Al Jazirah NewsPaper Friday  18/09/2009 G Issue 13504
الجمعة 28 رمضان 1430   العدد  13504
الأشرعة
رسالة إلى الوطن..
ميسون أبو بكر

 

من جذوة القلب أوقد لك ثمانياً وسبعين شمعةً لأشعلها في عيدك يا وطن.. ومن رحيقه أملأ لك كؤوساً دهاقاً نخب فرحتنا بك في ذكرى تأسيسك.. ومن الكلمات أسيِّرُ لك قوافل حبٍّ وعشق... ومن نجوم السماء أقطف قلادة نور أزيِّن بها جيدك.

آه يا وطني.. يا حضنَ أمي.. يا انتماء الروح.. وبوصلتي إذا ما ضاق بي الكون وأضنتني الأسفار.. وتهت ما بيني وبيني.. يا نبض ذاكرتي إذا فاضت بي الذكرى لأعوام هي عمرٌ قضيته في أحضانك.. وأستدل بنارك إذا ما أضناني السراب في ربا صحراء موغلة في التيه، وأتنفس البحر على أطرافك إن ضاقت بي الدنيا فقصدت موجه أسمع هديرك من خلاله.. وأتنفسك وأتوحد بك.

يا حضن أمي يا وطن.. لأنه لما سلبني القدر فلسطيني كنت الملجأ والوطن.. ولما تاهت خطاي عن مئذنة في الأقصى وجدتني في رحاب مآذن الحرم بأرض إبراهيم وإسماعيل ومحمد - صلى الله عليه وسلم -.. وحين حاصرتني سهام غربتي وجرعت علقمها كان ماؤك عذباً زلالاً.. وليلك سباتاً.. وسراجك وهاجاً.. وسماؤك فوقي سبعاً شداداً.. وجناتك مآباً..

أيها الوطن الذي يرافق الروح في رحلة الحياة.. ويجري مجرى الدم في العروق.. يا قبلتي وسموألي ورحالي.. كلماتي كماء ثجاج منبعه القلب.. يتدفق منه ليهطل كالمعصرات حين تمر بأرضك.. فهل تُرى الكلمات تملك أن توفيك التكريم والحب؟

تفيض بي سلال الذاكرة.. تستيقظ داخلي الطفلة التي قصدتك منذ بواكير حياتها.. أردد نشيدك الوطني الذي أحفظه عن ظهر قلب.. فترفرف أعلامك الخضراء على ناصية القلب.. تمر الذكرى أمامي كعروس يوم زفافها.. بكامل حضورها وزينتها.. تنساب حائل كشلالاتها.. فتتلون الحياة بلون خضرتها وأزهارها..ثم تحملني اللحظة إلى مدينتي السيح فتحمل مع هبات ريحها الشوق وبذار مزارعها.. وحماماتها البيضاء.. فتتمايل نخلاتها.. وتصهل خيلها.. فتتعانق روحي مع أرواح ظلت تسكن بعض بيوت من طين صمدت رغم الزمن وبقيت أزورها أستحضر أهلها ومجدهم..

وطوراً أتشكل روضة من رياضك.. ونجمة في سمائك.. فأتناثر كعقد نور أكتب رسالة حب لك في عيدك.

وهناك حيث ديارك المقدسة أهفو فأسري بروحي أنشد النقاء والطهارة وأعرج منها إليها.. نفحاتي مشربة بنسغ قداستها حيث تُشدُّ الرِّحال..

أي المشاعر يا وطن نستطيع أن نحكيها، وأي الكلمات نقدر على حملها وسكبها والتعبير عنها؟

انتمائي إليك أكبر من أن يُحكى، وانتسابي لأرضك ليس بحاجة إلى إثبات، جُلَّ أن يكون مجرد حبر على ورق؛ لأنه أكبر وأسمى وأصدق من مجرد ورقة أو لفظ.

إذا ما ضاق صفّ الرفاق أن أكون بينهم لأهنئك سأكون في الصفوف الأولى دائماً في كل جمع ومناسبة ومكان أمثلك به بأمانة وفخر.. سأتحدث عنك وأحبك بالطريقة التي أرتقي بك بهذا الحب، سأعمل وأخلص.. وسيرى الله عملي ورسوله والمؤمنون، وإن حدَّثت سأصدق، وإن أحببتك سأوفي.. وسأعتبر أنَّ الانتماء الحقيقي هو بقدر ما أقدم لك ولأجلك.. ولا بد أن تبادلني المحبة جزاءً وفاقاً..

كل عام وأنت يا وطني بخير ومليكك بخير.. كل عام وأهلك الطيبون بخير، وأرضك وسهلك وبحرك بألف ألف ألف خير.. كل عام وأنا ابنتك وحبيبتك وعشيقتك... كل عام وأنت وطن يا وطني.






 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد