Al Jazirah NewsPaper Tuesday  01/09/2009 G Issue 13487
الثلاثاء 11 رمضان 1430   العدد  13487
طشقند ..
الانسجام بين الماضي والحاضر في ذكرى مرور 2200 سنة على تأسيسها

 

تستعد العاصمة الأوزبكية في أوائل شهر سبتمبر عام 2009م لاحتفال مرور 2200 سنة من تأسيسها، وفي إطار الاحتفالات الخاصة بالذكرى السنوية ستقام أنشطة وأعمال مختلفة حول دراسة التاريخ، وإحياء وصيانة الآثار التاريخية والأماكن المقدسة. ولهذه الغاية تنظم الندوات، والمائدة المستديرة والمؤتمرات.

على مدى 2200 عام قطعت طشقند طريقاً طويلاً للتطور في تاريخها - من القلعة القديمة المحاطة بجدار الدفاع إلى واحدة من أكبر المدن في العالم - عاصمة جمهورية أوزبكستان فإن تاريخ المدينة معقد وغني، حيث نقرأ صفحاته القديمة الآن في آثار معمارية رائعة تجذب بجمالها وانسجامها نتيجة مهارة المهندسين المعماريين من القرون الوسطى.

إن دور المدينة في تاريخ الدولة الوطنية والحياة الاجتماعية والسياسية للبلاد عظيم، وقد أسهمت المدينة إسهاماً كبيراً في تطور الحضارة العالمية، وتعتبر أوزبكستان مهداً للحضارة العالمية.

هناك عشرات الآلاف من الآثار المعمارية التاريخية، التي تدل على تاريخ من الآثار والعمارة وتحتوي المتاحف على كميات هائلة من المخطوطات والأشياء الفنية الثقافية التي تثبت التاريخ الطويل للشعب وتشير الأدلاء إلى أن الدولة الأوزبكية لها جذور عميقة في التاريخ.

فإن قرار رئيس جمهورية أوزبكستان بشأن (إعداد وعقد الاحتفال الخاص بالذكرى السنوية 2200 لتأسيس مدينة طشقند)، الصادر في شهر أبريل من هذا العام، يعتبر عاملاً مهماً في دراسة تاريخ المدينة، وبموجبه يستعد بلادنا للاحتفال بالذكرى السنوية للعاصمة الأوزبكية وفي هذا الصدد يعطى اهتمام بالغ لترميم وإصلاح الآثار التاريخية، وإنشاء المباني الحديثة، ومواصلة تطوير البنية التحتية الاجتماعية للمدينة.

خلال قرون عديدة عاشت الناس في طشقند، التي جعلتها مركزاً علمياً وثقافياً ورمزاً للسلام والصداقة بين الشعوب وأسهمت إسهاماً كبيراً في تطوير الحضارة البشرية التي نالت اعتراف المجتمع الدولي. الأمر الذي أدى إلى إعلان طشقند عاصمة للثقافة الإسلامية في عام 2007م باعتبارها ذات أهمية دولية كبيرة.

وجاء هذا القرار الدولي للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (الإيسيسكو) تقديراً عالياً لسياسة الرئيس إسلام كريموف الموجهة إلى إحياء الآثار الثقافية والأماكن المقدسة، والمحافظة على التراث الروحي الغني للمفكرين في بلاد ما وراء النهر ودعايته، ودور طشقند - إحدى أقدم المدن الكبرى في آسيا الوسطى - في تاريخ العالم.

فإن القرار الصادر عن الدورة الـ34 للمؤتمر العام لليونسكو في شهر نوفمبر 2007م حول الاحتفال بالذكرى السنوية الـ2200 لتأسيس مدينة طقشند ومشاركة اليونسكو في هذه الاحتفالات، يعتبر دليلاً واضحاً يشهد عن الاعتراف الدولي.

كما أكد العلماء أن اسم طشقند الحديث ظهر في أوائل القرن الحادي عشر أو على الأرجح قبل ذلك، لكن هذا لا يعني أن أقدم أسماء المدينة - بينكنت Binkent، وتشاتش Chach - قد سقط من التعامل، وفي القرن الثالث عشر الميلادي قد ضربت الأسماء الثلاثة للمدينة - بينكنت طشكنت وشاش - Tashkent, Binkent وShash على نقود تشغاتائية معدنية.

لكن قد حل اسم طشقند محل الأسماء الأخرى تدريجياً وعلى مساحة شاسعة للمدينة يقع عدد من المدن القديمة والآثار المعمارية - دليل ملموس على مسار تاريخي طويل للتنمية ابتداء من المستوطنات الصغيرة في الألفية الأولى قبل الميلاد التي سميت شاشتيبا Shashtepa حتى مدينة حديثة.

في العصور الوسطى كانت طشقند مدينة مزدهرة اشتهرت بالحرفيين حيث كانت منتجاتهم مرغوبة ومطلوبة عالية في الشرق الأوسط والأدنى، وكانت تلك المنتجات عبارة عن الأقواس، والسروج ومنتجات غيرها، وكانت المنتجات (الشاشية) الشهيرة من السيراميك في القرون العاشر إلى الثاني عشر كانت أفضل في العالم. وكانت أرض أوزبكستان وعلى وجه الخصوص طشقند، ملتقى الثقافات المختلفة دائماً، وهذا الأمر ترك انعكاسه على سكان العاصمة الحاليين، والمظهر المعماري يمثل تنسيق القيم الإنسانية العامة والوطنية.

تتوافق المباني الحديثة - الفنادق والمصارف وغيرها من المباني في وئام مع موقف دافئ من التقاليد ذاتية تجاه البلد. على سبيل المثال يمكننا مشاهدة عناصر الهندسة المعمارية الوطنية في بناء متحف تاريخ (الأمير تيمور) وقبة المجلس الأعلى ومبنى حكومة المدينة وغيرها من المباني.

فإن سمات سكان أوزبكستان احترام التقاليد والتراث والطموح إلى المستقبل والانفتاح على الاتجاهات الحديثة للثقافة العالمية، وسياسة الثقافة المستقبلية تجعل طشقند ممتعة وجذابة للسياح الأجانب ومريحة ودافئة لأهلها.

من سنة إلى أخرى أصبح مظهر طشقند القديمة أصغر سناً وأكثر جمالاً خلال 17 عاماً - فترة قصيرة نسبياً - حدثت تغيرات هائلة تساوي في أهميتها لعدة قرون. والاستقلال أعطى شعب البلاد فرصة للتحقيق الكامل لهويتهم الوطنية، وصوتاً عالياً لإعلان نفسه كوارث الأجداد العظماء حقاً الذين كتبت أسماءهم بأحرف ذهبية في صفحة تاريخ العالم.

أوزبكستان - كنز ثري للثقافة الروحية والمادية والتي تطورت عبر آلاف السنين. وبالاستقلال تغير الموقف من التاريخ الوطني والقيم الروحية والتقاليد. يتم إحياء الأعياد والتقاليد الشعبية لتعزيز الهوية الوطنية والكرامة من جميع الجنسيات المقيمين في أوزبكستان. تعود أسماء الشخصيات البارزة من نسيان الماضي.

حولت الأعمال التي أجريت تحت قيادة رئيس جمهورية أوزبكستان عاصمتها تحولاً جذرياً. تم بناء المباني الحديثة، وتطوير الشوارع والحدائق العامة، وافتتاح معارض الفنون والمتاحف والمجمعات الرياضية، إعادة بناء (ساحة الاستقلال) - الساحة الرئيسية - وتشكيل النصب التذكاري للاستقلال، الزقاق الذاكرة وبناء مبنى مجلس الشيوخ وقوس الإنسانية ومتحف تاريخ دولة تيموريين ومعرض للفنون الجميلة ومركز الأعمال وكذلك الفوارات الحديثة.

وحدثت التغييرات الهائلة في أجزاء أخرى في المدينة، حيث تم تشغيل الطرق والجسور الجديدة وبناء الحدائق والمنشآت الفريدة. قد تم تجديد الحديقة الوطنية الأوزبكية باسم علي شير نوائي وعشرات من المتنزهات الترفيهية للأطفال والأسواق والمطارات ومحطات السكك الحديدية. أقيمت الفنادق الحديثة والمتاحف والمصارف والمجمعات الرياضية.

طشقند - هو مركز الصناعة المتطورة، تعتمد على المؤسسات الضخمة مثل مصنع الطائرات بطشقند، ومصنع Uzkabel، (مصنع طشقند للجرارات) ومصنع المنتجات البلاستيكيةSovplastita وغيرها من الصناعات التحويلية أن القدرات والخبرات المكتسبة من الشهرة في الداخل والخارج.

ومع ذلك يتم إنشاء الشركات الجديدة باستخدام التكنولوجيا الحديثة. وفي عام 2007م ذاته تم تشغيل 28 مصنعاً حديثاً ينتج منتجات قادرة للتنافس.

وكما أكد اجتماع بحكومة طشقند المكرس للتنمية الاجتماعية والاقتصادية للعاصمة في النصف الأول من عام 2009م أن نصيب طشقند نحو 16% من الناتج المحلي الإجمالي، وما يقرب من 38% من حجم التجارة الخارجية و31% للخدمة والخدمات للبلد.

تستمر زيادة القدرة الإنتاجية للمنشآت الصناعية القائمة في المدينة. ومنذ عام 2000م في مصانع العاصمة زاد إنتاج الجرارات 3 مرات والأجهزة التلفزيونية الملونة 5 مرات ومكيفات الهواء 6.5 أضعاف، وإقامة 3000 مصنع علاقات اقتصادية مع الشركات والمؤسسات في أكثر من مائة دولة في العالم.

في العام الماضي تم تصدير المنتجات قدرها 2.6 مليار دولار أمريكي. وزادت الاستثمارات، وخلال السنوات الأخيرة تم جذب الاستثمارات قدرها 1.3 مليار دولار في القطاع الصناعي في مدينة طشقند.

في طشقند يوجد عديد من المؤسسات العلمية والهندسية ومنها معهد التقنية والفيزياء لأكاديمية العلوم الأوزبكية ومعهد الفيزياء النووية ومعاهد أخرى. إن العاصمة الأوزبكية - مركز ثقافي ضخم يضم عدداً من المسارح والمتاحف وقاعات العرض.

وقد كسب صندوق (منتدى الثقافة والفنون لأوزبكستان) الذي أسس في فترة قريبة احترام ليس مواطنيه فقط فحسب بل احترام المجتمع العالمي. اليوم يعمل ممثلوه في موسكو، باريس، طوكيو وبكين بنجاح.

يتمتع الشباب بالاهتمام والرعاية، وخاصة في السنة الحالية التي أعلنها رئيس الدولة عاماً للشباب، ونتيجة الإصلاحات الجارية في مجال الصحة تحسنت خدمات صحية لمواطني طشقند.

وتم بناء المركز الوطني لتقديم الخدمات الطبية في حالات الطوارئ، ومراكز طب العيون المجهرية وعلاج أمراض المسالك البولية وأمراض القلب والجراحة وبدأ تشغيل 10 عيادة ومراكز صحية.

ويعطى اهتماما كبيرا لتطوير التربية البدنية لأجل سلامة الشباب وأنماط حياتهم الصحية.

الآن في المدينة يوجد 2530 مرفقا رياضيا. قد تم بناء وتشغيل 30 أكاديمية ومدرسة و51 معهداً مهنياً. وهناك تعمل 32 مؤسسة تعليمية عليا. بعد الاستقلال فتحت في العاصمة 15 مؤسسة تعليمية عليا مرموقة جديدة مثل جامعة الاقتصاد العالمي والدبلوماسية وجامعة تكنولوجيا المعلومات وجامعة طشقند الإسلامية وغيرها. هنا يعمل عديد من فروع الجامعات الأجنبية مثل جامعة وستمنستر الدولية وجامعة موسكو الحكومية باسم م. لومونوسوف وغيرها.

تم منح القروض العقارية للأسر الشابة بمبلغ قدره 31 بليون سوم لبناء 22 مبنى متعدد الطوابق.

تجذب عاصمة أوزبكستان انتباه الكثيرين. ويعتبر برج التلفزيون بطشقند من أهم معالم العاصمة، والذي يصل ارتفاعه إلى 375 متراً ويحتل المرتبة الأولى في منطقة آسيا الوسطى، مترو طشقند - هو وحيد وفريد في آسيا الوسطى.

وفي الوقت الراهن تجري الأعمال التحضيرية للاحتفال بالذكرى السنوية للعاصمة، في هذا الإطار تم إعادة بناء الآثار التاريخية وأماكن العبادة والقيام برفع مستواها والعمل على بناء مشاريع جديدة، وكذلك تطوير البنية التحتية الأساسية الاجتماعية للمدينة.

يسمون المعاصرون العاصمة الأوزبكية ب(نجمة الشرق) و(سفير السلام) وتتوافق هذه الأسماء مع جوهر المدينة، التي تنير حياة شعبها وطريف السياح خلال أكثر من عشرين قرناً بصورة رمزية.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد