Al Jazirah NewsPaper Friday  18/09/2009 G Issue 13504
الجمعة 28 رمضان 1430   العدد  13504
مركاز
في مهب الريح!
حسين علي حسين

 

قبل سنوات شاهدت مسلسلاً يقوم أحد المشتركين فيه بدور مؤلف، حيث يؤلف رواية باسم (حنفي في مهب الريح!) وقد عرض هذه الرواية على كاتب أكبر منه سناً ومقاماً، ليقومها ويقدم النصح لمعالجة فجواتها، وقد قال الكاتب الكبير للمؤلف الناشئ بعد أن اطلع على الرواية (إن هذه الرواية لا جديد فيها، ليس من حيث المضمون فقط، ولكن حتى في العنوان، فهناك آلاف مؤلفة اسمهم (حنفي) أما (الريح) فهي مشاع للجميع وموجودة في البر والبحر، ولم يبق لك من جديد في هذه الرواية سوى كلمة (مهب) وهذه الكلمة وحدها -كما ترى- لا تشكل شيئاً، لذلك أنصحك بأن تُقلع من الآن عن الكتابة وتتفرغ لأكل عيشك في مكان آخر!!

وقد بدا لي بعد هذا المسلسل بسنوات أنه فتّح عيون الباحثين عن أسمائهم في الكتب والأفلام والمسلسلات على كنز لا ينضب اسمه (الأعمال الأجنبية) خاصة بعد أن رزقت الأمة العربية من حيث لا تحتسب بهذه الأقمار الفضائية والإنترنت التي تمطرنا على مدار الساعة بآلاف النصوص وبمختلف اللغات الحية والميتة، وليس على كل من يتوسم في نفسه معرفة لغة أجنبية مع توق لا ينضب للشهرة سوى المتابعة وانتقاء نصه، ليكن مثل (حنفي في مهب الريح) وإذا لم يعجبه هناك عشرات أو مئات غيره.

وقد أمطرتنا السينما والمسارح العربية في السنوات القليلة الماضية بالعديد من الأعمال المأخوذة نصاً وروحاً من أعمال أجنبية بعضها مشهور وأغلبها خامل الذكر حتى لا يلفت عيون الفضوليين، لكن الطاقة الكبرى ليست هنا، إنها الآن في القصص القصيرة والروايات، وقد أجمعت صحيفة عربية خلال وقت قصير، 17 رواية عربية مسروقة من روايات عالمية!! (في بلد واحد فقط).

لقد قرأت قبل عدة أعوام روايتين لكاتبين عربيين معروفين، كل واحدة منهما تكاد تكون رواية نسخة طبق الأصل لروايات عربية إحداهما للروائي التركي (يا بشار كمال) والثانية للروائي الألماني (فرانس كافطا) وقد قال لي وقتها بعض الأصدقاء إن المسألة لا تتعدى توارد الخواطر، ثم أنت يا حسين تعتمد على نصوص مترجمة، من ادراك إذا كان المترجم الذي قرأت النص عبره قام بترجمته بأمانة، نقترح عليك تعلم اللغتين التركية والألمانية وبعد ذلك مد رجليك على كيفك، وقد سمعت النصيحة فكففت رجلي تماماً، لكن ماذا تقولون الآن وقد كبر الشق على الواقع، فتمدد من المسلسلات والأفلام والمسرحيات والأغنيات إلى الشعر والقصة والرواية والمسرح.

فاكس: 012054137



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد