Al Jazirah NewsPaper Friday  23/10/2009 G Issue 13539
الجمعة 04 ذو القعدة 1430   العدد  13539
ماذا يتعين على شركة ياهو أن تفعل؟
استير دايسون *

 

إن العديد من الناس يتصورون أن شركة ياهو أصبحت في حكم الميت: بعد أن تسبب المستثمرون في دفع أسعار الأسهم إلى الهبوط بنحو 20% تقريباً منذ الصفقة الأخيرة التي عقدتها الشركة مع مايكروسوفت. ولكن في اعتقادي أن الشركة الآن أصبحت في وضع أكثر قوة يسمح لها باكتساب حصة جديدة في الميدان، بدلاً من الدخول في معركة مع جوجل على حلبة قديمة زلقة. فقد بات بوسعها الآن أن تترك الأمر لمايكروسوفت.

والآن بعد أن حررت ياهو نفسها من حربها ضد جوجل، فقد أصبحت قادرة على العودة إلى جذورها باعتبارها شركة دليلية ساعدت المستخدمين في فهم العالم من حولهم. كانت ياهو قد بدأت في عام 1994 بالاستعانة بفريق من المحررين الذين قاموا بتمشيط الكم الضئيل من المعلومات الذي كان متوفراً على شبكة الإنترنت آنذاك وإعداد قوائم بأفضل محتوى ممكن، هذا إلى جانب الروابط. ثم ظهرت جوجل مع أداة آلية للبحث عن المحتوى -أي محتوى- فاستغلت ياهو تلك الخدمة قبل أن تطور قدراتها البحثية الخاصة.

ولكن العالم قد تغير. والمشكلة الآن ليست في العثور على المعلومات؛ بل في تصفية وتنقيح هذه المعلومات وهيكلتها. وأصبح تعبير «فرط المعلومات» مصطلحاً متداولاً.

لم يعد بوسعنا الآن الاعتماد على محررين بشريين؛ بل إن الأمر يحتاج إلى أدوات آلية ناتجة عن تراكم الخبرات البشرية في كل حقل من حقول المعرفة بعينه. ولكن البحث بمفرده لا يكفي، فالبحث كمثل تسليط ضوء مصباح يدوي داخل غرفة مظلمة؛ فهو يظهر شيئاً أو شيئين ولكنه يترك الفضاء المحيط مظلماً غامضاً. وما يحتاج الناس إليه بالفعل هو غرفة مضاءة بالكامل، حيث تظهر الأشياء معروضة ومرتبة بدقة على رفوف تحمل بطاقات تعريف.

وهذا هو ما فعلته مايكروسوفت مع شركة بينج، في عدد قليل من المجالات ذات التوجه التجاري. ولكن الفرصة تذهب إلى ما هو أبعد من عالم التسوق، إلى كل الأشياء التي تساعدك جوجل في البحث عنها والعثور عليها (وهو أمر جذاب للغاية ولكنه في النهاية محدود باعتباره عرض عمل).

إن الفرصة الأعظم السانحة أمام ياهو تكمن في ثروات وعادات مستخدميها المسجلين الذين بلغ عددهم نصف مليار، في صورهم وصداقاتهم وبياناتهم الإلكترونية التي أصبحت الآن واسعة ومعقدة إلى الحد الذي يجعلها في حاجة إلى إدارة فعّالة.

هذه هي فرصة ياهو لتفسير العالم وجعله مفهوماً بالنسبة للأفراد. إن العديد من الشركات القائمة تتولى الريادة على هذا الطريق، ولكنها لا تمتلك الكم الذي تتمتع به ياهو من الثقة؛ ولا تتمتع بتلك القاعدة العريضة من المستخدمين الذين سوف يمكنون ياهو من تمديد الإنقاذ والإدارة إلى المشاركة، بحيث يصبح المستخدمون قادرين على إدارة بياناتهم الخاصة في سياق بيانات الآخرين.

إن الناس ينفقون قدراً كبيراً من الوقت في البحث عن أشياء جديدة، ولكنهم في العديد من الحالات يرغبون في ربط هذه الأشياء الجديدة بأمور قديمة أو بمعلوماتهم الخاصة على وجه التحديد. وهناك ميل متفرق بين الناس ولكنه يتزايد تركيزاً مع الوقت نحو إدارة معلوماتهم بأنفسهم على شبكة الإنترنت ليس فقط بياناتهم المالية على Mint أو Wesabe، بل وأيضاً مراجعهم من الكتب على موقع أمازون، وسجلات هواتفهم الخلوية على Skydeck، وأنشطتهم البدنية على Nike و Garmin وما إلى ذلك، وصداقاتهم والأنشطة التي يمارسها أصدقاؤهم Facebook/Friendfeed وغيرها، وسفرهم Dopplr and TripIt، وصحتهم Polka.com، وموسيقاهم iTunes, IHeardItOn ، وهكذا.

إن البحث على شبكة الإنترنت يحملك إلى أماكن حيث يمكنك حجز التذاكر للسفر، أو شراء الموسيقى، أو البحث عن حارات المشي، أو شراء وبيع الأسهم، ولكن هذه المواقع عموماً ليست حيث يستطيع المستخدمون تجميع وإدارة وتحليل محتواهم الخاص ومعلوماتهم الخاصة. ومن الممكن أن تسد ياهو ذلك الفراغ.

ولكن ماذا يعني هذا من وجهة النظر التجارية؟ إن التحرر من التشتيت الناجم عن الحروب الدائرة بين محركات البحث من شأنه أن يسمح للشركة بالتركيز على جعل تجربة التعامل مع ياهو بالكامل أكثر اتساقاً وتكاملاً. وفي الداخل، فإنها تحتاج إلى الجمع بين خدماتها على نحو أوثق. ولقد أتاحت ياهو بالفعل لمستخدميها فرصة الدخول على جميع خدماتها بتسجيل دخول واحد، بما في ذلك البريد الإلكتروني والاطلاع على الأحداث والمناسبات القادمة (الأحداث)، و Flickr الصور ومقاطع الفيديو). والآن تيسر صفحتها الرئيسية الجديدة لمستخدميها مجموعة متنوعة من الخدمات في مكان واحد.

إن مستخدمي ياهو يعلمون ما تعرفه ياهو عنهم: ليس من خلال سجل لجميع المواقع التي زاروها، ولكن بالتعرف على سلوكهم على ياهو، وربما بياناتهم. ولكن المستخدم وليس ياهو هو الذي يستطيع اتخاذ القرار بشأن ما يستطيع تقاسمه من معلومات مع شركة الخطوط الجوية البريطانية على سبيل المثال. وبالنسبة للمهتمين فإن هذا يشكل أمراً بالغ الأهمية؛ أما غير المهتمين فسوف يدركون فقط أن ياهو تتمتع بسجل طيب فيما يتصل بالكشف عن المعلومات في اتجاهين.

ولتحقيق هذا الوعد العريض، فيتعين على ياهو الآن إما أن تشتري أو تبني مجموعة متنوعة من الخدمات التي تساعد المستخدمين على إدارة بياناتهم الخاصة. والخدمات الموصوفة آنفاً تشكل بداية طيبة، ولكن هناك العديد من الخدمات الأخرى، وياهو تمتلك الأدوات اللازمة وتتمتع بالعدد الكافي من جمهور المستخدمين لبناء خدمات خاصة بها.

إن أياً من ذلك لن يكون بالمهمة اليسيرة. بل إن الأمر قد لا يقل تعقيداً عن تصميم محرك بحث جديد. ولكن الأمر يستحق المحاولة. ذلك أن المرأة قد تمثل بالنسبة للكثير من الناس الأداة الأكثر فتنة وسحراً في العالم.

خاص «الجزيرة»
* رئيسة شركة edveture القابضة



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد