Al Jazirah NewsPaper Tuesday  22/09/2009 G Issue 13508
الثلاثاء 03 شوال 1430   العدد  13508
لبنان.. والخروج من النفق؟!
تركي العسيري

 

أرجو أن يشفع لي في هذا الطرح الحاد للحالة اللبنانية القائمة ما أكنه لهذا البلد الشقيق ولمواطنيه من محبة، وتقدير، ومعرفة بالدور الكبير الذي يلعبه في إضاءة زوايا العتمة التي تكتنف حياتنا من خلال ما تختزنه الذاكرة العربية من ضياء مشع ساهم في تنويرنا، وإشاعة قناديل الفرح والحب والتسامح والقبول بالآخر؛ غير أن ما يقوم به..

..اللبنانيون اليوم من محاولة لوأد الحلم اليعربي البهي الذي طالما تغنيا به، وحرصنا على أن يظل متوهجاً، ومتعالياً.. يجعلنا نتساءل: ما إذا كان اللبنانيون الذين عرفوا بالذكاء، والثقافة، والتحضر يشعرون بحجم الخطر المحدق بهم، وبفداحة الجرم الذي يرتكبونه فيما لو استمروا بحق هذا الوطن الجميل.. جرم تمزيقه، وتفتيته، وتسليمه لقمة سائقة لمن يريد تدميره، ووأد ديمقراطيته المشهودة.

الصراع القائم بين الفرقاء اللبنانيين يجعلنا نعتقد أن لبنان ليس وطناً أولاً لهم، بل هو وطن ثان.. بدليل عدم الاكتراث بتلك اللعبة القذرة التي تهيمن على المشهد السياسي اللبناني، والتي تغذيها أجندات خارجية مشبوهة لا تريد للبنان أن يبقى وطنا متعافيا، ومنارة يأوي إليها كل الباحثين عن نسمات الحرية، والثقافة، والإبداع، وإلا قولوا لي بربكم: ما تفسير ما يجري على أرض لبنان؟ ما تفسير وضع العراقيل أمام تشكيل الحكومة؟ فسروا لي أيها اللبنانيون.. هذه النوايا التدميرية التي تحيق بوطنكم، وهذا الخلاف العبثي غير المبرأ الذي يدق ناقوس الفوضى، وعدم الاستقرار، والتشرذم.

مهما تكن التبريرات فإن الجميع مسؤولون عن الحالة المخزية التي وصل إليها الوضع في البلد، في ظل غياب العقل والحكمة، والاستشعار بحجم الكارثة التي من الممكن أن تلتهم هذا الوطن البهي -لا سمح الله- الطائفة لن تكون بديلا عن الوطن.

المشهد اللبناني الحالي يفتقد وجود حكماء حقيقيين، ويشي إلى بزوغ نزعة تدميرية سوف لا تبقي ولا تذر.. ولن ينجو من نارها أحد.

في حمأة الصرع السياسي الدائر اليوم تبدو الأشياء واضحة كقرص الشمس، هناك نوايا مبيتة وأجندات خبيثة تديرها دول معروفة لا تريد الخير أو الاستقرار للبنان، هناك تنوع مذهبي وطائفي كان مثار إعجابنا.. أصبح مثار ريبة وخوف لما يمكن أن يحدثه هذا التنوع الفسيفسقاعي الذي ميَّز اللبناني عن غيره في الماضي.

على اللبنانيين الذين عرفوا بذكائهم، وثقافتهم، ووطنيتهم أن يعودوا إلى رشدهم، وليعلموا أن لا أحد سينتصر على أحد في لبنان.

لا أحد يمكنه الاستقواء على أحد، أو ترويضه، أو تحويله إلى مواطن ثان في أرضه حتى ولو ملك السلاح، الخاسرون هم اللبنانيون أنفسهم، والذين سيفقدون وطناً جميلاً، كنا نسميه (حديقة العرب) بتنوعه، وبهائه، وبقدرته على الإبداع والتجلي في شتى مناحي الحياة.

المطلوب الآن أن يستشعر أشقاؤنا اللبنانيون حجم الخطر الذي يحيق بوطنهم، الوطنيون الحقيقيون بإمكانهم أن يتحاوروا، ويتنازل كل طرف للآخر من أجل أن يبقى لبنان للبنانيين بعيداً عن أي تأثيرات خارجية.

ولعل العراقيل التي وضعت أمام تشكيل حكومة وطنية تُنبئ بوجود نيات غير بريئة لجر هذا البلد الجميل إلى الهاوية.

فرفقاً بوطنكم أيها اللبنانيون، إذ لا معنى لوجودكم إذا خسرتم وطنكم حتى ولو كسبتم العالم!!



alassery@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد