Al Jazirah NewsPaper Friday  23/10/2009 G Issue 13539
الجمعة 04 ذو القعدة 1430   العدد  13539
للرسم معنى
معارض تستهدف جيوب التشكيليين
محمد المنيف

 

لا نختلف على أهمية البحث عن الشهرة، ومنها الوصول إلى العالمية، لكن الأمر يتعلق بالسبل المتبعة لكسب هذا الهدف؛ فالطامة الكبرى أن تكون الغاية مبررة للوسيلة. هذا التعطش من قبل التشكيليين للحصول على هذه الصفة أو لسمعة دفع بعض المؤسسات أو الشركات التي وجدت في الفنون بكل أشكالها، ومنها الفنون التشكيلية، مصدراً للكسب والاتجار، إلى حجز قاعات عرض كبرى في عواصم دول ذات شهرة ثقافية أو اقتصادية ومساحة من الحرية طبقا لنظام كل دولة؛ لإقامة معارض للأعمال الفنية حيث تقوم بتقسيم تلك القاعات إلى مساحات صغيرة تؤجر على الراغبين من التشكيليين في الاشتراك في معرض يعلن عنه في مختلف وسائل الإعلام أو بتواصل المعنيين به مع التشكيليين مباشرة.

هذه المؤسسات تعمل (بذكاء)؛ حيث صنعت من هذا الأسلوب (مصيدة) لأصحاب القلوب الطيبة من التشكيليين الباحثين عن أقصر الطرق للشهرة، مع أن غالبية تلك المؤسسات قد تكون غير معروفة عالمياً في مجال الفنون، ولا تهدف بهذا الأسلوب إلى الارتقاء بذائقة المجتمع أو نشر الفن، ومع ذلك وجدت إقبالاً من بعض الفنانين الخليجيين للمشاركة المشروطة بدفع مبالغ باهظة لقاء عرض أعمالهم دون أن يتحقق لهؤلاء التشكيليين سوى رؤية سراب زادهم عطشاً وتعطشاً لتجربة أخرى، لعل وعسى.

هذا الواقع الجديد من أساليب اصطياد جيوب الفقراء لله من التشكيليين تلقيت خبره عبر دعوة من صديق للمشاركة في معرض بإحدى الدول الخليجية، تقوم عليه مؤسسة غربية، ولمعرفتي بتجارب مماثلة نصحته بألا يندفع، إلا أنه أصر على المشاركة سعيا لتحقيق تلك الشهرة المعتمدة على ما يدفعه من المال أكثر من اعتماده على إبداعه الذي سيجد الطلب والدعوات المجانية في حال تميزه وتحركه ابتداء من الداخل، مع العلم أن ما دفعه لإشراك عمل واحد له في هذا المعرض يضاف عليه تكلفة رحلته وإقامته لحضور الافتتاح يمكِّنه من تغطية تكاليف معرض كامل له في نفس الدولة.

هذا الصديق عاد أدراجه إلا من وجود اسمه وصورة لوحته في إصدار المعرض وبعض الصور التي التقطها مع بقية المشاركين.

أنا هنا لا ألوم صديقي، ولا ألوم من شارك معه من أبناء وطننا الحبيب؛ فللشهرة العالمية طعم ولذة تعمي البصيرة، مع أنهم شاهدوا آثار تلك الشهرة العابرة على زملاء آخرين سبقوهم في (مطب) لم يستوعبوا نتائجه إلا بعد حين، فالشهرة لا تأتي من الخارج إلى الداخل، وإنما تنطلق من أرض الفنان ومجتمعه، ولنا في تاريخ الفن الكثير من الشواهد.

إلى متى ونحن معشر التشكيليين ننظر إلى القفز أكثر من التأني في الخطوات، وننخدع بأي بارقة حتى لو كانت من غيمة صيف أو نرى كل بيضاء شحمة، فتجرفنا تيارات التبعية والركض خلف أوهام لا نهاية لها، وننسى أو نغيب أو نتجاهل حقيقة واقعنا الأجمل والأكثر أماناً في حال التفافنا حوله وتفعيله ليكون (سمننا في دقيقنا) كما يقول المثل الشعبي.

مثل هذه المشاركات تذكرني بدرجة الدكتوراه التي تمنح عبر مكاتب ومؤسسات لجامعات غير معترف بها، ومع ذلك يتفاخر بها أصحابها مع علمهم أن الآخرين يعلمون الحقيقة.

MONIF@HOT MAIL.COM



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد