسذاجة، إنه لا يمكننا مناطحة البنوك أو شركات التأمين والخدمات، التي لا تتوقف يومياً عن اقتناص ضعفنا واستسلامنا من أجل تحقيق أرباح إضافية بطمع.

ونمنحهم الفرصة من أجل امتصاص المزيد من أموالنا البسيطة أكثر من مرة، وفي كل مرة لا نفكر بقوة القانون أو احتمال إيجابية الأنظمة، وننسى أنه لا توجد دولة في العالم فقيرة أو غنية، إلا وتجتهد لحماية مواطنيها من خلال وضع محددات تحكم علاقتهم بالمؤسسات العامة والخاصة، لكن الأكيد أن المواطن لا يفكر بالقتال من أجل حقه العام والخاص مادياً ونفسياً، لا نبذل أي مجهود ونكتفي بدور الضحية.

صحيح أن لدينا ضعفاً عاماً في خلق ثقة بالأنظمة والقوانين واللوائح، رغم أن الكثير من التنظيمات والقوانين الصادرة خلفها رجال قانون أكفاء، وبذل مجهود كبير في مراجعتها قبل إقرارها وتثبيتها، إلا أن التفاعل العام معها على المستوى الشعبي يبقى متدنياً، وهو ما يرجعه البعض إلى غياب الثقة - أيضاً - في أجهزة القضاء أو لجان الاختصاص في اتخاذ أحكام وتنفيذها.

لكن تبقى الحلقة الأهم، والمتمثلة في ثقافة المجتمع القانونية المتدنية، حيث اللامبالة هي المسيطرة علينا، لنجد في الكسل مبرراً كافياً من أجل الاستسلام لواقع مجحف أو علاقة غير متوازية في اتفاقيات وعقود نوقعها حتى دون أن نقرأ تفاصيلها.

أخيراً.. أعتقد أننا بحاجة إلى جمعية أو تجمع لمحامينا - الكسلاء - لقيادة مشروع توعوي لثقافة القانون في المجتمع من أجل رفع مستوى هذه الثقافة، وتنشيط فكرة المطالبة بالحقوق الشخصية في أبسط الأشياء وأهمها لمواجهة مؤسسات وشركات الاستغلال.

نشر الثقافة القانونية سيعود بإيجابيات عدة، وسيحسن الحالي من الأنظمة والقوانين ويحارب الفساد والظلم في مستوياته، ويحفظ الحقوق.

إلى لقاء

* * *




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد